ما هو النثر

تنقسم الفنون الأدبية الإبداعية إلى قسمين، هما: الشعر والنثر، ولكنّ الشعر يتقيّد فيه المبدع بوزن وقافية، أمّا النثر فلا قيود تفرض على المبدع، وكما يتفرّع الشعر إلى فروع عديدة، كالشعر العمودي أو التقليدي و الشعر الحر والموشحات والبند والمخمسات وغيرها كذلك النثر يندرج تحته عدد من الالوان، منها: القصّة والرواية والمسرحية والخواطر والخطابة والمقامات والرسائل وغيرها من الألوان. وإن كانت بعض الألوان النثرية قد انقرضت، ولم يعد أحد من الكتاب والأدباء يطرق بابها كالمقامات التي ظهرت في العصر العباسي على يد بديع الزمان الهمذاني، وقلّده عدد من الكتاب بعد ذلك، إلا أنّ هذا اللون اندثر في هذا العصر، ومثل ذلك الرسائل الفنية التي انقرضت وعزف عنها المبدعون، وسادت فنون لم تكن موجودة بصيغتها التي عليها اليوم، كالرواية والقصة القصيرة.
وإن كان بين الشعر والنثر مواطن خلاف فإنّ بينهما مواضع اتفاق، فكلاهما تعبير عن المشاعر والأفكار الإنسانية، أي أن الشعر والنثر يعدّان وسيلة للأنسان يوصل عن طريقها أفكاره و مشاعره وأحاسيسه إلى الآخرين، ويشتركان أيضا بمادة واحدة، فمادة الشعر والنثر هي اللغة الأدبية العالية التي تنساب المياه من كلّ أجزائها لتروي ظمأ المتلقي وتقدّم له حلولا واقتراحات جديدة و أفكارا غير مسبوقة، وتثير في نفسه مشاعر وتساؤلات عديدة.
إذن النثر هو فنّ أدبي لا يُرسم له حدود، ويُجبر على الدوران خلالها فقط، ولا يبرحها كما هو حال الشاعر الذي يصطدم بعساكر القافية وحكم الوزن الصارم الدكتاتوري الذي لا يقبل ثورة ولا احتجاجا، لكنّ مبدع النثر ملزم أن تكون كتابته أدبية تحمل إيحاءات ودلالات متنوّعة، وتشيع فيها الاستخدامات البلاغية التي تزيّن النصّ كما تفعل الماشطة حين تجمّل العروس ليلة زواجها، ومن هذه الاستخدامات التشبيه والاستعارة بشقيها، والمجاز بعلاقاته المختلفة، والكناية، وتكثر فيها المحسنات البديعية كالطباق والجناس والمقابلة والتورية، وتتعدد الأساليب اللغوية الخبرية والإنشائية كالاستفهام والنداء والنهي والنفي والتعجب والترجي والتمني والتحضيض والأمر و غيرها، ولا يمكن أن تتجلّى الصور الفنيّة وجماليات النصّ إلا عن طريق الخيال، فهو الذي يساعد على توليد تلك الصور والجماليات، وكلّما كانت الصور جديدة وغريبة كلما أثارت الدهشة ولفتت الانتباه. كما يجب أن يُشمّ من الكتابة النثرية رائحة العاطفة إن لم تكن تسبح بالعاطفة، أي أنّ النصوص النثرية لا تخلو من العاطفة إلا في ما ندر.
ولا يعني أنّ الناثر يحظى بحرية أكثر من الشاعر أنّ النثر ليس له قواعد أو عناصر يجب أن يلتزم بها الناثر، بل كل لون نثري يقوم على عناصر محددة لا يسمّى بدونها باسمه، فالمقامات مثلا تلتزم براوٍ وبطل وموضوع واحد، وطريقة لغويّة متكلفة، إذ يغزو صاحب المقامة على جبل الكلمات القديم الذي لم يعد يصعد إليه أحد ليلتقط منه بعض الكلمات وينثرها في مقامته، وفي القصة والرواية يُلزم القاصّ والروائي بعناصر محددة لا تكون القصّة أو الرواية دونها كالزمان والمكان والعقدة والحبكة والشخوص والحوار والصراع، ويجب أن تدار القصّة وتحبك حبائلها باتقان، فليس الأمر هينا وإلا لأصبح الجميع قصاصا أو روائيين، وقد تكون كتابة القصّة أو الرواية أصعب من الشعر لكثرة العناصر الواجب توافرها والتقنيات السردية كالاسترجاع والاستباق والوصف والمناجاة أو ما يسمّى في السرد (المونولوج الداخلي).
ولا بد من القول بأنّ هناك ألوانا من الأدب تصنّف مع النثر، كالأبحاث العلمية والمناظرات، لكنّها توصف بالنثر العلمي، إذ على صاحبها أن يورد الأدلة والحجج والبراهين بطريقة علمية، ويبتعد عن الكتابة الأدبية ذات الإيحاءات قدر الإمكان، ويجنح إلى الدقة في ذكر المعلومات والأرقام، ويشير إلى أصحابها بأمانة، فالبحث العلمي أو المناظرة يقوم على الدقة في المعلومات والتوثيق أي إحالة الكلام إلى صاحبه الأصلي، وإذا حدث أن ذكر صاحب البحث العلمي أو المناظر معلومة أو نصّا ما دون الإشارة إلى صاحبها ومصدرها الذي وردت فيه فإن ذلك يعدّ سرقة أدبية.
النثر إبداع عقلي على مريده أن يتراكم لديه كم هائل من المفردات التي لا تأتي إلا بالقراءة والاطلاع، على أن تصاغ تلك المفردات بثوب أسلوبي جميل يفتن كل من ينظر فيه، وهذا يعني أنّ المفردات وحدها لاتكفي، فالمفردات بحاجة إلى حبك و أسلوب متميّز،لذلك يتوجب على المبدع أن يطلع على الأساليب اللغوية و أن يكون متبحرا في اللغة عارفا بدهاليزها الكثيرة وتشعباتها العديدة، وعالما بالبلاغة والأدوات التي تزيد النصّ جمالا ًو تألقاً.

يسلمو كثير عالموضوع المفيد
يعطيك العافيه

شكرا ياغاليه ع المرور

رووووووعه 

شكرا على المشاركه الرائعه 

دمت بصحه وعافيه 

تحياتي

يعطيك الف الف عافيه

موضوع رااائع

وجهود أروع