تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :السؤال : لدي صديق أجنبي يُؤْمِن بالأم الطبيعة ، ولا يؤمن بالله ، وسألني سؤالا ، وليس عندي علم ، قال لي : إذا كان الله موجودا فلماذا يسمح للبشر بتدمير بعضهم بعضا ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا:
الأدلة على وجود الله تعالى ووحدانيته وأنه الخالق المدبر لا تحصى كثرة، ومنها الإنسان نفسه وما فيه من بديع خلق الله وصنعه ، فإنه من البدهي أن الإنسان لم يخلق نفسه ، وأن الطبيعة الجاهلة لم تخلقه ، بل خلقه خالق عليم حكيم مدبر، ولهذا قال تعالى: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ) الطور/35، 36 .
وقال: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) الذاريات/21 .
وينظر في أدلة وجود الله: جواب السؤال رقم : (26745) .
ثانيا:
النقاش مع الملحد ينبغي أن يبدأ من هذه النقطة ، وهي إثبات وجود الله تعالى، وحكمته، وعلمه ، ثم بيان الحكمة من خلق الخلق وإيجادهم ، وأن ذلك لعبادته وطاعته كما قال: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) الذاريات/56- 58 .
وأن الله تعالى أقام هذه الحياة على سنة الابتلاء والامتحان، كما قال: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) الملك/1- 2.
وهذا الابتلاء والامتحان ، يتم بوجود التفاوت بين الناس في الخير والشر، والإيمان والكفر، والفقر والغنى، والقوة والضعف.
فأهل الإيمان المفلحون ، ينقادون لأمر الله ، ويستجيبون لرسله ، ويحسنون إلى خلقه.
وأهل الكفر والمعصية ، يعاندون ، ويتمردون، ويسيئون، ويظلمون.
وقد وعد الله أهل الإيمان والطاعة، بالنعيم المقيم، والفوز الكبير في جنات النعيم، وتوعد أهل الكفر والعصيان بالنار والعذاب في الآخرة.
وما يجري في هذه الحياة من ظلم وبغي وفساد، هو جزء من مجال الاختبار والامتحان، ولو شاء الله لأهلك الكافر والظالم، كما قال سبحانه: (وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ) محمد/4- 6 .
وقال سبحانه: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ) البقرة/253 .
وأخبر تعالى أنه قد يترك المعتدي، ويمهل الظالم، ويملي للكافر، ليزداد إثمه وعذابه في الدنياوالآخرة، كما قال: (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (182) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) الأعراف/182، 183