"مقدمة"
كرّم الإسلام المرأة تكريمًا عظيمًا، فبعد أن كانت المرأة
في عصور الجاهليّة تُعامل معاملة مهينة، جاء الإسلام
ليعلي من شأنها، ويؤكّد على أنّ النّساء هنّ شقائق الرّجال
ونصف المجتمع الذي لا يُستغنى عنه بحالٍ من الأحوال،
ولقد كان من مظاهر تكريم المرأة في الشّريعة الإسلاميّة
أن فرض الله تعالى على نساء الأمّة لبس الحجاب، وحين
تنكر المجتمعات الغربيّة الحجاب وتعتبره تخلّفاً عن ركب
الحضارة والتّمدّن فإنّها تتناسى أنّ ما تعتنقه من دين قد أكّد
على هذه الفرض، قبل أن تتسلّل أيدي العابثين إلى شريعة
الله وكتبه فتُحرّف الكلم عن مواضعه، فالحجاب هو فريضة
عرفتها البشريّة من قبل في جميع الشّرائع السّماويّة التي
نزلت على الأنبياء من قبل كاليهوديّة والمسيحيّة.
"معنى الحجاب"
تعريف الحجاب
الحجاب في اللغة:
السّتر، يقال حجب الشيء يحجبه حجباً وحجاباً وحجبه: ستره،
ويُقال امرأة محجوبة: أي قد سُتِرَت بستر.
الحِجاب فى الاصطلاح:
لباس شرعيّ سابغ، تَستَتِر به المرأة
المسلمة؛ ليمنع الرجال الأجانب من رؤية شيء من بدنها.
" صفات الحجاب الشرعى "
ينبغي أن يتّصف الحجاب بمجموعة من الصفات حتى يكون شرعياً،
وقد نصّ الفقهاء على مجموعة من تلك الصفات، ويمكن إجمال
ما تمّ اشتراطه من تلك الصفات فيما يلي:
1 . ينبغي أن يكون الحجاب الذي ترتديه
المرأة المسلمة ساتراً لجميع
جسدها بداية من أعلى الرأس وانتهاءً بأسفل القدمين،
ويُستثنى من ذلك الوجه والكفين؛
حيثُ اختلف أهل العلم في وجوب تغطيتهما،
وجمهور أهل العلم على أنّ الوجه والكفين لا يجب تغطيتهما؛ فهما
لا يدخلان في المقصود بالحجاب،
مستدلين بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله
عنها:{يا أسماءُ إنّ المرأةَ إذا بلغتِ المَحِيضَ لم يَصْلُحْ أن يُرَى منها
إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهِه وكَفَّيْهِ}،
ووجه الاستدلال أنّ المصطفى -عليه الصلاة والسلام- استثنى
الوجه والكفين من التغطية فلم يدخلهما فيما يجب على المرأة
تغطيته من جسدها؛ مما يدل على جواز كشف الوجه والكفين.
2 . ألّا يكون الحجاب رقيقاً يُظهِر ما تحته؛ فلا يصح أن يكون
الحجاب شفافاً يُظهِر ما تحته من الجسم أو الثياب . قال رسول
الله صلى الله عليه وسلَّم { سَيَكُونُ آخَرَ أُمَّتِي نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ
عَارِيَاتٌ ، عَلَى رُءُوسِهِنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ ، الْعَنُوهُنَّ ، فَإِنَّهُنَّ مَلْعُونَاتٌ}
3 . ألّا يكون الحجاب فيه تشبّه بالرجال أو فيه شيء من صفات
لباس الرجال؛ فقد ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- نهيه عن
التشبّه بالرجال، فقال { لَعَنَ اللهُ المُتَشَبهِينَ مِنَ الرّجالِ بالنّسَاءِ،
وَالمُتشبِهاتِ مِن النّسَاءِ بالرّجَالْ } ؛ و قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
{ ثَلَاثٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ، وَلَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْعَاقُّ
وَالِدَيْهِ ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ، الْمُتَشَبِّهَةُ بِالرِّجَالِ ، وَالدَّيُّوثُ} ،
فلا يجوز للنساء بناءً على ذلك التشبه بالرجال .
4 . أن يكون الحجاب فضفاضاً واسعاً؛ فمن الواجب في صفات لباس
المرأة المسلمة ألاّ يكون ضيّقاً يُفصّل معالم جسمها وتفاصيله، وهذه
الصفة في الحجاب تشمل كل الجسم، فالحجاب ليس مقتصراً على ستر
الرأس وتغطيته فقط.
5 . ألّا يكون في الحجاب رائحة عطرٍ أو بُخور واضحة يُشتمّ رائحتها .
وقد جاء في الحديث: {أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا
رِيحَهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ}
6 . ألّا يكون الحجاب الذي ترتديه المرأة من لباس الشُهرة؛ أي
ألّا يكون الحجاب واللباس لباساً تشتهر فيه المرأة؛ مما يكون فيه
من الإسراف
7 . ألا يشبه لباس الكافرات فقد مُنِع التّشبه بالكفار فقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ }.
"امور تجعلكى تحبين حجابك "
كي تتمكّن المرأة من محبّة الحجاب الذي ترتديه؛
يتوجّب عليها أن تتذكّر عدداً من الأمور عند لبسها لحجابها:
1 . أنّ الحجاب شريعة الله سبحانه، وواجب المسلمة تجاه هذه
الشريعة الانقياد والطاعة، قال الله سبحانه: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ
وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ
مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا}؛
ففي هذه الأية الكريمة بيان أنه لا يجوز الإعراض عن أمر
الله سببحانه وأمر رسوله -عليه الصلاة والسلام-بعدم الامتثال
له، ولا ينبغي أن يكون في نفس المسلمة حرج أو ضيق في
تطبيق أحكام هذه الشريعة.
2 . يُعتبر الحجاب لباس المؤمنات بالله سبحانه؛ فقد قرن الله
عزّ وجلّ ذكر الحجاب في كتابه الكريم بصفة الإيمان في كثير
من المواضع التي جاء فيها إشارة إلى وجوب لبس الحجاب،
ومثال ذلك قوله عزّ وجلّ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ
وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ
فَلا يُؤْذَيْنَ}، وفي موضعٍ آخر قال سبحانه: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ}.
3 . بالحجاب تتميّز المرأة العفيفة الطاهرة عن غيرها من النساء؛
فالحجاب علامة شرعية مميّزة للمرأة المسلمة صاحبة العفة؛ فقد
قال الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ
يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ}.
4 . الحجاب جمال وحماية للفتاة المسلمة؛ فالإسلام بتشريعه
للحجاب يدفع أسباب الرّيبة والفتنة والفساد.
5 . الحجاب طهارة لقلوب المؤمنين والمؤمنات، فعند الالتزام
بالحجاب تصل المرأة إلى الطهارة والعفة .
6 . حجاب المرأة يُعتبَر من التقوى ودليل عليه، فقد قال الله
سبحانه: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا
وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } ؛ فمن
تَكُن التقوى ملازمتها في كل حال؛ فإنها ولا بد ستلجأ لارتداء
الحجاب الشرعيّ لتستر نفسها عن أعين الناس خوفاً من الله
سبحانه وتعالى، والتزاماً لأمره ، وسعياً لنيل رضوانه من خلال
الالتزام بجميع الأوامر الشرعية.
7 . يُعتبر الحجاب الشرعي حياة للمرأة؛ وذلك لأن الحجاب الشرعي
حياء، وحياء المرأة حياتها، فالحياء يزيّن النفس ويجمّلُها ويدعو
للعفّة والفضيلة.
8 . الحجاب يدعو المرأة إلى سِتْر نفسها عن أعين الرجال إلا
عن زوجها ومحارمها، وهذا يُناسب طبيعة الرجل الجِبِلّية من
غيرتِه على زوجته ومحارمه ، و يُناسب طبيعة المرأة إذ أن
من طبيعة المرأة الحياء
"فضائل الحجاب"
فرض الله الحجاب لحكم وأسرار عظيمة، وفضائل محمودة، وغايات
ومصالح كبيرة، منها :
1 . طهارة القلوب
2 . مكارم الأخلاق
3 . علامة على العفة
4 . حفظ الحياء
5 . الحجاب للمرأة ستر و هذا من التقوى
6 . علامةٌ على الإيمان.