رودينا : يا ربي اعمل ايه بس ... دا انا ما لحقتش ...
وبداءت في محاولة افاقتها ...
كانما حدث اصابها بالشلل التام ...
ت تهزها بقوة وهي تحرك راسها يمينا ويسارا حتي تفيق وهي تناديها ...
رودينا : تالي فوقي عشان خاطري فوقي ... تالي انا هموت كدا يلا فوقي ...
لكن ما من مجيب ...
رفعت راسها ونظرت الي السماء ...
رودينا : يا رب ساعدني انا لسي اول يوم ليا هنا بلاش ياخدوا عني فكرة وحشة ويفكروني منحوسة ...
نظرت اليها وهي نائمة بين يديها وفي حضنها ... كانت كالملاك تنام في وداعة ... كانت بعض خصلات شعرها متناثرة علي وجهها ... ابعدتها عنها ومسحت علي وجهها بيدها وقبلتها من جبينها وخدها ...
رودينا : مش عارفة عملتي ايه فيا يمكن مش اعرفك ولا تعرفيني بس شكلك محتاجاني معاكي ومش عارفة اللي هعمله دا صح او غلط بس حرام ملاك زيك يتعذب بالشكل دا ... ايه يعني لما ابقي مامتك لو دا هيسعدك انا موافقة المهم انك تفوقي وترجعي تتكلمي معايا تاني ...
كانت تنظر اليها متمنية ان تعود اليها مرة اخري ...
لحظات ووجدتها ترمش وبداءت عيناها تتفتح من جديد لتظل متعلقة بها ...
كانت تمسح بيدها علي راسها ...
رودينا : هاي ...
تالين : ماما ...
لم تعرف كيف تجاوبت معها وعيناها ممتلئة بالدموع ...
رودينا : ايوة انا ماما ...
تالين : رجعتي من السفر خلاص ... تذكرتيني ...
رودينا : اكيد فكراكي ...
تالين : وليش ما اتذكرتيني قبل شوي ...
ارتبكت وحاولت ان تجد ما يسعفها ...
رودينا : معلش حبيبتي سامحيني ... سامحي ماما ... الوحش اللي خطفني كان ...
وتلفتت حولها محاولتا ان تجد ما تقوله ...
تالين : ايه خلاكي تنسيني وما عدتي تتذكريني ومشان هيك ما حكيتي معي قبل هيك ...
احست بكلماتها كطوق النجاة بالنسبة لها ...
رودينا : اه شوفتي ازاي ... وحش الوحش دا ...
تالين : وحشتيني كتير ماما ...
وضمتها بقوتها الصغيرة ...
لم تعرف كيف احاطتها وضمتها اليها بقوة وهي تقبل راسها ...
رودينا : وانت اكتر تالي ... انتي اكتر ...
تالين : ما تخيلت اني بشوفك تاني وهون بالحضانة ماما ... ما فكرت تكوني انتي الميس الجديدة الي ...
رودينا : اه شوفتي ...
لم تكن تعرف كيف تدير الحوار معها خاصتا وهي تعلم انها تمثل عليها وهذا ما لا تتقنه ابدا ...
تالين : لك ماما ليش ما بتحكي شامي ...
رودينا : هااااااااااااااا ...
تالين : شو ماما ما عدتي تحكي شامي ...
حاولت التهرب منها ...
رودينا : تالي حبيبتي ايه رائيك نخلي الاسئلة دي كلها لبعد ما نخلص مواعيد الحضانة وبعدها نقعد نحكي ونتكلم زي ما انتي عايزة ...
تالين : ماشي لك راح تروحي معي مو هيك ...
فتحت عيناها بقوة ...
رودينا : اروح معاكي ... " وفي بالها " ... ايه الورطة دي بس ...
تالين : شو ماما ما بدك تكوني معي انا وبابا ...
نظرت اليها ...
رودينا : " في بالها " ... هي كمان فيها بابا ... " عادت اليها " ... بصي ايه رائيك انك دلوقتي تروحي فصلك وبعد ما نخلص نبقي نشوف مين هيروح مع مين ...
تعلقت بها ...
تالين : ما بسيبك تاني ... ما بسمحلك تبعدي عني مرة تانية ...
رودينا : اكيد ... اكيد ...
ابعدتها برقة عنها ...
رودينا : يلا يا قمر علي الفصل واستعدي عشان انا في الفصل مش هعاملك علي انك بنتي ...
تالين : شو ما بدك حدا يعرف ...
رودينا : شاطرة ... انا مش عايزة حد هنا يعرف اننا نقرب لبعض خالص لحد ما انا اقولك قولي ... ماشي ...
تالين : ماشي ...
وقفت امامها وقبلتها من خدها ...
تالين : انا رايحة هلا ...
داعبتها من خدها ... وتركتها لتجري الي فصلها ...
كانت تتابعها حتي اختفت من امام عيناها ...
وقفت ودخلت الي غرفة المدرسات لتلقي بجسدها علي اقرب كرسي قابلها واضعتا راسها بين يديها ...
رودينا : ايه اللي انا عملته دا ... ازاي اسمح لنفسي اني اضحك عليها وافهمها اني امها ... " رفعت وجهها " ... لا هي اللي قالت عليا اني امها وبصراحة صعبت عليا قوي وما عرفتش اعمل ايه خصوصا وهي بتعيط ... والحل ... مش ممكن افضل اكدب عليها كدا ولا يمكن اروح معاها زي ما هي طلبت ... هي طفلة صحيح بس ابوها ايه هيصدق هو كمان الهبل دا ... دا اكيد اول ما يشوفني هيبلغ عني اكيد ويتهمني بالغش والخداع واكيد هخسر كل حاجة ... لا انا لازم اوقف المهزلة دي قبل ما تكبر والحمد لله البنت شاطرة وشكلها بتسمع الكلام ايوة انا افهمها بعد ما نخلص مواعيد الحضانة اني مش امها وان هي حصل معاها لبس في الموضوع ... ايوة هو دا اللي لازم يحصل ...
واخذت تجمع اشيائها ووقفت لتضبط ملابسها ثم اخذت نفسا عميقا واتجهت الي فصلها
ل يوم لها مع تلك القلوب الصغيرة والبريئة ...
كان قد وصل الي مقر عمله ...
ما ان ظهر علي شاشات المراقبة للمبني حتي انقلب الوضع الي خلية عمل ... الكل في حركة مستمرة لا يستطيع معها احدا ان يتكلم ولو لثانية واحدة ...
دخل الي مكتبه وكالعادة دخل اليه عامل البوفيه مع قهوته المخصوصة وبعدها دخلت سكيرتيرته الخاصة ومديرة مكتبه لتضع امامه ملفا يحتوي علي الخطابات والمراسلات حتي يضع امضائه عليها ويوزعها علي الاقسام المختصة بها ...
كعادتها وضعت الملف وكانت تستعد لتتركه حتي ينتهي منه ثم يطلبها الا انه استوقفها ...
اياد : مريم فيكي تنطري شوي ...
مريم : اكيد ... حضرتك تأمر بحاجة ...
وهو ينظر الي الملف الذي وضعته ...
اياد : ايه بدي اعرف شو صار معها لبنت خالتك هي اللي حكتيني مشان اشغلها ...
مريم : رودي ...
نظر اليها ...
اياد : شو ...
مريم : سوري قصدي رودينا ... بس اصلنا متعودين نناديها برودي علي طول ...
اياد : ايه ... "وعاد الي الملف مرة اخري" ... لك شو صار معها ...
مريم : الحمد لله لقت شغلانة كدا مش بطاله يعني ومناسبة جدا لظروفها ...
اياد : ايه ووين اشتغلت ...
مريم : في حضانة ...
نظر اليها فجاءة وعلامات الدهشة ترتسم علي وجهه ...
اياد : حضانة ... وين ...
مريم : حضانة كدا جنب البيت علي طول يا دوب بينها وبين البيت اللي هي ساكنة فيه شارع واحد بس ...
اياد : ايه الحمد لله ... وهي شو مبسوطة بشغلها هيدا ...
مريم : اممممم ... بصراحة مش عارفة لسي ...
اياد : ليش ما حكيت معكي ...
مريم : اصل النهاردة لسي اول يوم ليها ومش عارفة عملت ايه او ايه اللي حصل معاها ...
فتح عيناه بقوة وهو ينظر اليها وفي باله ...
اياد : معقول تكون رودينا هي نفسها الميس الجديدة اللي تالي قلبي اكلت راسي عليها ...
مريم : اياد بيه ... حضرتك معايا ...
انتبه اليها ...
اياد : ايه معكي ... لك شو اسم الحضانة اللي اشتغلت فيها قريبتك هي ...
مريم : الحضانة ... اظن اسمها " الملاك الصغير " ...
انتفض واقفا ...
اياد : شو عم تقولي ...
احست بخوف ورجعت خطوتين للوراء ... ابتلعت ريقها بقوة ...
مريم : هي اسمها كدا ... الملاك الصغير ...
اياد : ايه بعرف ان اسمها هيك لكن كيف اشتغلت فيها ...
مريم : عن طريق جارة ليا في البيت ...
اياد : وجارتك هي بتشتغل بهالحضانة ...
مريم : ايوة هي بتشتغل مدرسة في نفس الحضانة ...
اياد : مريم اقعدي هون واحكيلي هالقصة ع المضبوط ...
مريم : حاضر بس ممكن يعني افهم حضرتك مهتم اوي بالموضوع دا ليه ...
اياد : بدك تعرفي ليش ...
مريم : يعني لو ما يضايقش حضرتك ...
اياد : لسبب بسيط جدا ... تالي بنتي عم تدرس بهالحضانة ... شو رائيك ...
مريم " بدهشة " : معقولة ...
اياد : ايه ومن امبارح وهي اكلة راسي مشان هالميس الجديدة اللي راح تقابلها وفاقت اليوم قبل ميعادها وصممت تكون اول حدا تشوفه هالميس قبل رفقاتها كلياتهم ...
مريم : للدرجة دي ... بس هي يعني ومعلش في سؤالي دا ... تالي شافت دوري فين ...
اياد : ما المصيبة انها ما شافتها من قبل وما تعرفها ابدا لكن ما بعرف ليش كانت كتير مهتمة فيها لدوري قريبتك هي ...
مريم : رفعت اكتافها وهزت راسها بمعني الجهل ...
اياد : ايه بعرف انك ما بتعرفي لكن لازما تعرفي ...
مريم : اعرف ايه ...
اياد : اسمعيني كتير منيح ... هلا بتروحي تحكي معها لبنت خالتك هي وتحاولي تعرفي منها شو صار معها لهلا وتيجي تحكيني ع طول ...
مريم : اكلمها ... " ونظرت في الساعة " ... مش هينفع ...
اياد : ليش ...
مريم : لانها دلوقتي ابتدت شغل مع الاولاد اللي منهم بنت حضرتك وهي ممنوعة زي ما حضرتك عارف انها تستخدم الموبايل خلال اوقات العمل ...
اياد : ايه صح ممنوع ... لك خلاص بس تخلص تحكيها دوغري وتعرفي منها اللي صار وتيجي تقوليلي ع طول عم تفهمي علي...
مريم : اوك ... زي ما حضرتك عايز ...
اياد : خلاص اتفضلي انتي هلا ويا ريت تبلغي رؤساء الاقسام ان في اجتماع بعد ربع ساعة ...
مريم : اجتماع لكن ...
اياد : شو فيه مريم ليش مستغربة هيك ...
مريم : اسفة بس جدول النهاردة مفيهوش اي اجتماع خالص ...
اياد : لا فيه ... انا هلا فكرت وقررت ...
مريم : اههههههه ... حاضر ... حاجة تانية ...
اياد : لا خلاص ...
مريم : عن اذن حضرتك ...
وتركته واتجهت الي مكتبها ...
عاد الي مكتبه واخذ يتفحص الملف الذي امامه ولكن دون جدوي اغلقه ووقف واتجه الي شباك مكتبه ونظر في الفراغ ...
اياد : شو فيني ليش عم اهتم فيها هيك وانا ما بعرفها ولا شوفتها من قبل ... صحيح مريم حكيتلي حكايتها وكيف ظروفها مكعبلة لكن ليش سالتها عنها هلا وليش بدي اعرف لو هي فعلا الميس الجديدة لتالي او لا ... يا الله شو عم يصير معي شو صابني هلا ...
هز راسه بقوة كمن يريد ان يخرج منها شيئا ...
اياد : اياد فيق وارجع لشغلك وبلا هالافكار اللي راح تشقلب حالك ... يلا روح شوف اللي وراك ...
وعاد ليتابع ما سوف يدور حوله هذا الاجتماع الذي فاجاء به الكل
لهم هو به حتي يهرب من افكاره وتخيلاته ...
كان نصف اليوم قد انتهي والان موعد الbreak الخاص بالاطفال والمدرسين ايضا ...
كانت تنهي ما تفعله وهي تقف امام طالبتها الصغار ...
رودينا : احنا كدا خلصنا وهنخرج دلوقتي نلعب ولما الجرس يضرب هنرجع هنا تاني ... مفهوم ...
الجميع : مفهوم ...
كانت تقف تجمع اشيائها واذناها لا تستمع الا لصريخ الاطفال وهم يتدافعون للخارج ليلعبوا ويمرحوا معا ...
جمعت اشيائها وكانت تستعد لتخرج عندما رفعت راسها لتجدها مكانها لم تتحرك لتلعب مع زميلاتها ...
احست بارتباك ولم تعرف كيف تتعامل معها وهي قد وعدت نفسها بان تواجهها بالحقيقة ...
رودينا " في بالها " : حقيقة ايه بس اللي عايزة اقولهالها ما انا حاولت قبل كدا
ل ما سمعتني بقولها انا مش امك وقعت من طولها اقوم بعد ما رجعتها وفرحتها اتعسها ... بس اللي بيحصل دا غلط وانا ما اقدرش اخدعها ...
لتفيق علي يدها الصغيرة وهي تمسك بيدها ...
التفتت اليها لتجدها قد اصبحت بجوارها ... ابتسمت اليها وحملتها لتجلسها امامها علي مكتبها وجلست هي علي الكرسي امامها ...
رودينا : ايه يا قمر ليه ما خرجتيش تلعبي مع اصحابك ...
تالين : ما بدي ...
رودينا : ليه ... حد فيهم زعلك ...
تالين : لا ...
رودينا : طب انتي مزعلاهم ...
تالين : لا ...
رودينا : يعني لا هم مزعلينك ولا انت مزعلاهم يبقي ليه قاعدة هنا لوحدك ومش بتلعبي معاهم ...
تالين : مشانك ...
رودينا : عشاني ... ليه ...
تالين : بدي ابقي معكي ما بدي ابعد عنك شو نسيتي تاني ...
وبداءت عيناها تمتلئ بالدموع ...
لم تعرف كيف اخترقتها واحست بانها لا يجب ان تجرحها مثلما ارادت لتزيح كل افكارها وتبداء في مجارتها ...
امسكت بها وقربتها منها وضمتها لصدرها بقوة ...
رودينا : خلاص خليكي معايا ايه يعني لما تقعدي معايا ...
امسكت بها ودفنت وجهها بصدرها لتحس باهتزاز جسدها الصغير بين يديها ...
ضمتها اكثر اليها وقبلت راسها ...
رودينا : ممكن نبطل بكا والقمر الصغير دا يقولي ليه بيبكي ...
تالين : اشتقتلك ماما ... اشتقت لضمتك وحضنك هي ...
احست انها تشتاق لامها كثيرا ولم تعرف كيف تجاوبت معها وذهبت الي حيث لا يمكن لها ان تتراجع ...
رودينا : وانا كمان وحشني اني اضمك كدا وتنامي في حضني ...
رفعت راسها ونظرت اليها باسمتا من بين دموعها ...
تالين : عنجد ماما وحشتك انا ...
رودينا : كتيررررررررررررررررر ... مش هعرف اوصفلك قد ايه ...
تالين : هلا بنخلص من هون ونرجع ع البيت ونقعد حد بعضنا وتحكيلي كيف تركك هالوحش مشان ترجعيلي ...
رودينا : اه اكيد ... بقولك ايه بقي انتي مش جعانة ...
تالين : ميتة جوع ...
رودينا : خلاص تعالي معايا ناكل سوا ... ايه رائيك ...
تالين : ايه ماما يلا ...
لتنزلها وتقف هي ايضا لتمسك بيدها الصغيرة وتتجها معا الي كافيتريا الخاصة بالمدرسين لتحصل لهما علي وجبة مغذية ...
اتجها بعدها الي غرفة المدرسات لتجلسها وهي امامها وتبداء في اطعامها ...
كانت تأكلها دون ان تلمس شيئا من الاكل ...
نظرت اليها وضحكت ...
داعبت خدها ... وبطريقة طفوليه ...
رودينا : ممكن اعرف بتضحكي ليه ...
تالين : لا ما بقولك ...
رودينا : ليه بقي ...
تالين : مشان انا كتير زعلانة منكي ...
وضعت ما بيدها جنبا ... وامسكت بها من وجهها ...
رودينا : يا خلاسي علي العسل ... " وقبلتها من خدها " ... بقي القمر دا يزعل مني انا ...
تالين : ايه ... وكتير كمان ...
رودينا : طب واهون عليكي تكوني زعلانة مني وانا مش اعرف ليه ...
تالين : لا بتعرفي ...
رودينا : يا خبر وكمان اعرف ... لا كدا الحكاية شكلها كبير اوي ... وانا مش هسيبك النهاردة الا لما اعرف ليه تالي القمر زعلانة ...
تالين : ما بقولك ...
ونزلت من علي الكرسي وجريت بعيدة عنها ...
نظرت اليها وهي تضيق عيناها ...
رودينا : بتهربي ... ماشي انتي اللي جيبتيه لنفسك ... عارفة لما امسكك ...
قاطعتها ...
تالين : ايه امسكيني الاول وبعدين اعملي متل ما بدك ...
وقفت ويديها في وسطها متحديتا لها كالاطفال ...
رودينا : ما تتحدنيش ...
تالين " بضحكة طفوليه " : ما بتعرفي تمسكيني ...
رودينا : كدا ... طيب ... تعالي هنا ...
وجريت لتمسك بها ...
ما ان رائتها تجري باتجاهها حتي انطلقت جريا مبتعدتا عنها لتكون هي خلفها وصرختها وضحكتها تعلو لتملاء اجواء الحضانة بكاملها ...
:(