أسباب نشأة علم النحو العربي :.
.: التسمية :.
.: الإعراب :.
.: ثمرة علم النحو :.
.: مؤسس علم النحو :.
.: بعض علماء النحو :.
.: خاتمة :.
النحو هو علم يبحث في أصول تكوين الجملة وقواعد الإعراب. فغاية علم النحو أن يحدد أساليب تكوين الجمل ومواضع الكلمات ووظيفتها فيها كما يحدد الخصائص التي تكتسبها الكلمة من ذلك الموضع، سواءً أكانت خصائص نحوية كالابتداء والفاعلية والمفعولية أو أحكامًا نحوية كالتقديم والتأخير والإعراب والبناء.
قال ابن جني في كتابه الخصائص: "النحو هو انتحاء سمت كلام العرب في تصرفه من إعراب وغيره: كالتثنية، والجمع، والتحقير والتكسير والإضافة والنسب، والتركيب، وغير ذلك ، ليلحق من ليس من أهل اللغة العربية بأهلها في الفصاحة فينطق بها وإنْ لم يكن منهم، وإنْ شذ بعضهم عنها رد به إليها. وهو في الأصل مصدر شائع، أي نحوت نحواً، كقولك قصدت قصداً، ثم خصّ به انتحاء هذا القبيل من العلم" ( الجزء الأول – صفحة 34)، فالنحو عند ابن جني على هذا هو : محاكاة العرب في طريقة كلمهم تجنباً للّحن، وتمكيناً للمستعرب في أن يكون كالعربيّ في فصاحته وسلامة لغته عند الكلام.
أي القصد أو المثل ، وسمي العلم بهذا الاسم لقصد المتكلم أن يتكلم مثل العرب ، كما يسمى هذا العلم أيضا بعلم الإعراب .
وعلى هذا فإنه يدخل في موضوع هذا العلم تمييز الاسم من الفعل من الحرف ، وتمييز المعرب من المبني ، وتمييز المرفوع من المنصوب من المخفوض من المجزوم ، مع تحديد العوامل المؤثرة في هذا كله ، وقد استُنبط هذا كله من كلام العرب بالاستقراء ، وصار كلام العرب الأول شعرًا ونثرًا - بعد نصوص الكتاب والسنة - هو الحجة في تقرير قواعد النحو في صورة ماعرف بالشواهد اللغوية ، وهو ما استشهد به العلماء من كلام العرب لتقرير القواعد .
بعد المد الإسلامي في العالم واتساع رقعة الدولة، دخل كثير من الشعوب غير العربية في الإسلام، وانتشرت العربية كلغة بين هذه الشعوب، مما أدى إلى دخول اللحن في اللغة وتأثير ذلك على العرب. دعت الحاجة علماء ذلك الزمان لتأصيل قواعد اللغة لمواجهة ظاهرة اللّحن خاصة في ما يتعلق بالقرآن والعلوم الإسلامية. ويذكر من نحاة العرب عبدلله بن أبي إسحق المتوفي عام 735 م، وهو أول من يعرف منهم، وأبو الأسود الدؤلي والفراهيدي وسيبويه.و لم يتفق الناس علي القصة التي جعلتهم يفكرون في هذاالعلم، و لكن القصة الأشهر أنّ أبو الأسود الدؤلي مرّ برجل يقرأ القرآن فقال (( إن الله بريء من المشركين و رسوله )), كان الرجل يقرأ (رسولهِ) مجرورة أي انها معطوفة على (المشركين) هذا يغير المعنى ؛لأن (رسولُه) مرفوعة لأنها مبتدأ لجملة محذوفة تقديرها (ورسولُه كذلك بريءٌ)، فذهب أبو الأسود إلى الصحابي علي رضي الله عنه وأرضاه و شرح له وجهة نظره- أن العربية في خطر - فتناول الصحابي علي رضي الله عنه وأرضاه رقعة ورقية و كتب عليها : بسم الله الرحمن الرحيم ..الكلام اسم و فعل و حرف .. الاسم ما أنبأ عن المسمى .. و الفعل ما أنبأ عن حركة المسمى .. و الحرف ما أنبأ عن ما هو ليس إسماً ولا فعلاً . ثم قال لأبو الأسود : انحُ هذا النحو .
ويروى أيضاً أن علي بن أبي طالب رضي الله وأرضاه كان يقرأ رقعة فدخل عليه أبو الأسود الدؤلي فقال له: ما هذه؟ قال علي رضي الله وأرضاه: إني تأملت كلام العرب، فوجدته قد فسد بمخالطة الأعاجم، فأردت أن أصنع(أفعل)شيئاً يرجعون إليه، ويعتمدون عليه. ثم قال لأبي الأسود: انح هذا النحو. وكان يقصد بذلك أن يضع القواعد للغة العربية. وروي عنه أنّ مسبب لذلك كان أنّ جارية قالت له (ما أجملُ السماء؟) وهي نَوَت أن تقول: (ما أجملَ السماء!) فقال لها: (نجومها!)
ورد في المعجم المحيط في معنى كلمة "نحو":
«نَحَا يَنْحُو اُنْحُ نَحْواً [ نحو]:- الشّيءَ وإليه: مال إليه وقصدَه؛ نحا الصّديقان إلى المقهى.- نحوَهُ: سار على إثره وقلّده؛ نحا الطّالب نحوَ أستاذه.- كذا عنه: أبعده وأزاله؛ نحا عن نفسه الجُبنَ والكسل.»
ومن ذلك فقد سمي علم النحو بهذا الاسم لأن المتكلّم ينحو بهِ منهاج كلام العرب إفرادًا وتركيبًا .
الإعراب هو أحد أهم خصائص العربية، وهي خاصية عُرفت بعد أن تفشى النطق الخاطئ في اللسان العربي، وإعراب العربية هو ما يؤدي لتشكيل نهاية الكلمات في سياق الحديث على الوجه الصحيح سواءً كان هذا التشكيل يختص بتغيير حركة الحرف الأخير أو تغيير الحروف الأخيرة في حالات أخرى، وتصنف حالات الإعراب في هذه الحالة بالرفع، وعلامته الضمة أو ال
أو الالف أو ثبوت النون، والنصب، وعلامته الفتحة أو الياء أو حذف النون، والجر، علامته الكسرة أو الياء أو حذف النون، والجزم، علامته السكون أو حذف النون أو حذف حروف العلة. كما يوجد التنوين وهو مضاعفة الحركة الإعرابية في أواخر بعض الكلمات وغالباً ما يدل التنوين على تنكير الاسم . و يعتبر الإعراب من المميزات و الخصائص للغة العربية ، فعن طريق الإعراب تستطيع معرفة الفاعل أو المفعول به في الجملة حتى لو تم تقديم المفعول به على الفاعل ، مع أنه تقريباً في جميع لغات العالم يكون الترتيب : فاعل ثم مفعول به ، مثال :
* زار محمدٌ خالداً . (الفاعل:محمد ، المفعول به: خالد)
o بمعنى : قام محمد بزيارة خالد . (و الجملة هنا واضحة و تنطق في أغلب لغات العالم بهذا الترتيب)
* زار خالداً محمدٌ . أيضاً (الفاعل:محمد ، المفعول به: خالد)
o بمعنى : تمت زيارة خالد بواسطة محمد . (عرفنا عن طريق التنوين بالضم -لأن الفاعل دائماً مرفوع- و إعرابها هنا فاعل مؤخر مرفوع و علامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره)
إذاً فالإعراب أحد أهم الأسباب لتفوّق الأدب العربي (سواءً كان في الشعر أو النثر أو القصص ..إلخ) على لغات العالم ، فعندما تعطي شخصان أحدهما صلصال و الآخر حجر فسألتهم تكوين مجسّم جمالي ، فبالتأكيد سيكون إبداع صاحب الصلصال أكبر من صاحب الحجر (لقد تم التشبيه بالصلصال و الحجر بناءً على مثال تقديم و تأخير الفاعل) .
وثمرة هذا العلم : هو في تحمل اللغة وآدائها من جهة علاقة الإعراب بالمعنى .
والمقصود بالتحمل هنا : فهم المقصود من كلام الغير بحسب إعرابه ، فيميز المُسند من المسند إليه ، والفاعل من المفعول ، وغير ذلك مما يؤدي إهماله إلى قلب المعاني .
والمقصود بالأداء : أن يتكلم المرء بكلام معرب يُناسب المعاني التي يريد التعبير عنها ، ويتخلص من اللحن الذي يقلب المعاني ، فيتمكن بذلك من إفهام الغير .
لم يختلف المؤرخون في أن واضع أساس هذا العلم هو التابعي أبو الأسود الدؤلي 67هـ . وقيل إن هذا كان بإشارة من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب-رضي الله عنه- ؛ ثم كتب الناس في هذا العلم بعد أبي الأسود إلى أن أكمل أبوابه الخليل بن أحمد الفراهيدي 165هـ ووضع أول معجم عربي (معجم العين).
وذلك في زمن هارون الرشيد ، وأخذ عن الخليل تلميذه سيبويه (أبو بِشر عمرو بن عثمان بن قنبر) 180هـ الذي أكثر من التفاريع ووضع الأدلة والشواهد من كلام العرب لقواعد هذا العلم .
وأصبح (كتاب سيبويه) أساسًا لكل ماكُتب بعده في علم النحو ، ودوّن العلماء علم الصرف مع علم النحو ، وإذا كان النحو مختصًا بالنظر في تغيّر شكل آخر الكلمة بتغير موقعها في الجملة ، فإن الصرف مختص بالنظر في بنية الكلمة ومشتقاتها ومايطرأ عليها من الزيادة أو النقص .