حكم التبرع بالدم من مسلم إلى آخر ومن رجل إلى امرأة وبالعكس [b] س : ما [b] حكم التبرع بالدم من مسلم إلى مسلم آخر ، وكذلك بتبرع الرجل للمرأة وبالعكس والتبرع في حالة إنقاذ لحياة مصاب بالنزيف أو فقر الدم . [/b][/b]
ج : لقد ورد سؤال عن حكم نقل الدم بصفة عامة في حياة المفتي الشيخ محمد بن
إبراهيم ، وصدر الجواب عليه نذكره فيما يلي ، اكتفاء به ، وهذا نصه :
والجواب على هذا السؤال يستدعي الكلام على ثلاثة أمور :
الأول : من هو الشخص الذي ينقل إليه الدم؟
الثاني : من هو الشخص الذي ينقل منه الدم؟
الثالث : من هو الشخص الذي يعتمد على قوله في استدعاء نقل الدم؟
أما الأول : فهو أن الشخص الذي ينقل إليه الدم هو : من توقفت حياته إذا
كان مريضا أو جريحا على نقل الدم . والأصل في هذا قوله تعالى :
وقال سبحانه في آية أخرى :
وقال تعالى :
وجه الدلالة من هذه الآيات : أنها أفادت أنه إذا توقف شفاء المريض أو
الجريح وإنقاذ حياته على نقل الدم إليه من آخر بأن لا يوجد من المباح ما
يقوم مقامه في شفائه وإنقاذ حياته - جاز نقل هذا الدم إليه ، وهذا في
الحقيقة من باب الغذاء لا من باب الدواء .
وأما الثاني : فالذي ينقل منه الدم هو الذي لا يترتب على نقله منه ضرر فاحش؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم :
لا ضرر ولا ضرار .
وأما الثالث : فهو أن الذي يعتمد على قوله في استدعاء نقل الدم هو الطبيب المسلم .
وإذا تعذر فلا يظهر لنا مانع من الاعتماد على قول غير المسلم ، يهوديا كان
أو نصرانيا إذا كان خبيرا بالطب ، ثقة عند الإنسان . والأصل في ذلك : ما
ثبت في الصحيح :
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر استأجر رجلا مشركا هاديا خريتا (ماهرا) .
قال ابن القيم في كتاب [بدائع الفوائد] - ما نصه : في استئجار النبي صلى الله عليه وسلم
عبد الله بن أريقط الديلي هاديا في وقت الهجرة وهو كافر - دليل على جواز
الرجوع إلى الكافر في الطب والكحل والأدوية والكتابة والحساب والعيوب
ونحوها ، ما لم يكن ولاية تتضمن عدالة . ولا يلزم من مجرد كونه كافرا ألا
يوثق به في شيء أصلا؛ فإنه لا شيء أخطر من الدلالة في الطريق ، ولا سيما في
مثل طريق الهجرة .
وقال ابن مفلح في كتابه (الآداب الشرعية ) نقلا عن شيخ الإسلام ابن تيمية
ما نصه : إذا كان اليهودي أو النصراني خبيرا بالطب ثقة عند الإنسان جاز له
أن يستطبه ، كما يجوز له أن يودعه ماله ، وأن يعامله ، كما قال تعالى .
وفي (الصحيح) :
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر استأجر رجلا مشركا هاديا خريتا (ماهرا) . وائتمنه على نفسه وماله . وكانت خزاعة عيبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، مسلمهم وكافرهم (العيبة : موضع السر) ، وقد روي :
أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يستطب الحارث بن كلدة وكان كافرا . وإذا أمكنه أن يستطب مسلما فهو كما لو أمكنه أن يودعه أو يعامله - فلا
ينبغي أن يعدل عنه . وأما إذا احتاج إلى ائتمان الكتابي واستطبابه فله ذلك ،
ولم يكن من ولاية اليهود والنصارى المنهي عنها . انتهى كلامه .
وهذا مذهب المالكية ، وقال المروذي : أدخلت على أبي عبد الله نصرانيا فجعل يصف وأبو عبد الله يكتب ما وصفه ، ثم أمرني فاشتريت له .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .