الحوار الذي أجريته مع صافي صافي

صافي صافي هو روائي فلسطين ممتاز ومحاضر في دائرة الفيزياء بجامعة بير زيت قمت بعمل حوار مطول معه استعرض فيه تجربته الروائية ونظرته لمختلف الامور...ساقوم بعرض هذا اللقاء الذي كان تقريرا في مادة الادب الفلسطيني اثناء دراستس بجامعة بيرزيت...


الروائي الفلسطيني صافي صافي:-

•يجب قبل أن أبدأ بالكتابة أن أقرأ في كل مرة إميل حبيبي وحنّا مينة.
• قليلة هي الأعمال الأدبية التي لا تشم فيها رائحة إسرائيل.
• منع التجول هو فرصة للكتابة.
• لا تقاس قدرة الكاتب بكم ظهوره على الشاشة.
• لو كتب أحمد حرب في النقد لأسس حركة نقدية.
• أحب شخصية حسين البرغوثي لكني لا استطيع أن أعيشها.


صافي صافي الروائي الفلسطيني والمحاضر في دائرة الفيزياء بجامعة بيرزيت استضفناه في هذا الحوار لنستعرض معه تجربته الروائية ونظرته الأدبية والنقدية للأدب الفلسطيني خلال مسيرته التي بدأت قبل 15 عاما في كتابة الرواية. وهو صافي إسماعيل سليمان المولود في قرية بيت اللو قضاء رام الله في عام 1955 والحاصل على بكالوريوس الفيزياء عام 1977 من جامعة الكويت، ودرجة الماجستير في التربية من جامعة بيرزيت عام 1998 بتقدير امتياز، وله ست روايات هي الحاج إسماعيل الحاصلة على جائزة اتحاد الكتّاب الفلسطينيين عام 1989 ،ورواية اليسيرة،وشهاب،والصعود ثانية،والحلم المسروق،والكوربة، بالإضافة إلى العديد من الدراسات الأدبية والعلمية.. وإليكم نص الحوار كاملا.


• ما هو تعريفك للأدب ؟؟؟

الأدب هو مجال من مجالات الفنون ويستخدم لعدة أغراض منها ما يسمى للترويح عن النفس وهذه مسألة أساسية لكن في العالم الثالث وعند المثقفين بشكل خاص هي أدوات للتغيير النفسي والفكري بمعنى القدرة على التأثير في المجتمع لتغييره للأمام وهذا التعريف يرتبط مباشرة بتعريف المثقف بأنه إنسان يحمل قضية عامة لكل الشعب ولديه استعداد للتضحية من أجلها وبالتالي الأدب ينطبق عليه نفس التعريف وان كانت أدواته تختلف، فالفنان التشكيلي يرسم والموسيقي يلحن ويوزع والكتّاب يغيرون بالكلمة بغض النظر إن كانت الكلمة موزونة كما في الشعر أو حوارية كما في المسرح أو سردية فكرية كما في الرواية والقصة وغيرها .

• هل الكتابة فعل يومي ؟ أم اشتهاء ؟ أم حلم ؟ أم ماذا ؟؟؟

أدعو لأن نبتعد قليلا عن بعض الأسئلة التقليدية لأنه هناك الكثير يعرفون القيام بشيء ما ولكن ليس بالضرورة أن يعرفوه، فمثلا النجار يمكنه صنع خزانة لكنه لا يعرف فلسفة صنع الخزانة ، المسألة الأخرى نحن لسنا أمام مقارنة أهي فعل يومي أم اشتهاء أم حلم أم ماذا ، ربما هي كل هذه الأشياء فهي في النهاية حياة تُعكس بالكتابة في وقت ما ، هل الكتابة فعل يومي هذا غير صحيح. ليس بالضرورة أن تكون الكتابة فعل يومي لكن الحياة نفسها هي فعل يومي وفعل لحظي ، كل ما تكتبه أنت تستمده من الحياة سواء مما تراه أو تسمعه أو تفكر فيه أو تحلم فيه ، وبالتالي الحياة هي الحياة أنت تأخذ جزء من الحياة عند ممارستك الكتابة.. أنت تكتب ضمن صورة فنية معينة وتعكس الحياة من زاوية معينة كما تراها أنت لكن ليس بالضرورة أن تكون إما كذا أو كذا أو شيء آخر فالحياة هي كل شيء ليس هناك في الحياة تقسيمات حادة حينما نقول مثلا الاجتماعي والسياسي والاقتصادي نحن نصنفها فقط من أجل الحالة، ولكن هي في الحياة نفسها ليست منفصلة بل هي متصلة ، أنت تعيشها جميعا في لحظة واحدة ربما أشياء أخرى لم تفكر فيها .. ربما الخرافي حتى هو جزء من الحياة .. القصد من التصنيف هو مجرد فعل تصنيف لزيادة فهم ، ولكن الحياة معقدة ومتشابكة حيث لا يمكن فصل أجزائها عن بعضها البعض .

• ما هي وظيفة الرواية ؟ أو ما هو فعل الرواية ؟؟؟

وظيفة الرواية مثلما هي وظيفة الأدب والفنون بشكل عام وهو التغيير الفكري عند البشر .. هو زيادة الوعي الناقد عند البشر .. هو زيادة الوعي في قضايا يعيشها الناس .. الأداة تختلف فالرواية تحتل مكانة تختلف بشكل موضوعي عن الشعر ، الرواية مطلوب منها أن تقرأ الكلمة بمعنى أن تقرأ صورة الحياة بكلام تستطيع أن ترى هذه الحياة من زاوية معينة أرادها الكاتب في تلك الرواية، لكن ليس بالضرورة أن يكون هناك فرق في الهدف العام بين هذا الشكل والأشكال الأخرى ، ولكن في التفاصيل تختلف من حيث أنها ترسم إطار معين لبث ربما أو لإيجاد حوار حتى بين الكاتب والأحداث التي يتم تناولها أو الأفكار التي يتم تناولها بأي طريقة تتناولها؟ بأي طريقة فنية تتناولها؟ وما هي الأفكار التي تتناولها ؟ فهناك اتفاق في الهدف العام ولكن هناك اختلاف في الشكل الفني كأن نبتعد قليلا عن شكل الكتابة التي هي استخدام الكلمات والأحرف اللغوية بينما في الرسم التشكيلي تستخدم الخطوط.

• هل صحيح ما يقال عن الرواية الفلسطينية أنها توثيقية أكثر منها إبداعية؟؟؟

في مراحل معينة كانت كذلك بالذات في السبعينات والستينات وربما قبل ذلك، ولكن منذ بداية الثمانينات نستطيع أن نقول أن هناك رواية تسجيلية ، انطلقنا خطوة جديدة للأمام هذا ما نجده حتى في روايات غسان كنفاني رغم أن شكلها توثيقي حتى عائد إلى حيفا شكلها الخارجي توثيقي ولكن في ثناياها غير توثيقية، روايات إميل حبيبي هي روايات فنية عالية المستوى لا يمكن الحديث كأنها توثيق، ولكن ما زالت الروايات التوثيقية موجودة أو ما سمي بأدب المقارنة ما زال موجودا ولكن الطابع العام اليوم روايات مختلطة وليس بالضرورة أن تصور الواقع، نحن في الكتابة الروائية لا نصور الواقع،نحن لسنا مصورين، لسنا فنيي تصوير، ليست هذه مهمتنا، في النهاية يجب أن نأخذ من الواقع ولكن كيف تكتب هذا الواقع؟ ماذا تريد من هذا الواقع؟ كيف تفهم هذا الواقع؟ ماذا تريد من الناس أن يفهموا هذا الواقع؟ يعني كيف يفهموا هذا الواقع؟ هذا أمر مختلف انتهينا من مرحلة الكتابة التوثيقية التي كانت مرتبطة بمرحلة ليست فقط مع الثورة الفلسطينية- مع تطور تاريخ الثورة الفلسطينية- وإنما أيضا مع تاريخ تطور الكتاب لأنه أصبح هناك توقف أو انقطاع في بعض نواحي الأدب ربما الناحية التي استمرت طوال التاريخ الفلسطيني هي الشعر ، رغم ذلك فالشعر اقترب إلى تصوير الواقع كما هو مثل كثير من الأشعار في الانتفاضة التي استخدموا فيها الحجارة وكيفية المواجهة مع الجيش وما إلى ذلك..هل تذكرون محمود درويش حينما قال بما معناه انه صرت أرى الشعر الفلسطيني ملئ بالحجارة؟ فنحن لا نكتب الواقع ،أي كتابة للواقع كما هو بدون إطار فني لن يستمر ولكن ربما كان مهما في وقت ما وانتهى،الآن نستطيع أن نفاخر بان لدينا روائيين فلسطينيين وروائيات حصلت على العديد من الجوائز في فلسطين يعني مثال ذلك أنا وأحمد حرب وسحر خليفة وأحمد عوض وأسماء أخرى ،فبالإضافة إلى انه ما زالت روايات غسان كنفاني تقرأ حتى اليوم، روايات إميل حبيبي لن تنتهي قراءتها خلال عقود وهذا يدل على أنها روايات غير تسجيلية لأنها لو كانت كذلك لانتهت.

• أين وصلت الرواية الفلسطينية برأيك؟؟؟

اعتقد أنها وصلت إلى مراحل متقدمة تستطيع الآن أن تنافس في العالم العربي وربما بعض الدول الأجنبية، يعني بعض الأسماء التي ذكرتها اليوم.. نستطيع أن نقول أن هناك رواية فلسطينية وهناك روائيون فلسطينيون بحيث كثر عددهم حتى أن هناك أمنية عند كل كاتب لم يكتب الرواية من قبل بما في ذلك محمود درويش أي انه تمنى أن يكتب الرواية، واعرف الكثير الذين تحولوا من أنواع أخرى إلى الرواية.

• هل هذه الرواية التي تقصدها اكتسبت أهميتها من المضمون أم من الشكلية؟؟؟

المسألتان متشابهتان، نحن نتحدث عن الرواية التي تشرك الإطار الفني والموضوع، لا يمكن أن يكون إطار فني قوي مع موضوع ضعيف فلا نستطيع أن نسميها رواية ، أنا اعتقد أن طريقة كتابة إميل حبيبي لم يطرقها احد من قبل وربما الحاجة أن تدرس هذه الروايات لفترة طويلة من الزمن حتى نتعرف على هذا الشكل ونستطيع أن نكسبه للآخرين لان يكتبوا بشكل قريب ، يعني حاول إميل حبيبي أن يرسخ شكل فلسطيني مختلف عن الأشكال الأخرى في العالم العربي وذلك غير بسيط، فطريقة لعبه باللغة،بالخرافات، دمج الميثولوجي بالواقع، القدرة الفنية العالية عند إميل حبيبي، القدرة اللغوية العالية أيضا،وهذا إميل حبيبي ظاهرة ليست فلسطينية فحسب وإنما ظاهرة عربية، حصول بعض الروايات على جوائز وترجمات هذا شيء مهم، أنا افتخر بما هو موجود في الواقع الفلسطيني ولكن لا يعني ذلك التوقف لأن العالم العربي منفتح ربما أكثر منا على الأشكال الأدبية الأخرى مثلا الكاتب ليس من السهولة أن يصل إلى فلسطين، المسالة الأخرى مسالة التفرغ بمعنى أن معظم الروائيين غير متفرغين للكتابة وبالتالي غير متفرغين للقراءة،وذلك أيضا يؤثر فأنت تريد أن تعمل،أن تأكل لقمة عيشك،وتعيّش أسرتك وفي نفس الوقت تكتب ولديك اهتمامات أخرى ،هذا لن يخلق حالات متميزة مستمرة فبالتالي لا بد من تفريغ بعض الكتاب المتميزين لأن يبدعوا في هذا المجال بينما إميل حبيبي كان متفرغا ، سحر خليفة عمليا كانت متفرغة، بقية الروائيين هم يقومون بالعمل كما يقوم أي إنسان آخر.

• عفوا لكن غسان كنفاني لم يكن متفرغا وكان أكثر بروزا من إميل حبيبي؟؟؟

أنا لا أريد الخوض في مقارنة بين إميل حبيبي أو غسان كنفاني ، كل كاتب له مميزاته الخاصة المختلفة لكن إميل حبيبي لم يكن متفرغا كان صحفيا ، وغسان كنفاني كان سياسيا وصحفيا في ذات الوقت بل كان طوال الوقت مشغولا .
في العصر الحديث لا يمكن لك أن تبدع بشكل مستمر إن لم يكن لديك الوقت الكافي للكتابة.. إميل حبيبي حاول أن يتفرغ لكتابة الرواية لكنه لم ينجح لكن لو نظرنا إلى روايات غسان كنفاني كان من الممكن أن تكون أكثر إبداعا لو كان متفرغا ، فهي روايات قصيرة بينما روايات إميل حبيبي طويلة.. ليس الأمر بالطول أو القصر إنما القدرة على عكس الحياة بكافة تفاصيلها ، روايات غسان كنفاني هي روايات مختصرة ، روايات إميل حبيبي تختلف فتبين لك أن إميل حبيبي كان مستقرا أكثر من غسان كنفاني .. جبرا على سبيل المثال رواياته طويلة وابتعد عن الحدث اليومي ، غسان كنفاني كان تحت صوت الحدث النضالي السياسي لذلك لا يمكن أن تكون الألوان متكاملة بينما إميل حبيبي شيء مختلف وجبرا إبراهيم جبرا شيء مختلف .. الرواية تأسست في أوروبا مع تشكل المدينة بمعنى الاستقرار المدني وبالتالي لا يمكن تحت الأحداث المتسارعة أن تكتب رواية فمثلا ما عدد الروايات التي كتبت عن الانتفاضة ؟! ما كتب بالمعنى الحقيقي تقريبا معدوم حيث لا يوجد تناول عميق للانتفاضة مثل زغاريد المقاسي التي تناولها المرحوم – لا أذكر اسمه وهو من الداخل – هي مجموعة لوحات لا نستطيع أن نسميها روايات .

• يقول عبد الرحمن منيف :" كلما ازدادت رواياتنا محلية كلما أصبحت عالمية " هل تعتقد أن الرواية الفلسطينية تستمد عالميتها من محليتها ؟؟؟

كل رواية تستمد عالميتها من محليتها فهذا شيء عادي ، عبد الرحمن منيف معروف أنه كتب أشياء تخص عالمك وواقعك وحياتك فهو غير موجود بالتأكيد في أوروبا.. مثلا في شرق المتوسط كتب عن شرق المتوسط بالمقارنة مع غيرها ، مدن الملح تناول فيها وضع الخليج العربي في منطقة الربع الخالي وهذا يدلل على الالتصاق بالمحلي بمعنى أن تكتب عن حياتك وأن تكتب عن ذاتك وأن تكتب عن واقعك ، إذا لم تعش هذا الواقع لا تستطيع الكتابة وبالتالي لا نستطيع الكتابة عن أوروبا ونحن لا نعرفها ، نحن نعرف هذه الحياة وبالتالي مطلوب منا أن نهتم بهذه الحياة وان تكون لدينا القدرة على التحليل بشكل نقدي عالي ثم نكتب عن أنفسنا ، هذا أمر مبتوت فيه منذ زمن طويل ، مطلوب من الكاتب أن يكتب عن واقعه ليراه الآخرون بنفس الصورة التي ترى فيه الحياة في مناطق أخرى على سبيل المثال روايات أمريكا اللاتينية عرّفتنا على الكثير من حياة أمريكا اللاتينية و في أوروبا كذلك .


• ما رأيك بتقدم الرواية على حساب الشعر ؟ وهل أصبحت الرواية أكثر الأجناس الأدبية تعبيرا عن الإنسان العربي بكل آلامه وهمومه ومشاكله ؟؟؟

لا أحب الخوض في المقارنة بين الأشكال الأدبية المختلفة ، هناك أشكال مختلفة : الشعر، الرواية، القصة، المسرح.. ربما لأني اكتب الرواية أكون متحيزا للرواية، ولكن هذا لا يقلل من أي جنس آخر على سبيل المثال في أوائل التسعينات قيل أن القصة انتهت وأثبتت القصص اليوم أن القصة لم تنتهي ، لا يمكن الحديث عن هذا الأمر بهذه الصورة لكن الرواية مرتبطة بالاستقرار وتطور الحياة العامة لذلك لا يمكن أن نجد رواية في الجاهلية لان البدو كانوا متنقلين يسعون من أجل العيش ، والكتابة لم تكن شائعة ، فكان الكلام هو الموجود وبالتالي الشعر هو الموجود ، هناك بعض الكتب لا تتضمن شعرية مثل الزير سالم أو بعض الملاحم والخرافات .. مطلوب من الشعر أن يتقدم.،والرواية أن تتقدم، والمسرح وكل هذه الأشكال أن تتقدم. إذا كنت أنا أستطيع أن اكتب رواية متميزة فمطلوب مني ومن زملائي أن ننغمس في هذا المجال لنكتب روايات متميزة كذلك الحال بالنسبة للشعر لكن غير منطقي أن نحكم على بقية الأجناس بالمقارنة مع الجنس الذي نفضّله لأنني أستطيعه .. أنا لا أستطيع كتابة الشعر أكتب قصة أحيانا لكن اهتمامي الأساسي أن أكتب رواية .

• كيف تتشكل القصة الروائية عندك ؟ وكيف توصل الدهشة للقارئ ؟؟؟

هذان سؤالان. السؤال الأول: بالنسبة لي كتبت ذلك في مؤتمرات .. هناك العديد من القصص والأحداث التي أعرفها وأعيشها في هذا المجتمع لذلك وجدت مجموعة من القصص والأحداث أو مجموعة من المثيرات قد تشكل رواية أفكر بالإطار الفني كيف أكتب هذه الرواية ؟ كيف أتناولها ؟ كيف أرسم لوحة روائية؟ ثم تبدأ مرحلة الكتابة ربما أعيد كتابتها عشرات المرات لتتشكل كيف أراها ، وتعرض أيضا على الآخرين من أجل استنزافها.. والشق الثاني عنصر الدهشة له عدة أدوات ، الأداة الرئيسية هي اللغة بأي لغة تكتب، حول الجملة وقصرها، والكلمات المختارة، والحدث الرئيسي.. مطلوب من الروائي أو الأديب أن يتقدم على المجتمع خطوات بمعنى أن يرى مستقبله ، أن يرى كيف يفكر الناس وكيف يمكن أن تفكر في تغييره ومن هنا تنشأ عنصر الدهشة ، أن تكتب عن أشياء قد تظن أنها محرّمة هذا جزء من الدهشة ، أن تتناول مواضيع من زوايا أخرى هذا يثير الدهشة ، إن تتناول موضوع لم يتناوله أحد هذا يثير الدهشة ، أن ترّصع الحدث الذي تتناوله بكلمات مناسبة هذا من عنصر الدهشة ليست هناك وصفة طبية لان أثير عنصر الدهشة..هناك أشياء مختلفة لكن الأساس هو الكلمات وما وراء الكلمات يبعث على الإثارة الفكرية .

• ما هي الرسالة التي تود إيصالها من خلال رواياتك ؟؟؟

بشكل عام أن أثير التفكير عند القارئ في قضية ما، بمعنى أن يكون هناك قضية أحاول أن أصححها، وكل رواية لها رسالتها بشكل عام هو الإثارة الفكرية وإذا كان بالإمكان تبني بعض الأفكار الموجودة في الرواية. هناك هدف من كل رواية أحاول أن يصل الناس إليها ، ربما نجحت أو لم أنجح هذا أمر آخر. وهناك رسائل مختلفة ، وهناك رسالة جزئية في الرواية نفسها ، لكن هناك رسالة عامة في الرواية ككل ، ولكن يمكن إذا كان هناك أسئلة على أحد الروايات يمكن أن نتناول هذا الأمر .

• سنتناول هذه الأسئلة بعد ذلك ، لكن أريد أن أسألك أيها أقرب للقارئ الفصحى أم العامية ؟؟؟

هذا أمر غير مهم لكن المهم هي الأدوات.. اللغة هي الأداة، أي لغة ؟ هل نستخدم لغة الصحافة؟ أم لغة ابن تيميةظ أم اللغة العامية؟ من الممكن أن تستخدم في رواية واحدة عدة لغات كأن يستخدم النجار أدواتا مختلفة لصنع الأثاث، في كل الأحوال أن تتحدث لجمهور مثل الطاهر وطار في رواية الليل استخدم الكثير من الأمثال التي لم نكن نعرفها ونحن نستخدم أمثالنا أي نستخدم لغتنا.. هناك في بعض المقولات لا يمكن إلا أن نستخدم فيها اللغة العامية، ولكن هناك أحداثا يجب استخدام اللغة الفصحى وأي فصحى؟ الفصحى تختلف ليست لغة واحدة .

• هل " الحاج إسماعيل" صراع أجيال أم صراع أقارب ؟؟؟

أجاب ضاحكا ... ألمفضل أن يجيب على مثل هذا السؤال ناقدا ، هي صراع أجيال نعم هناك صراع بين جيلين وربما بان في نهاية الرواية الجيل الثالث بشكل بسيط ليفتح للأمام أكثر.. صراع الأقارب بمعنى الصراع الاجتماعي.. بكل الأحوال أنت تتحدث عن مجتمع ، تتحدث عن الإشكاليات الموجودة في هذا المجتمع ، وربما يكون صراع من نوع آخر له علاقة بالوضع العام السياسي، قليلون من استطاعوا قراءة هذه الرواية بهذا المعنى ،بمعنى أن عندهم قدرة على قراءة العمل الفني لذلك يمكن أن نبتعد عن تفاصيل الرواية وننظر إليها بشكلها العام وهذا موجود .

• أين يكمن هذا الصراع السياسي ؟؟؟

ليس مهما أن نتحدث في ذلك ولكن هناك بعض النقاد الذين قرؤوها بهذه الصورة ، نحن نتحدث في النهاية عن رجل عجوز يقول إما أن أموت بشكل كامل أو أعيش بشكل كامل، وأبناؤه من الجيل الثاني يقررون من أجل أن يعيش أن يقطعوا رجله، وحين اكتشف أن رجله قد قطعت مات، لا أدري إن فهمت بهذا الشكل أم لا. المسألة لا تتعلق فقط بالوضع الاجتماعي ، الرواية تحاكي ثقافات مختلفة من الناس فلنتركها للزمن .

• يلاحظ في رواياتك أنها قريبة من روايات الأطفال من حيث عذوبتها وتشويقها . لماذا تلجأ لهذا الأسلوب ؟أليس غريبا أن يكتب رجل يفوق الخمسين بلغة طفل ؟؟؟

يعتمد ذلك على ثقافة الفرد وذلك واضح في رواية الكوربة ، لكن معظم الروائيين يكتبون بلسان أصغر منهم هذه ليست مشكلة لأنه مطلوب في العمل الروائي أن يتضمن الشخصيات التي افترضتها ، ففي الكوربة هناك شخصية طفل أنت تريد أن تتقمص هذه الشخصية يعني أن تعيش تفكيرها كما هي دون أن تلبسها ثوبا أكبر منها أو اصغر منها .. ذلك ليس غريبا أحيانا تتقمص شخصية امرأة وأنت ليس امرأة أو أن تتقمص شخصية فتاة كما مثلا في الحلم المسروق، في كل الأحوال التقمص يعني أن تتعرف على هذه الشخصية وجوانب حياتها وجوانب تفكيرها هذا هو المطلوب منك.. أن يكون هذا طفل أو عجوز هذا لا يغير كثيرا .

• كتبت الهام أبو غزالة"توالدية القمع لدى صافي صافي"عن أي قمع تتحدث إلهام؟؟؟

هي تتحدث على أنني ككاتب تعرضت للقمع من قبل المجتمع وأنني تعرضت لهذا المجتمع بالقمع ، هذا رؤيتها وأحترم وجهة نظرها، ولكن لم يكن يخطر ببالي هذا الأمر. احترم وجهة نظرها فهي صديقة ولها وجهة نظر في الحياة وترى هذه الرواية بهذه الصورة .. أبي اسمه الحاج إسماعيل صحيح أن هناك أحداثا حدثت في حياتي ولكني لو لم أر أن هذه القصة لها صورة فنية لما كتبتها، وبالتالي هي ليست سيرة ذاتية، وهناك أهداف محددة من هذه الرواية أنا قصدتها ولم يكن ببالي أن اقمع الآخرين ، إذا كان هدفي القمع يمكن أن اقمع بصورة أخرى، في النهاية هل هذه الرواية تحمل مضامين أم لا؟ هذا هو الأساس بغض النظر إن كان هناك قمع أم لا ، هي رأت في ذلك قمعا، لكن أنا في النهاية أتحدث عن علاقة شاب بأبيه وأقاربه، ولم يكن الهدف من كتابة الرواية القمع،أنا عملت على تمويت الحاج إسماعيل قبل أن يموت حتى وهو على فراش الموت، كنت أناقش هذا الأمر مع زملائي بشكل مفتوح ، إن كنت أرى هذه المشكلة لمعرفتي بالحاج إسماعيل فالحاج إسماعيل تمثل شخصية بلدنا فمثلا أحمد عبد الجواد في ثلاثية نجيب محفوظ هي شخصية تمثل المجتمع بغض النظر إن كان هدف نجيب محفوظ القمع أم غير ذلك بالعكس استبدل جيل بجيل يلعب بالحياة كما يشاء ... الحاج إسماعيل يحمل نفس الصفات التي حملها نجيب محفوظ .

• لماذا اخترت اسم الكوربة لروايتك الأخيرة؟؟؟

الكوربة هي نكسة شعب،الكوربة ليست بمظهرها وإنما بجوهرها، الطرق الملتفة التي خلقها الانجليز بصورة تلائم حياتهم، والكوربة هي انعطاف والانعطاف ممكن أن يؤدي إلى نكسة مثلا نكسة ال67 سواء بالشكل أو بالمضمون.. في النهاية الرواية تتحدث عن دبابة ذهبت إلى دير عمار لتقصف تل أبيب قذفت هذه القذائف ورجعت وانقلبت فقتل اثنان من طاقمها لأن القائد رأى أن يمر على الكوربة ولم ير أن يمر في الطريق التي يمر بها أبناء القرية لأنها الطريق الأسهل، وبالتالي أدت إلى انتكاسة والانتكاسة ليست فقط بالموت بل في نفسية هؤلاء الناس البسطاء في القرية، فهم رأوا هذه الدبابة الأمل في حمايتهم ولكن هذا الأمل عُكس تماما بمجرد عودة الدبابة.. وأولاد القرية يعتبرون حرب فلسطين في هذه الدبابة التي مرت لو لم تمر الدبابة لما عرفوا عن الحرب،هم رأوا الحرب من خلال الدبابة ،من خلال استشهاد اثنين،يجب أن ننظر للأمر بانسجام بين كافة الأحداث لنرَ كيف كان يفكر عمي إبراهيم قبل وبعد، والمختار قبل وبعد،والناس قبل وبعد،انشغل الناس طوال وجود الدبابة في متابعة أمرها وفي محاولة إنقاذها ولكن تم تدمير الشاحنة وتم تدمير الدبابة من قبل الطيارات هذا الأمر أيضا مهم، فهم ساهموا بالحرب بمعنى أهل القرية كانوا مساهمين في هذه الحرب فتم تدمير الجهود التي بذلوها خلال كل الأيام.

• نلاحظ في رواية اليسيرة أنها مبنية على لغة شعرية.

يجيب:- ليس ذلك تماما.

• لماذا غابت هذه اللغة عن رواياتك الأخرى؟؟؟

اليسيرة شيء مختلف لا اعرف كم توقفتم عند هذه الرواية،اليسيرة كانت محاولة لبناء أسطورة فلسطينية وربما هي رد على بعض الزملاء الذين كانوا يدعون انه ليست هناك أسطورة فلسطينية مثل المرحوم عبد اللطيف البرغوثي كذلك استفدت بشكل ما عن طريقة كتابة إميل حبيبي وهذا في الجزء الثاني من الرواية وقد قسمتها إلى جزأين: جزء المفاتيح محاولة لصياغة الأسطورة،فالأسطورة منذ عهد التكوين إلى إعادة التكوين . ما دام نتحدث عن التكوين فالتكوين هو فصل في التوراة فبالتالي كان هناك محاولة لتقليد لغة التوراة في الجزء الثاني بينما في الجزء الأول كانت لغة عادية حين نتحدث أن هناك فرقا بين المفاتيح وبين الأبواب،اللغة جاءت محاكاة للغة التوراة لأنني أتحدث عن بداية التكوين حتى إعادة التكوين.

• عندما تفرغ من كتابة رواية هل تستطيع أن تحكم عليها أن كانت ناجحة أم لا؟؟؟

عندما انتهي من كتابة رواية اعرضها على العديد من الأصدقاء سواء أكانوا من المثقفين بشكل عام أم روائيين وأعمل على تسجيل ملاحظاتهم وأناقشهم ومن خلال ردود أفعالهم استطيع أن أحكم على الرواية هل ستنجح أم لا،هناك أناس محببون ورأيهم عندي مهم،أخرّت نشر الكثير من الروايات حتى آخذ ملاحظاتهم،والنجاح بالنسبة لي أقرره كما يراه الآخرون لأنني قد أكون متحيزا لما كتبته.

• لماذا تركز على عقدة المضمون بينما نجد هشاشة في الشكل كما يقول أحمد رفيق عوض في جريدة القدس؟؟؟

قال أحمد رفيق ذلك عن رواية الحلم المسروق وكان متسرعا في ذلك،في هذه الرواية كان الشكل أهم من المضمون،مع احترامي له وهو صديق ،فهي تناقش قضية شاب يطرد من المصنع بسبب توزيع بيان في هذا المصنع في زمن الانتفاضة التي كانت تسيطر عليها القوى الوطنية الموحدة، بالنسبة للشكل كان هناك أصوات مختلفة وكان هناك أربع لغات مختلفة وكل فصل يبدأ بصفحات مستقلة من 1-30 مثلا والفصل الذي يليه يبدآ من 1 لا يبدأ من حيث انتهى الفصل الذي قبله.وكل فصل يتحدث بلغة تختلف عن الفصل الآخر.. أنا أرى أن الشكل الموجود في الحلم المسروق كان مهما، وللأسف لم يتم تناول هذه الرواية مثل الروايات الأخرى ،الشكل لم يكن هشا كما قال أحمد رفيق عوض وهو في لقاءات لاحقة قال إذا أردت أن أبني سيناريو من إحدى رواياتك لاخترت الحلم المسروق، الشكل كان قويا والمضمون ليس أفضل من الشكل في هذه الرواية وهذا لا ينقص من رأي احمد رفيق عوض في نظرته الروائية.

• هل مورست رقابة على بعض أعمالك فلجأت إلى حذف بعض النصوص؟؟؟

هناك جانبان من الرقابة في الرواية..رقابة ذاتية وأخرى اجتماعية،الرقابة الذاتية يجب أن تكون موجودة فأنت تكتب للناس ،والرقابة الخارجية وهي رقابة اجتماعية وهي موجودة مثلا الحاج إسماعيل فهمت من بعض الأقارب بشكل مختلف ،وفي رواية شهاب وهي رواية ليس لها علاقة بأي شخص يعيش على هذه الأرض لكنهم- لأنهم يعرفونني- حاولوا أن يجدوا من هي هذه الشخصية التي كتبتها ووقع اختيارهم على شخصيات لم تخطر ببالي على الإطلاق،هناك رقابة أخرى وهي رقابة أجيال،فاليسيرة تم توزيعها في المدارس ومن ثم سحبت لأنها أعطيت لطلاب السنين المتوسطة أي المراهقين وبالتالي قد يفهموها بمعنى جنسي وأنا لم اقصده ،فإذا أردت أن تقول أن هناك عاهرة كيف تصفها؟ فالعاهرة جزء من المجتمع والسارق جزء من المجتمع لذلك لا بد أن تخوض في هذه الشخصيات ولكن ليس بالضرورة أن تدعو للسرقة إذا تناولت شخصية سارق أو تدعو للعهر إذا تناولت عاهرة.


• من سحبها من المدارس؟؟؟

وزارة التربية والتعليم ..لو سألوني لفضّلت أن لا تقرا من قبل مراهقين ولكن ضمن السياق الاجتماعي ولو كنا ربينا أولادنا بشكل مختلف لما كان هناك فرق لكن هناك حدودا اجتماعية على تفكير الناس.

• هل أنت راض عما وصلت إليه أنت وغيرك من الأدباء الفلسطينيين؟؟؟

لا غير راض،هناك أشكال أخرى لم أتناولها وأحب تجريبها ،هناك أشياء كثيرة في بالي لم اكتبها وستجد أن كل رواية لها شكل مختلف ،أتمنى أن اكتب بأشكال أجمل مما كتبت،وغير راض لا تعني استنكار لما كتبته ولكن هناك في بالي أشياء ..هناك أربع روايات في مخيلتي أن اكتبها لو أتيح لي الوقت بأشكال مختلفة.



• ما هي العراقيل التي يواجهها الأديب الفلسطيني أو تواجهها أنت بالذات؟؟؟

المسألة الأساسية هي الوقت فمثلا أنا أعمل 8 ساعات يوميا وهناك متطلبات لأسرتي ، ومطلوب مني أن اقرأ طوال الوقت، مطلوب مني أن احضر ندوات ومؤتمرات وانغمس في المجتمع وأتعرف على أشياء كثيرة لا اعرفها حتى الآن رغم ثقافتي التي تكونت خلال الخمسين سنة الماضية وليس هناك وقت لكتابة كل الأشياء التي تدور في رأسي،الوقت هو العمل الأساسي، هناك مشاكل أخرى مثل النشر والسفر هذه مشاكل صغيرة،المشكلة الأساسية هي الوقت،إذا أردت أن تبدع في أي مجال لا بد أن تجد الوقت الكافي فمثلا معظم الروايات التي كتبتها كانت في أوقات منع التجول لأنني كنت أجد الوقت لأكتب،ربما أجزاء من رواياتي كتبتها خارج منع التجول.. منع التجول فرصة للكتابة بحيث يعزل الإنسان نفسه إجباريا عن المجتمع ويؤطر لعملها الأدبي.

كيف تنظر إلى الجيل الحالي ودوره في الحفاظ على الهوية العربية؟؟؟

صراع الأجيال شيء أساسي وعامل مهم في تقدم الحياة،لا ادّعي أنني أفهم الجيل الحالي كما كنت أفهمه عندما كنت شابا. وعندي وجهة نظر أنني يجب أن أفهم هذا الجيل من خلال أبنائي ومن خلال نشاطاتي المختلفة في هذا البلد. ربما فنياً نحن نختلف على سبيل المثال في أثناء شبابنا لم نكن ننظر باحترام كبير لأم كلثوم وعبد الحليم حافظ إنما كنا نحب ونتوجه إلى فنانين آخرين .. اليوم هؤلاء مهمون وهذا تغير في الثقافة واليوم هناك الكثير من الفنانين المختلفين أيضا. لا يمكن أن انظر نظرة سلبية إلى شباب اليوم لأن هناك ايجابية فهم يعيشون حياة صعبة مثلما عشنا حياة صعبة أدت إلى تفتح أذهاننا.. أيضا هناك أحداث تدعو للتفتح في النهاية لا يمكن للإنسان إلا أن يحمل الثقافة التي تبقى أما الثقافة الزائلة فستزول .. أنظر بإيجابية إلى هذا الجيل وأحاول أن افهمه ولكن ليس بالضرورة أن احكم على المقولة التعيسة"هناك جيل فاشل وجيل ناجح".. الحفاظ على الثقافة العربية لم يعد مهما كما كان في السبعينات فاليوم مختلف لان اليوم هو عصر الفضائيات والإنترنت ،وبالتالي لا يمكن أن يكون الإنسان إلا ابن مجتمعه..أخشى من السؤال أن يعني المحافظة لأنه في النهاية لن يكون المجتمع محافظا فالمجتمع سيتطور، فالحفاظ يكون على القيم العامة التي امتلكناها من خلال حضارتنا وثقافتنا المتشكلة.

• ألا ينتابك نوع من اليأس بسبب قلة القراءة لدى الشعب الفلسطيني؟؟؟

ليس يأس بالمعنى الدقيق وإنما ألم وهذا جزء من الثقافة، ثقافتنا سمعية ونحن نحب أن نستمع للغير..سوق عكاظ مثلا كانوا يذهبون إليه للاستماع وكذلك سوق المربد، فبالتالي عندنا لغة سمعية واليوم يحاول الباحثون كتابة التاريخ الشفوي.

• هناك بعض الكتّاب يلجأون لدور نشر إسرائيلية لترجمة أعمالهم ونشرها داخل إسرائيل.. هل تعتقد أن ذلك في مصلحة القضية الفلسطينية؟؟؟

كل كاتب يحب أن يصل عمله إلى أكبر جمهور يمكن بغض النظر عن أفكار هذا الجمهور،لكن أن يدفع ثمن نشره لكتابه فهذا الأمر غير مقبول أخلاقيا لكن أن يكون العمل مهما ويتم نشره بلغات أخرى فليكن..بالنسبة لي أن يتم نشر كتابي في العالم العربي أهم بكثير من نشره في دولة أجنبية لان أهمية الكتاب لا تنبع بالضرورة من الترجمة فالترجمة تأتي بعد ملاحظة إن كان الكتاب مهما أم لا.




• كيف تنظر إلى التطبيع الأدبي مع الأدباء الإسرائيليين ؟؟؟

أنا ضد أن يكون هناك تطبيع ، التطبيع الثقافي يمكن أن يفهم بعدة وجهات نظر، فإذا كان ذلك يعني تبني وجهات نظرهم لدى الشعب الفلسطيني فهذا أمر مرفوض وغير مقبول تماما، فأنا ضد التطبيع بهذا المعنى ولكن هذا لا يعني أن لا يقرأ كتابي من كل الناس، ففي الآخر هناك قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية . الفلسطيني الكاتب لن يُعترف به ككاتب إلا إذا تبنى قضايا المجتمع، فالمطلوب من الكاتب أن يتصدى لمحاولات نزع الثقافة الفلسطينية أو نزع الثقافة الفلسطينية العامة، والتركيز في قضيتنا يتم في مواجهة الإسرائيليين.. ربما القليل هي الأعمال الأدبية التي لا تشم فيها رائحة إسرائيل لأنها عدو .. أنا ضد التطبيع الثقافي وأنا مع الانغماس في قضايا المجتمع حتى أبعد مما هو مطروح سياسيا .

• كيف تقيّم دور النقد الأدبي في ظل اقتصار النقد على الفنانين والفنانات ؟؟؟

أنا أعتقد أن النقد في بلادنا لا يواكب الحركة الأدبية بشكل عام ،فالنقاد قليلون لا يستطيعون مواجهة كم النشر فالنقد الأدبي شيء أساسي. لكن هناك بالمقابل دراسات ليست بمستوى النقد بقدر المهمة . نحن بحاجة إلى حركة نقدية غير موجودة الآن بشكل مرضي ربما الجامعات تكون أساسا لتشكيل هذه الحركة النقدية .. معظم النقد في بلادنا نقد انطباعي وليس مبنيا على أسس ربما النقد غير كاف للقيام بهذا العمل .

• ما هو دور الأدباء الفلسطينيين في الانتفاضة الحالية حيث أننا نلحظ تقصيرا من قبل الأدباء في الظهور على الشاشات الفضائية ؟؟؟

يجب أن نفرق بين الكتاب والإعلاميين ، ليس مطلوبا من الكتاب الظهور على الفضائيات ولكن هناك بعض البرامج ولكنها قليلة في فضائياتنا وفي إذاعاتنا وهناك مشاركة وربما غير كافية فهذه تحددها سياسة القناة،فقناة الجزيرة تقدم برنامج " وخير جليس " وهناك برنامج يلتقي بالكتاب .. لا تقاس قدرة الكاتب بكم ظهوره على الشاشة، ربما نعرف كتّاب ونحترم كتّاب لم نراهم مطلقا .. ليس مهمتنا التصدي بالمعنى الحرفي للقضايا الوطنية .. والكاتب يعيش الفكر الثقافي عند البشر وهناك كم كبير من الناس يظهرون على الشاشة وكأنهم مهمون وهذا لا يعني لي شيء.. وللأسف - وهذه ظاهرة فلسطينية - أن معظم الكتاب ولدوا من رحم السياسة، وبالتالي أن معظم كتابنا كانوا في الأصل أعضاء في التنظيمات السياسية وصحفيين فأنت ترى فلانا حتى وإن كان يكتب فهو ظهر لأنه إعلامي أو لأنه سياسي.

• ما تقول في رحيل عزت الغزاوي ؟؟؟

عزت الغزاوي كان صديقا عزيزا فقدته وفقدت كلماته الرقيقة وفقدت شاعريته الجميلة. فهو بالأصل يكتب شعرا مارس تجريب الرواية بشكل مهم، وترجمت أعماله إلى لغات أوروبية، وربما هو حالة ستشكل منارة للآخرين. رواياته ما زالت بحاجة لدراسات نقدية أعمق مما كتب حتى الآن .

• لو سألناك عن أحب رواياتك إلى نفسك فبماذا تجيب ؟؟؟

سؤال ليس له جواب ربما كل رواية تختلف حسب رسالتها ربما أقول أن أشهر رواية فيها تكنيك روائي هي اليسيرة .. الروايات الأخرى تختلف في طريقة تناول حدث مثلا في شهاب هي محاولة صياغة الحكاية الشعبية بطريقة يسير ة وهذا تكانا اهبل هههههيختلف عن اليسيرة.. ما يقوله الآخرون أن اليسيرة هي الرواية الأكثر أهمية والأكثر تعقيدا فيما كتبت .




• لمن تقرأ وأي نوع من الروايات تفضل ؟؟؟

ربما تتلمذت على يد مجموعة من الروائيين منهم حنّا مينا وعبد الرحمن منيف ونجيب محفوظ والطيب صالح والطاهر وطار وهم الروائيون المعروفون في الوطن العربي وربما في فترتنا كنا نقرأ الروايات السفيوتية .. أنا حاولت في بعض رواياتي أخذ مضمون عبد الرحمن منيف وطريقة حنا مينا وربما لأني قرأت معظم أعماله كنت أجده أشد قربا لي وهذا لا يعني عدم احترامي للآخرين .. أتمنى أن أمتلك أسلوب إميل حبيبي وهذا شعار عندي.. يجب قبل أن أبدا بالكتابة أن أقرأ في كل مرة إميل حبيبي وحنّا مينا وبالذات سداسية الأيام الستة لإميل حبيبي والياطر لحنا مينا .

• وأي الروايات تفضل ؟؟؟

الرواية رواية أطمح لأن أكتب في المستقبل الرواية الفكرية لكن لا يعني أن الأشكال الأخرى غير مهمة ؟

• سؤال أخير : سأورد لك أسماء روائيين وأريد رأيا صريحا فيهم ؟؟؟

يجيب: هذا صعب.

- عبد الرحمن منيف : عبد الرحمن منيف أحد الناس الذين تتلمذت على يده وقمت بالرد عليه في رواية الصعود ثانية .

- غسان كنفاني : هو جزء من الذين شكلوا معالم الهوية الفلسطينية وأتمنى لو عاش أكثر لكتب روايات أفضل .

- جبرا إبراهيم جبرا : لم أحبه كثيرا لأني كنت أشعر أن هويته غير واضحة .. فلسطينيته غير واضحة في رواياته لأنه عاش في الخارج ولكنه لديه لغة شاعرية جميلة .

- علي الخليلي: شاعر مهم أحب أن أستمع لشعره ، كتب روايات ، ما زال كتابه أقرأه بشكل كبير وهو " الغول " وأحب شعره كثيرا .

- أحمد حرب : كاتب مهم ، أعتقد أنه لو كتب في النقد أيضا لأسس حركة نقدية وبالطبع بالتعاون مع الآخرين .

- حسين البرغوثي : كنت أحب شخصيته وهو أثّر فيّ بشكل كبير وبالذات في التعرف على الفلسفات الآسيوية .. أحب شخصيته وأحببت بعض كتاباته ولكن أحب شخصيته أكثر وطريقة حياته ولكن لا أستطيع أن أعيشها.

الله يعطيك العافية

على الطرح الرائع

بنتظار جديدك

يسلمووو