واشنطن- (ا ف ب)اقتربت لعبة حافة الهاوية السياسية التي تشهدها واشنطن من نقطة المأزق الثلاثاء بعد ان رفض البيت الابيض المشروع الجديد الذي قدمه الجمهوريون في مجلس النواب حول رفع سقف الدين في الولايات المتحدة، واعتبره بمثابة "طلب فدية".
ورغم المخاوف العالمية بنفاد اموال الحكومة الاميركية اللازمة لسداد مستحقاتها المالية يوم الخميس، فان الانقسام في السياسة الاميركية ومقاومة الجمهوريين، ادى الى احباط جهود التوصل الى تسوية.
فقد قرر قادة مجلس النواب الجمهوريين الساعين الى ارضاء حزب الشاي المحافظ، محاولة تمرير مشروعهم الجديد الذي يهدف الى فرض ضوابط على قانون الرعاية الصحية الذي يتبناه الرئيس اوباما.
وسارع البيت الابيض الى الرفض وجدد طلب اوباما برفع سقف الديون البالغة 16,7 ترليون دولار دون اية شروط.
وقال زعيم مجلس النواب الجمهوري جون باينر الثلاثاء انه لا توجد لديه "قرارات حول ما سيفعله" بعد رفض البيت الابيض للخطة.
وخرج الجمهوريون بعد اجتماع استمر ساعتين ليقولوا ان مجلس النواب سيصوت على الخطوة المقبلة الثلاثاء، الا ان باينر بدا اقل ثقة. وقال "توجد الكثير من الاراء حول الاتجاه الذي يجب ان نتخذه. ولم تتخذ اية قرارات حول ما سنفعله بالتحديد".
واضاف "سنواصل العمل مع اعضاء الحزب في مجلسي الكونغرس لمحاولة ضمان عدم حدوث عجز في السداد واعادة فتح الحكومة".
وبعد هذه المناورات اصبح طريق الخروج من هذه الازمة السياسية التي تعد الاسوأ خلال حكم اوباما، غير واضح مطلقا.
وفي حال لم يتم التوصل الى اتفاق بمنتصف ليل الاربعاء، فان وزارة الخزانة الاميركية ستجد نفسها غير قادرة على اقتراض المزيد من الاموال وسداد مستحقاتها المالية، مما سيهز اقتصاد العالم.
واعربت دول كبرى مثل الصين واليابان عن قلقهما من تداعيات فقدان السندات الحكومية الاميركية لقيمتها وهي التي تعتبر اكثر الاستثمارات امانا في العالم.
وتشبه خطة مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون الخطة التي تقدم بها مجلس الشيوخ من حيث انها تقترح تمويل الحكومة حتى 15 كانون الثاني/يناير ورفع سقف الدين حتى 7 شباط/فبراير، طبقا لعضو الكونغرس داريل عيسى.
الا ان مجلس النواب وضع شروطا لتاجيل اداة ضريبية تساعد في تمويل برنامج اوباما للرعاية الطبية (اوباماكير) ويرفع الدعم عن الرعاية الصحية الخاصة بالسياسيين والمساعدين في الكونغرس.
الا ان البيت الابيض رفض المشروع الجمهوري ما يشير الى انه اذا طرح المشروع للتصويت فان الاقلية الديموقراطية ستصوت ضده ما يترك باينر امام مهمة صعبة هي توحيد جميع اعضاء كتلته في المجلس بمن فيها حزب الشاي، لدعم الخطة.
وعلى الارجح فان الديموقراطيين يراهنون على تصويت مجلس الشيوخ على خطة تشتمل على عدد اقل من الشروط قبل حلول موعد عجز وزارة الخزانة عن السداد، قبل ان يقبلوا باية تسوية.
وقالت المتحدثة باسم البيت الابيض ايمي برانديج ان "الرئيس (اوباما) قال وكرر القول بانه لا يجوز لاعضاء الكونغرس طلب فدية لتحمل مسؤولياتهم الاساسية بالتصويت على الموازنة ودفع فواتير البلاد".
واضافت "لسوء الحظ هذا ما يعنيه الاقتراح الاخير للجمهوريين في مجلس النواب، في محاولة من الحزب لارضاء مجموعة صغيرة من اعضاء حزب الشاي الجمهوريين الذين اجبروا الحكومة على الاغلاق في البداية".
واعرب زعيم الاغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ هاري ريد عن غضبه بشان المناورة الاخيرة التي قام بها مجلس النواب، وقال انها تقوض محاولة مجلس الشيوخ للتوصل الى تسوية.
وقال "لنكن واضحين: مشروع مجلس النواب لن يمر في مجلس الشيوخ".
وفي هجوم علني غير معتاد على باينر، قال ان رئيس مجلس النواب يحاول ارضاء مجموعة صغيرة من المحافظين المتشددين على حساب مصالح البلاد وكل ذلك لكي يحتفظ بوظيفته.
وقال "لقد خاب املي جدا في جون باينر الذي حاول مرة اخرى المحافظة على منصبه على حساب البلاد".
وشهد المستثمرون يوما متقلبا في الأسواق بسبب التطورات السياسية المتسارعة.
وانخفض مؤشر داو جونز نحو 100 نقطة في وقت ما الثلاثاء، الا انه استعاد خسائره في تعاملات منتصف الصباح ليعود الى الهبوط مرة اخرى.
ودعت الصين واليابان اللتان تبلغ ديونهما للولايات المتحدة اكثر من 2,4 ترليون دولار، واشنطن الى حل الازمة.
وقال وزير المالية الياباني تارو اسو ان العديد من السياسيين الاميركيين "لا يدركون حجم التاثير الدولي لهذه المشكلة".
بينما صرح نائب وزير المالية الصيني شو غوانغياو في بكين "نطالب الولايات المتحدة بوصفها الدولة التي تصدر عملة احتياطية رئيسية واكبر اقتصاد في العالم بان تتحمل مسؤولياتها وان تحافظ على استقرار الاسواق المالية العالمية".