السلآممـ عليكممم ورحمةة الله
قبل البدأ ..
أترحم على شهداءنا الأخيار الأبرار في سورية ..
وأسأل الله أن يعجل بنصرهم .. وأن يشفي جرحاهم ويتقبل شهداءهم ..
كما أسأله سبحانه أن يفرج عن إخواننا المضطهدين في فلسطينوبورما وجميع بلاد المسلمين ..
في مثل هذه الأيام من كل عام تتوارد الأسئلة على أهل العلم عن ..
حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد ..
وكالعادة .. في مثل هذه المسائل التي لا نص فيها ..
يقع الاختلاف بين أهل العلم .. والأمر إلى هذا الحد مقبول ..
لكن أن يجعل ذلك من البدع .. ومن مضارعة النصارى .. ففي ذلك نظر بيّن ..
وهذا المأخذ هو أحد أسباب من منع من التهنئة بها ..
تحدث عن ذلك الدكتور عمر المقبل ..
" وقد رأيت بعد البحث أن هذا القول -أعني تسربها من النصارى- لا يساعده النظر ..
بل لو قال قائل : إن العكس هو الصحيح .. لم يكن بعيداً من الصواب ..
فقد قال السيوطي -رحمه الله تعالى- (ت : 911 هـ) في مقدمة رسالته -وصول الأماني بأصول التهاني- : " ..
" فقد كثر السؤال عما اعتاده الناس من التهنئة بالعيد والعام والشهر والولايات ونحو ذلك ..
هل له أصلٌ في السنة ؟؟ فجمعت هذا الجزء في ذلك :
قال القمولي في -الجواهر- :
" لم أر لأصحابنا كلاماً في التهئنة بالعيدين والأعوام والأشهر كما يفعله الناس " ..
وفيما نقل من فوائد الشيخ زكي الدين عبد العظيم المنذري ..
أن الحافظ أبا الحسن المقدسي .. سئل عن التهنئة في أوائل الشهور والسنين : أهو بدعة أم لا ؟؟
فأجاب : " إن الناس لم يزالوا مختلفين في ذلك .. والذي أراه أنه مباح .. ليس بسنة .. ولا بدعة " ..
ونقله الشرف الغزي في -شرح المنهاج- ولم يزد عليه .. " انتهى كلام السيوطي ..
وهذا النقل عن القمولي تتابع على نقله متأخرو الشافعية في مصنفاتهم في الفقه ..
كالشربيني وغيره ..
يستفاد من نقل السيوطي ما يلي :
الأول : أن السؤال عن هذه المسألة قديم .. أي أن التهئنة بالعام الهجري تعود إلى القرن الخامس ..
فإن الحافظ أبا الحسن المقدسي -رحمه الله- قد سئل عنها ..
وإذا كان قد توفي عام (611) .. فهذا يعني أنه عاش أكثر عمره في القرن السادس الهجري ..
ومثله تلميذه الحافظ عبد العظيم المنذري -رحمه الله- صاحب الترغيب والترهيب (ت : 656) ..
وهذا ما وقفت عليه .. وربما لو تتبع باحث لوجد لذلك بعداً تاريخياَّ أقدم ..
وإذا علمنا أن أوروبا كانت في تلك الفترة تعيش حقبة ما يسمى بالعصور الوسطى ..
والتي هي أكثر العصور انحطاطاً -في تقدير الأوربيين أنفسهم- ..
وفي المقابل .. كانت الأمة الإسلامية ما زالت قوتها مصدر هيبة للأعداء ..
وما زالت فتوحات الإسلام تواصل زحفها في شمال الأندلس غرباً .. وأقاصي الصين شرقاً ..
وقد جرت العادة أن الضعيف هو الذي يقلد القوي .. وعليه ..
فما المانع أن تكون التهاني بالأعوام الجديدة متلقاة عن المسلمين .. أخذها النصارى عنهم ؟؟
وكون هذا يربط بعيد عند النصارى .. لا يؤثر على حل التهنئة بالعام ..
فإن التهنئة شيء .. والعيد شيء آخر ..
وهذا -فيما يظهر- .. يضعف القول بأن التهنئةبالأعوام جاءت من قبل النصارى ..
والذي بنى عليه بعض الفضلاء منعهم لها ..
ثانياً : مما يستفاد من نقل السيوطي : أن الحافظ أبا الحسن المقدسي يرى التوسط في ذلك ..
وهو القول بالإباحة .. فلا هي سنة ولا هي بدعة ..
وهذا -والله أعلم- مبني على أن التهاني من باب العادات .. فلا يشدد فيها ..
هذا الفهم .. هو الذي فهمه العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله- (ت : 1376هـ) ..
ففي كتاب -الأجوبة النافعة عن المسائل الواقعة- لشيخنا العلامة عبد الله بن عقيل -رحمه الله- (ت : 1432هـ) ..
وهو كتاب حوى مراسلات بينه وبين شيخه العلامة عبد الرحمن بن سعدي .. جاء في ص -174-..
أن الشيخ ابن سعدي كتب لتلميذه ابن عقيل كتاباً في (3/محرم/1367هـ) .. وكان في ديباجة رسالته :
"... ونهنئكم بالعام الجديد .. جدد الله علينا وعليكم النعم .. ودفع عنا وعنكم النقم " ..
وكان لبعض مشايخنا -رحمهم الله- كابن باز (ت : 1420هـ) .. وابن عثيمين (ت : 1421هـ) نظر في ذلك ..
فقالوا : لا يُبتدأ بها .. ولا ينكر على من فعلها ..
وقد نص شيخنا ابن باز -رحمه الله- على أن البدء بها ليس ببدعة ..
وبناء على ما سبق .. فلا يحسن التشديد في هذا الأمر .. والله تعالى أعلم ..
إن شا الله الموضوع نال على استحسانكم ورضاكم ..
فإن كان من صواب فمن الله .. وإن كان من خطأ فمني والشيطان ..
هذا .. وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه ..