تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :روى الامام مسلم في صحيحه، من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى امْرَأَةً، فَأَتَى امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ، وَهِيَ تَمْعَسُ مَنِيئَةً لَهَا، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فقَالَ: "إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، فَإِذَا أَبْصَرَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ".
قال الإمام الحافظ المناوي في شرح هذا الحديث في فيض القدير: فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته، أي استحسنها؛ لأن غاية رؤية المتعجب منه استحسانه، فليأت أهله، أي: فليجامع حليلته، فإن ذلك، أي جماعها، يرد ما في نفسه، أي: يعكسه ويغلبه ويقهره.... وأرشدهم إلى أن أحدهم إذا تحركت شهوته واقع حليلته تسكيناً لها، وجمعاً لقلبه، ودفعاً لوسوسة العين. وهذا من الطب النبوي، وهذا قاله لما رأى امرأة فأعجبته، فدخل على زينب رضي الله عنها، فقضى حاجته منها، وخرج فذكره
فالقول بأن الإسلام ينظر إلى المرأة باعتبارها شيطانا غير صحيح على الإطلاق، ولو كانت هذه هي نظرة الإسلام إلى المرأة، فهي نظرته إلى الرجل أيضا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "النساء شقائق الرجال" فإذا كانت النساء شياطين فالرجال شياطين كذلك؛ لأنهم شقائق النساء!!
والحقيقة هذا كلام يحاول مروِّجوه أن يصدوا الناس عن الإسلام. إن الله (عز وجل) كرَّم بني آدم رجالاً ونساءً (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) [ الإسراء: 70 ] دون تفرقة بينهم . فكيف يزعم زاعم غير ذلك؟ وإن مكانة المرأة في الإسلام مكانة مرموقة، يعرف ذلك من له أدنى معرفة بالإسلام وتعاليمه فيما يخص المرأة.
لقد انتزع هؤلاء شبهتهم من حديث للنبي [ صلى الله عليه وسلم ] كما يفعلون دائما؛ حيث يحملون الأحاديث ما لا تحتمل من المعاني ويحرفون الكلم عن مواضعه.. والحديث صحيح رواه الإمام مسلم وغيره وفيه أن النبي [ صلى الله عليه وسلم ] قال: "إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان.. فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته فليأت أهله، فإن ذلك يرد ما في نفسه".
وليس في النص ما يُستنكر، وليس فيه ما يقتضي احتقار المرأة أو انتقاصها، بل معنى الحديث أن الله جعل في نفوس الرجال من الميل إلى النساء والالتذاذ بالنظر إليهن.
وفي إطلاق النظر إليهن فتنة، ودعوة إلى الوقوع في الإثم؛ فصورة المرأة التي تدعو الرجل إلى الغواية والوقوع في الحرام شبيهة بإغواء الشيطان للعباد ودعوته لهم بالوقوع في الشر بتزيينه في أعينهم.. وهذا أمر يشهد الواقع بصدقه .
فالحديث جاء في سياق تحذير النساء من عواقب عدم ارتداء الحجاب؛ لئلا تُفتن هي بالرجال، ولئلا يُفتن الرجال بهن . وقد تضمن الحديث توجيها نبويا لعلاج ما قد يقع في القلب من الافتتان بالنساء، وهو أن يأتي الرجل أهله؛ فإن ذلك كفيل -إن شاء الله- بزوال ما يجد في قلبه من الشهوة.
قال القرطبي في المفهم: أي في صفته من الوسوسة، والتحريك للشهوة؛ بما يبدو منها من المحاسن المثيرة للشهوة النفسية، والميل الطبيعي، وبذلك تدعو إلى الفتنة التي هي أعظم من فتنة الشيطان؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "ما تركت في أمتي فتنة أضر على الرجال من النساء".
وهذه الشبهات نابعة من قصور في معرفة مكانة المرأة في الإسلام، وتصور خاطئ أن الإسلام ينحاز للرجل على حساب المرأة.. وقد جاءت تسمية الرجل شيطانًا في بعض النصوص نظرا للعمل الذي قام به؛ فقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي يخبر عمَّا يقع بينه وبين زوجته وكذا المرأة التي تخبر عما يقع بينها وبين زوجها بقوله: "فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقي شيطانة فغشيها والناس ينظرون" رواه أحمد.. انتهى .
ومن ثَمَّ فالتشبيه بالشيطان لا علاقة له بكون المشبه رجلاً أو امرأة، إنما علاقته في الأساس هي بالفعل الذي يرتكبه الرجل أو المرأة.. وهذا من الأساليب المستخدمة في اللغة العربية دون أن يُفهم من ذلك أن المرأة شيطان لذاتها أو أن الرجل شيطان لذاته كما يحاول البعض إشاعته .
المصدر بوابة القاهرة
http://www.cairoportal.com/islamic/13013