أحمد البردعى .. علامة استفهام تنتظر الإجابة من النائب العام !
تقرير يكتبه ـ إســلام عــلوى
السعي للسيطرة والتقرب من دوائر صنع القرار كانت هي الوظيفة الرئيسية والأولي التى امتهنها احمد البردعي رئيس بنك القاهرة السابق وذلك من أجل الحصول على المزيد من المنافع شخصية والتوسع فى الثروت التى أصبحت محاطة بالعديد من علامات الاستفهام.
الي ما تشاء وكيفما تشاء صف هذا الرجل الذي قادته أحلامه المصرفية الي أن أصبح الملقب بموزع الملايين حيث تلاعب بأحلام وطموحات المصريين وسرقه أراضى الدولة والتعدى على حرم نهر النيل الخالد .
كل ذلك تؤكده التقارير الموثقة بالأرقام التي نشرتها بوابة نبض الوطن الألكترونية وصحيفة الموجز وصوت الامة عن استيلائه علي اراضي المصريين عنوة في ظل احتمائه بنظام الحزب الوطني الذي لقب بمملكة الفساد الذي تربع فيها حين كان يصول ويجول كيفما يشاء محتميا بقوة جمال مبارك فى الدولة.
وأنا اتابع ما نشرته تلك الصحف عن فساد هذا الرجل أحسست بواقع مرير نعيشه نحن كمصريين حيث اصبح الفساد يملأ الوطن ، هذا الوطن الذي اندلعت فيه ثورتان كان الدافع الرئيسي فيهما هو محاربة الفساد واسترداد أموال الشعب المصري التى استولى عليها نخبة من الفاسدين ومصاصى دماء الشعب وهى الأموال التى تم تهريبها بمعرفة أنظمة احترفت تعاطى الفساد والتربح من السلطة الحاكمة .
ولا شك في ان هذا الرجل الذي اصبح فساده يتلاعب يوما بالبورصة المصرية ويوماً بالاقتصاد المصري ، حيث وضع كل اموال المصريين وبنك القاهرة تحت تصرف نظام مبارك الذي ساعده علي الاحتكار وشراء الاراضي .
توقفت طويلاً أمام هذه الموضوعات وكم الفساد الذي مارسه هذا الرجل وكيف خرب الاقتصاد واضاع حق النيل التاريخي حيث وتوقفت يدي عن الكتابة وعقلي عن التفكير عندما قرأت الفضائح والكوارث التى أفصحت عن حقيقة الرجل المصرفي احمد البردعي واسقطت القناع الزائف عنه.
ولكن السؤال الذي يفرض نفسه كيف تتستر الدولة علي رجل بهذا الكم من الفساد كل هذه السنوات، وعلى الرغم من أن ثورتين في الرأس توجع ولكن فى احمد البردعي يبدو انه قد تحصن جيداً من هاتين الثورتين ،، فهل يحتاج الي ثورة ثالثة حتي يأخذ العقاب الذى يستحقه بعد ان أصبح وكأنه الفساد يمشى على قدمين ، واحتمي بالسلطة التي غمرها بالمال من أجل أن ينجو بنفسه من المساءلة والحساب في دولة غاب فيها القانون وأصبح فى خبر كان.
ففي الدولة التي يموت ابنائها من البرد والجوع والمرض والفقر نري رجال تزداد مليارتهم ويتمتعون بخير هذه البلد الذين يصعدون علي جثث الغلابة ، احمد البردعي هو أحد هؤلاء المفسدين الذين دهسوا احلام الفقراء بخراب اقتصاد الدولة وتهريب خيراتها وملياراتها الي الخارج والقروض التي أعطيت بدون ضمانات ففي التقارير الصادمة الذى تناقلته مواقع الانترنت والبوابات الالكترونية والمنتديات العامة والذى كانت قد فجرته الصحف المصرية وصوت الأمة حيث فساد هذا الرجل أثار الكثير من ردود الافعال عبر مواقع التواصل الإجتماعى وعلى وجه الخصوص "تويتر" و" فيسبوك"
النشطاء الذين تناولوا الموضوع عبر تعليقاتهم على الفيسبوك تركزت تساؤلاتهم حول الكيفية التى وصل من خلالها احمد البردعي وكيف وصل الى هذا المستوى من الإنحراف المالى اما نشطاء "تويتر" فقد تركزت تغريداتهم حول العلاقة المريبة التى ربطته بنظام مبارك وكيف ساعده جمال علي الوصول لرئاسة احد اكبر البنوك في مصر حسبما نشرته الصحف المصرية وتناقلته المواقع الإخبارية.
وأجمعت الغالبية العظمى من نشطاء تويتر وفيسبوك على تساؤل واحد وهو :لماذا يصمت النائب العام عن هذه المعلومات التى تعد فى غاية الخطورة ولماذا لم يتم فتح تحقيق عاجل مع احمد البردعي قبل أن يتمكن من الهرب الي الخارج خاصة بعد تناول الموضوع بالنشر عبر وسائل الإعلام.
يذكر أن أحمد البردعي الذى اعتبره البعض أحد أذرع جمال مبارك التى استخدمها في نهب أموال البنوك وتوزيعها علي رجال الأعمال من مواليد 1952 أمريكي الجنسية، إلى جانب جنسيته المصرية، أي مزدوج الجنسية، هاجر بعد تخرجه مباشرة من الجامعة عام 1975 إلى أمريكا [غير واضح موقفه من التجنيد] متزوج من أجنبية، استطاع خلال هجرته في أمريكا أن يعمل في "سيتي بنك" ثم أصبح مديرا لفرع القاهرة..ترك سيتي بنك، وظل بلا عمل أكثر من خمس سنوات، ثم عمل بالبنك العربي الأفريقي الدولي عام1994، وخلال ثلاث سنوات أصبح العضو المنتدب للبنك، وخرج منه أيضا ، وظل بلا عمل من عام 97 وحتى عام 2000 إلى أن تولى رئاسة بنك القاهرة .
وبدأ أحمد البردعى فى التقرب من جمال بطموح بسيط يتمثل فى الأمل أن يفوز بوظيفة كبيرة الي أن قاده طموحه فأصبح ذراعه في منح "الشلة" من أحمد عز إلي أبو العينين وبهجت وراسخ قروضا بأكثر من 10 مليارات جنيه فكانت المكافأة الكبري له أن جعله رئيسا لصندوق مصر للاستثمار الذى هو فى حقيقة الأمر بمثابة أحد مصادر ثروة نجل الرئيس المخلوع.
ولم يكن رئيس بنك القاهرة السابق يتوقع أن صداقته بجمال مبارك ستفتح له أبوب الحظ علي مصراعيها وتحوله إلي أحد أهم رجال القطاع المصرفي.. فكل ما كان يتمناه أحمد البردعي عندما اقترب منه نجل الرئيس أن ينال رضاه ويعين في وظيفة بنكية براتب كبير.
ومع مرور الوقت تحول الرجل أحد أهم مساعدى جمال مبارك الذين يقومون بتنفيذ سياساته في البنوك ويتلقي أوامره بصرف قروض لرجال أعمال مقربين وتسوية قروض آخرين.. كان لا يتواني في تنفيذ أوامر نجل الرئيس الذي كان بمثابة تميمة الحظ قبل أن ينقلب عليه ويجبره علي الخروج مرغما بعد تفجر ملف المخالفات في بنك القاهرة.
ويبدو أن جمال اكتشف بعض المهارات الخاصة عند البردعي بجانب قدرته الهائلة علي مدحه فقربه إليه وجعله أحد رجاله، خاصة حين صار الاثنان في عضوية مجلس إدارة البنك العربي الأفريقي..ومع صعود نجم جمال السياسي وصل البردعي بسرعة الصاروخ أيضاً إلي منصب رئيس البنك ثم تم تعيينه كرئيس لبنك القاهرة وسط اعتراض عدد كبير من المتخصصين.. لكنه لم يخيب ظن المعترضين وحقق فشلا ذريعاً في إدارة البنك بسبب المخالفات وكثرة المتعثرين خلال رئاسته، حيث وصلت محفظة الديون المتعثرة قبل أن يغادر البنك إلي 10 مليارات جنيه، اضطر جمال بعدها عن التخلي بشكل مؤقت عن صديقه.
ساهم البردعي أثناء رئاسته للبنك العربي الأفريقي في منح عدد كبير من رجال الأعمال قروضا هائلة بالمليارات حيث منح محمد ابو العينين وحده 700 مليون جنيه إلي جانب أحمد بهجت ومنصور عامر ومجدي راسخ صهر الرئيس المخلوع وعدد كبير من رجال الأعمال..كما ساعد رجل الأعمال إبراهيم كامل وقام بجدولة ديونه لبنك القاهرة ومنحه أجلا للسداد، لعلاقته الوثيقة بنجل الرئيس.
استعان جمال بالبردعي لإنشاء كيان مشبوه اسمه صندوق مصر للاستثمار الذي تم تأسيسه في 23 يوليو عام 1996 في مدينه لكسمبورج بالاشتراك مع رجل الأعمال ابراهيم كامل.. وتهدف الشركة إلي تحقيق أرباح متوسطة وطويلة الأجل من خلال الاستثمار في أسهم الشركات التي يتم إدراجها في سوق البورصة المصرية، وشغل إبراهيم كامل منصب رئيس صندوق مصر للاستثمار ثم استقال بعد ذلك ليحتفظ بالعضوية فقط ليخلفه البردعي في رئاسة الصندوق الذي كان أحد مصادر ثروة جمال، قبل أن ينضم لمعاونة نجل الرئيس في شركة انفيستمنت التي أنشأها لبيع ديون مصر.
والغريب فى الأمر أن النائب العام الأسبق عبد المجيد محمود كان بعد الثورة يؤكد ليل نهار أنه لا أحد فوق المساءلة، وأن القانون هو الحكم، ونعتقد أن قرابة السيد النائب العام بأحمد البردعي لن تمنع النيابة العامة من فتح تحقيق ظل ممنوعا طوال عهد النظام البائد، وكان مصير البلاغات والشكاوى هو الحفظ في الأدراج.
فهل يبادر النائب العام المستشار هشام بركات باتخاذ قراره الشجاع بفتح ملف فساد احمد البردعى ؟ انها علامة استفهام كبيرة تنتظر الإجابة من النائب العام .