الرجل الغامض

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :


الرجل الغامض

من الصعب أن تعرف شخصا كما ينبغي حتى ولو عشت معه طويلا، بل وعايشته اي تعاملت معه في السراء والضراء، وجربته في المال والسفر وما شابه. فكيف تعرف شخصا تمام المعرفة وأنت تتعامل معه في عالم افتراضي اسمه النت من خلال شاشة واسم مستعار وكلمات وحروف يكتبها.
الأخت "ذكرى نرجسية" حفظها الله تصر على أن تلقبني بكلمة "أستاذ" وأنا لا أطيق هذا اللقب على نفسي لأني لا أستحقه. والحقيقة الغائبة عن
الكثير أني رجل غامض. وهو اللقب الذي أطلقه علي أكثر من واحد منذ بدئي استعمال النت وارتياد المنتديات. طبع لكل دافعه وغايته. لكني شخصيا
أتلقى هذا اللقب على الرحب والسعة واعتبره مدحا ولو نوى من أطلقه علي الذم. لماذا؟ لأن كل شيء يتوقف على المفهوم الذي حددته لهذه الكلمة "الغموض". وهذا المفهوم يتحدد تلقائيا من أجابتي على سؤال أحدكم: لماذا رجل غامض؟ أو لماذا أنت رجل غامض؟
وهذه هي قناعتي وفلسفتي وليس فقط اجابتي على السؤال:
أنا رجل غامض وأحب ذلك لأن الكثير من الأضداد تصالحت عندي كما يقول الجاحظ، لكنه هو كان يتحدث عن الأمراض التي اجتمعت عنده حتى عاد يشعر بالحرارة والبرودة في آن واحد، أما أنا فأتحدث عن أضداد جميلة عقلية ونفسية واجتماعية في أكثره اصطلحت كلها على التعايش عندي على قدم الاحترام المتبادل وليس المساواة. فكل منها يعرف مكانته ومهامه وفائدته وحدوده، ولا مجال لأي منها أن يتعدى حدوده. كل ما يجمع هذه الأضداد طوعا أو كرها هو الانسانية والتعلق بالخالق العلي القدير. فكانت نتيجة هذا التصالح أني احترم كل الناس باختلاف مشاربهم وشخصياتهم وقناعاتهم، فلا فرق عندي بين انسان وآخر إلا بما يقدمه من خير للناس والحياة وبما يلتزم به مما فرضه الخالق عليه تجاه نفسه وأهله ومجتمعه والانسانية جمعاء.
وهذا ما أحببته ولا أزال لنفسي وهذا ما أحب أن يكون عليه كل الناس حتى يلتفتوا الى تحسين أوضاعهم ويتعاونوا على المشاكل والأزمات بدل التنازع والتقاتل والتنافر والتدابر من أجل أشياء تافهة من متاع الدنيا أو شوارد الجدل العقيم. ولعمري ان كان هذا غموضا فلا خلت حياتي وتفاصيلي كلها منه.