هو أبو علي الحسن بن الهيثم، والمهندس البصري المتوفى عام 430 هـ، ولد في البصرة سنة 354 هـ/965م على الأرجح. وقد انتقل إلى مصر حيث أقام بها حتى وفاته.
ويذكره ابن أبي أصيبعة في كتابه (عيون الأنباء في طبقات الأطباء) فيقول: (كان ابن الهيثم فاضل النفس، قوي الذكاء، متفنناً في العلوم، لم يماثله أحد من أهل زمانه في العلم الرياضي، ولا يقرب منه. وكان دائم الاشتغال، كثير التصنيف، وافر التزهد...). سار على طريق العلماء، فسافر في طلب العلم، فذهب إلى بغداد، والشام ومصر، وتنقّل بين أرجاء الدولة الإسلامية.
درس في بغداد الطب، وتخصص في طب الكحالة (طب العيون)،اتخذ من غرفة بجوار الجامع الأزهر سكناً،وذلك بعد فشله في تحقيق طلب الخليفة االحاكم بأمر الله الفاطمي في مصر في مهمة (تنظيم نهر النيل بحيث يصلح للري في كافة أوقات السنة)، التى اوكلت اليه.
فقد جاء في كتاب (أخبار الحكماء) للقفطي على لسان ابن الهيثم: ( لو كنت بمصر لعملت بنيلها عملاً يحصل النفع في كل حالة من حالاته من زيادة و نقصان ). فوصل قوله هذا إلى صاحب مصر، الحاكم بأمر الله الفاطمي، فأرسل إليه بعض الأموال سراً، وطلب منه الحضور إلى مصر ، فباشر ابن الهيثم دراسة النهر على طول مجراه،أدرك أنه كان واهماً متسرعاً في ما ادعى المقدرة عليه، وأنه عاجز على البرّ بوعده.
واتخذ من مهنة نسخ الكتب العالمية موردًا لرزقه، هذا بخلاف التأليف والترجمة، حيث كان متمكنًا من عدة لغات، وتفرغ في سائر وقته للتأليف والتجربة.
اعتمد ابن الهيثم في بحوثه على أحد منهجين، هما: منهج الاستقراء، ومنهج الاستنباط. وفي الحالين كان يعتمد على التجربة والملاحظة، وقد وصل ما كتبه إلى 237 مخطوطة ورسالة في مختلف فروع العلم والمعرفة، فقد تطرق الى الفلسفة والمنطق والميكانيكا والطب والفلك والبصريات والرياضيات، مستحدثًا أنماطًا جديدة من الفكر العلمي الأصيل، معتمداً نهج التجربة العملية في اثبات النظريات والفرضيات والتأكد من النتائج بمعادلات منطقية رياضية.
علم الرياضيات :
في علم الرياضيات وضع ابن الهيثم العديد من المؤلفات، وقد صل إلينا منها 37 مخطوطًا تتحدث عن خصائص المثلث والكرة، وكيفية استخراج ارتفاعات الأجسام، وغير ذلك، ومن أمثلة هذه المؤلفات:
- شرح مصادرات إقليدس - كتاب في بركار (فرجار) القطوع.
- مقال في أصول المساحة - مقالة في مساحة المجسم المكافئ.
- قول في استخراج ضلع المكعب - مقالة في خواص المثلث من جهة العمود.
- كتاب الجامع في أصول الحساب - مقالة في استخراج ما بين بلدين في البعد بجهة (باستخدام) الأمور الهندسية
علم الميكانيكا :
في إطار رحلته في علم الضوء الذي تبحر فيه ، درس العديد من الظواهر الميكانيكية
الحركة الطبيعية: وهي حركة الجسم بتأثير من وزنه ( ما يعرف حاليا بالسقوط الحر )
الحركة العرضية: وهي الحركة التي تنتج من تأثير عامل خارجي (القوة)
و ابن الهيثم اول من درس حركة الأجسام من خلال مركّباتها( مساقطها على المحورين ) احداهما باتجاه الأفق، والأخرى باتجاه العمود على الأفق، وأن الزاوية بين المركبتين قائمة، وأن السرعة التي يتحرك بها الجسم هو محصلة هاتين المركبتين ( المسقطين )
- درس التصادم الديناميكي ( الحركي) للأجسام ، فدرس التغير في سرعة الأجسام عند التصادم الذي يتعلق بخصائص هذه الأجسام، وميّز بين الاصطدام المرن وغير المرن للأجسام .
علم البصريات: (مؤسس علم الضوء )
كان أول من قال بأن للضوء سرعة محددة يمكن قياسها.وقام بتعريف الضوء بصورة قريبة مما نعرفه اليوم، وذلك بأنه جسم مادي لطيف يتألف من أشعة لها طول وعرض .
وفي كتاب (المناظر)، الذي الفه ابن الهيثم شكّل ثورة في عالم البصريات،بحث فيه موضوعات انكسار الضوء وتشريح العين وكيفية تكوين الصور على شبكة العين ووضع لأقسامها أسماء أخذها عنه الطب الغربي.و بالإضافة الى كتاب المناظر هنالك ما يقرب من أربعة وعشرين موضوعًا ما بين كتاب ورسالة ومقالة، غير أن أكثر هذه الكتب قد فُقدت فيما فقد من تراثنا العلمي، وما بقي منها فقد ضمته مكتبات إستانبول ولندن وغيرهما.
والحسن بن الهيثم هو أول مَن بَيَّنَ خطأ نظرية إقليدس وغيره في أن شعاع الضوء ينبعث من العين ويقع على المبصَر، وقرر عكس هذه النظرية، في أن شعاع الضوء يخرج من الشيء المبصر ويقع على العين، وهو اول من بيّن أن الشعاع الضوئي ينتشر في خط مستقيم ضمن وسط متجانس ، فحسم الخلاف والجدل الكبير حول كيفية إبصار الأجسام.
اكتشف ابن الهيثم( ظاهرة انعكاس الضوء، وظاهرة انعطاف الضوء) ، وبحث في انكسار الأشعة الضوئية عند نفاذها في الهواء المحيط بالكرة الأرضية، وبين أن كثافة الهواء في الطبقات السفلى أكبر منها في الطبقات العليا، واثبت بذلك أن الجسم الذي ترقبه العين من خلال العدسة يظهر في موضع أقرب من موضعه الحقيقي،فكشف بذلك الخطأ الذي ينشأ عن ذلك في عملية رصد الكواكب والنجوم.
جعل ابن الهيثم علم البصريات علماً مستقلاً له اسمه وقوانينه، فاهتم بالآلات البصرية وحسب درجة الانعكاس في المرايا المستديرة والمرايا المحرفة وتوصل إلى معرفة قانون تأثير العاكسات الضوئية ثم حقق في تأثير الفضاء على الأشعة وتكبير الأحجام بواسطة الزجاجة المكبرة ، وكان أحد أبرز إنجازاته في هذا الكتاب تجربة الصندوق الأسود، وهي تعتبر الخطوة الأولى في اختراع الكاميرا. وكما تقول الموسوعة العلمية "سارتون": فابن الهيثم يعتبر أول مخترع للكاميرات،
وبين الحسن بن الهيثم كيف تحدث الرؤية ،
ضح ذلك بتشريح العين فبين تركيبتها، وما يؤديه كل جزء من أجزائها من الأعمال، وقد عزى حدوث الرؤية إلى تكوّن صور المرئيات على ما نسميه الآن "شبكية العين" وانتقال التأثير الحاصل بوساطة العصب البصري، وعلل رؤية الشيء واحدًا على الرغم من النظر إليه بعينين اثنتين بوقوع الصورتين على جزأين متماثلين من الشبكية، وعالج موضوع العدسات وقوة تكبيرها. ويعد ما كتبه في هذا الموضوع ممهدًا لاستخدام العدسات لإصلاح عيوب العين.
وبذلك كانت جهوده في هذا المجال تضاهي نتائج نيوتن في الميكانيكا الى حد ان احد كبار مؤرخي العلم
(جورج ساتون)وصفه ((هو أعظم عالم فيزيائي مسلم، وأحد كبار العلماء الذين بحثوا في البصريات في جميع العصور))
وفي الفلك :
لابن الهيثم حوالي 20 مخطوطة في هذا المجال، وقد ساهمت انجازاته الرياضية في مناقشة كثير من الأمور الفلكية،فقد ناقش في رسائله أبعاد الأجرام السماوية وكيفية رؤيتها بمفهوم علمي ومنطقي، فأبدع ابن الهيثم في هذا العلم لدرجة أنه أُطلق عليه لقب "بطليموس الثاني".
وفي الحساب والجبر والمقابلة :
:x جيجي2012 :x