السَّاحِر لـ عبد الرحيم الخصار

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

أضعُ يدي في القبعة

و أخرج خوذةً نما فيها العشب

خوذةَ الجندي التي تغنى بها شاعر من اليونان

أضعها أصيصاً على عتبة البيت

أخرج بنادق الحديد و أحولها لعبا للأطفال

أجعل عربةَ السلاح مهدا و الرشَّاشَ مكنسة

على فوهة المدفع

سأبني عشا للطائر الذي شاخ

و أزرع الرصاصَ في الأرض

ليصير حقل ذرة

هذا الجندي الهرم سيغدو راعيا للأيتام

يحنو على المرضى

و يعيدُ الدفء الضائع للرضَّع

الذين وُجدوا في المطارح

سيجلس مساءً في باحة الدار

و يروي قصصا قديمة لساكنيها العجزة.

أعيد يدي إلى القبعة السوداء

و أخرج أرنبا أبيضَ لا يشبه الأرانب

يعدو في المسالك المعتمة

و تعدو خلفه أحلامُ الذين تكسرت أحلامهم على الجِراف

و في نهاية العتمة لا بد أن يلمع الضوء

لا بد أن يقف العطف بقمصانه البيضاء

و يربت على الجفون التي أغمضها اليأس.

أمرّر يدي على ياقتي

فتخرج أسراب من الطيور

و أطفال بأجنحة شفافة

يغلِّفون الخوفَ بأوراق الشجر

و يطوّحون به إلى حيث لا أحد يصل

يكنسون الشوارع من الغبار و القلق

يهمسون للعابرين بكلمات حب

و في كل قلب سيضعون مزهرية.

سأنزع الأسلاك الشائكة و أغرس الصنوبر

و هذا الحصن العالي سأغطيه باللبلاب

سأرسل الكتائبَ سعاةَ بريد

و أجعل الثكناتِ مشاتلَ ورد

و إذا ما خطا الصبية في حقل الألغام

سيصيرُ كل لغم دالية.

هذا المتسول المغبرُّ على الرصيف

سيمشي في الموكب جنبَ الملك

وهذه الفتاة التي كانت تسعف الجنود

ستعود من الجبهة

لتنفض التراب عن نوافذ البيت

وتعيدَ ترتيب الحب في خزانتها

لتمسح الغبار عن صورة العاشق القديم

و تتركَ الليلك ينمو من جديد في هواء الغرفة

و هذا الجنرال المدجّج بالرعب

سأصرفُ نظره عن الجثث

و بدلَ المسدس سأمنحه ريشة.

سأجعل الجنود ورائي

يحملون الكمانات و العيدان

يتماوجون كسنابلَ تحب بعضها في الحقل

و يصدحون بالنشيد الذي ضاع

سنغني جميعا للأرواح التي راحت

للجندي العاشق الذي قُصفت خيمته ليلا

حين كان يكتب رسالة حب

للشاب الذي سقط صريعا في غابة

و عيناه تحدقان في صورة الوالد المريض

للممرضة التي ماتت على سريرها بطعنة خنجر

لحارس الذخيرة الذي انهار عليه السقف

للطفلة التي داستها عربة مدرّعة

لأصدقائها الذين ماتوا دون سبب

للأجساد الرطبةِ التي اخترقها الرصاص

للأمهات اللواتي ملأن الغرف بالبكاء

للأرامل و لليتامى

و للذين تركوا أقدامهم في الحرب.

سنرفع أصواتنا بألحان تجعل الجدران تبكي

ثم تبتسم

و إذا لم يسمع صراخنا أحد

فسأعيد كل شيء إلى مكانه

سألملم عصاي و قبعتي

و أكنس من على الأرض أوهامي

سأسحب الستار إلى نهايته

ثم أمضي

سلمت أنــآمـلـكـ لــنـ آ ع طـرح رآقـي

دآم أبدآعكـ مـتألق في السمآء

السَّاحِر لـ عبد الرحيم الخصار - صفحة 2 127446590

السَّاحِر لـ عبد الرحيم الخصار - صفحة 2 Photo

السَّاحِر لـ عبد الرحيم الخصار - صفحة 2 33678

» بسم الله الرحمن الرحيم
» بسم الله الرحمن الرحيم
» بسم الله الرحمن الرحيم
» بسم الله الرحمن الرحيم
» بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة