مقترح اقرأ في روز ... مقال الشاعر الكبير / فاروق جويدة .. إخلاصُ اللحظةِ ووفاءُ العمر

مقترح
اقرأ في روز ...

مقال الشاعر الكبير / فاروق جويدة ..

إخلاصُ اللحظةِ ووفاءُ العمر ..

سألتُ صديقى الذى تزوج أكثر من مرةٍ وسافر فى كل المدن فلم يتركْ مدينةً إلا ورحلَ فى شوارعِها، سألتُ هذا الصديق بعد رحلةِ سفٍر طالت هل كنتَ سعيداً بهذه الرحلة؟ وماذا بقى لك منها؟
قال صديقى: بقى لى أننى أحببتُ كل هؤلاء، كل امرأةٍ تزوجتُها عشتُ معها لحظةً جميلةً من لحظاتِ عمرى وكنت أشعر أننى أتزوج للمرةِ الأولى حتى آخر امرأةٍ لامستْ جسدى لم أَكذبْ فى مشاعرى ولم أتحايلْ على قلبى، فقد تزوجتُ عشر نساءٍ فى مشوارِ عمرى وأحببتُ مثلهنَّ وعاندَنا القدرُ فلم نتزوج والأن وقد تجاوزتُ الثمانين من عمرى لم أندم على لحظةٍ عشتُها فقد كنتُ شديد الإخلاصِ لهذه اللحظة فلم أخدع امرأةً أحببتُها وقد منحتُها كل ما كان عندى. إن اخلاصَ اللحظةِ هو إخلاصُ العمرِ وهو لا يعنى أن نعيش مع امرأةٍ واحدةٍ عمرنا كله. أنا تزوجتُ بعدها وهى أحبتْ بعدى وتزوجَتْ وعاشت عمراً آخر وكلانا لم يَخدع ولم يَعرف طريقاً للخيانة.
قلتُ لصديقى : ولكن أين يا أخى شئ نسمِّيهِ الوفاء؟ الزواجُ ليس سلعةً تشتريها كل يومـ، حين تخليتَ عن امرأةٍ أحبتكَ فقد تركتَ لها جُرحاً وربما تركتَ لها أطفالاً سوف يسألون عنك، وأنت ترى أن الإخلاصَ لحظة. وهى ترى أن الإخلاصَ عمر. وهى ترفضُ أن تكون حقلاً للتجارب لتحبَّ هذا اليومَ وترى نفسَها غداً فى فراش رجلٍ آخر. إنها تحبُّك أنت وحدَك ولا تريدُ رجلاً آخر تكملُ معه عمرها. لقد أخذتَها شباباً حين كانت تحلِّقُ فى السماء ِكالفراشةِ وكأن الرجال أمثالك يتساقطون حولها ولعاً واختارتْكَ دون كلِّ البشرِ ليس لتقضىَ معها لحظةً ولكن لتكونَ رفيقة َدربٍ وحياة، وأنت بغرورِك رأيتَ أن تسافرَ إلى عشٍ آخر بينما بقيتْ هى فى عُشِّها تغنى وحدتَها وتستعيدُ ذكرياتِها معك. تقولُ يا صديقى انها تزوجَتْ، هناك فرقٌ بين زواجٍ تفرضُهُ ضرورةُ العمرِ والزمنِ وزواجٍ يحكمه الإختيارُ الحرُّ والمشاعرُ؛ هى تزوجتْكَ حباً وتزوجَتْ بعدك ضرورةً، والفرق كما تعرفُ كبيرٌ. حين تتساقطُ الأوراقُ وتجفُّ الأمطارُ ويُلقِى الخريفُ ظلالَه علينا سوف تجلسُ وحيداً فى ليلةٍ شتويةٍ وتتذكرُ كل هذه الوجوهِ التى عبَرَتْ فى حياتِك وتكتشفُ أنك نسيتَ جميع الأسماءِ ولم يبقَ لديك شئٌ تذكرُه بينما هناك إنسانُ آخر يجلس مع امرأةٍ رافقتْهُ رحلةَ العمرِ وجمع بينهما شئٌ يسمى الوفاءُ فلا هى نسيتْهُ ولا هو تنقَّل بين العواصمِ حتى نسى عنوانَه. سوف تكتشفُ أنك إنسانٌ بلا ذاكرةٍ بعد أن سقطَتْ منكَ كل الذكريات.

وقبل أن نفترقَ

تمنيتُ سوقاً يبيعُ السنينْ
أُبدِّلُ قلبى وعمرى لديــهِ
وألقاكِ يــوماً بقلب ٍجديدْ
تمنيتُ لو عادَ نهرُ الحياة ِ
يُكـــسِّرُ فيـنا تلالَ الجليد

الله يعطيك العافية عالطرح ...

الله يعطيك الف عافية

على الطرح
شكـرآ

سلمت ايمانكم على ردودكم الحلوة التي زادت
من جمال مواضيعي
نورتووووووووووووووووووووووووووو