د. محمد الخضيري / أستاذ في جامعة الملك سعود
- زرت الشيخ صالح الحصين في شقته المتواضعة بمكة ومعي الشيخ عبدالله المسفر وكان الشيخ مريضا فجاءنا بالشاي ورفض أن نكفيه المؤنة فسقانا بنفسه.
- كان الشيخ صالح الحصين يطوف على الدول الأفريقية بنفسه وينفذ المشاريع بماله وإذا نزل بلدا حرص أن ينزل عند أحد الدعاة بدلا من الفندق.
- وحدثني الشيخ عبدالله المسفر أن الشيخ صالح الحصين اتصل به وطلب منه أن يكلف أحد الدعاة باستقباله في أحد مطارات الدول الإفريقية، فعلم الداعية وبلغ بقية الدعاة أن يقوموا بواجب الشيخ، وذهبوا ينتظرونه في صالة كبار الضيوف ولكنهم لم يعثروا على الشيخ صالح الحصين، وبعد وقت علموا أنه قد نزل مع سائر الناس وجلس في صالة المطار بثوب باكستاني ينتظرهم. فاعتذروا للشيخ عن تأخرهم وبينوا له أنهم ظنوه في صالة كبار الضيوف.
وأخبروه أنهم حجزوا له في فندق فخم فأبى وقال للداعية بل أسكن معك إن لم يكن عليك حرج، وفرح به الداعية.
وكانت عادته أن يتجنب سكنى الفنادق ما استطاع وينزل عند الدعاة ويعطيهم الأجرة ليستعينوا بها على حوائجهم.
- كان الشيخ صالح الحصين آية من آيات الله في التواضع واحتقار النفس والإزراء عليها، وكان يحترم الجميع ولا يفرق بينهم لنسب أو جاه أو منصب.
- صليت أكثر من مرة في صحن الحرم على البلاط فإذا سلمت رأيت الشيخ صالح الحصين يصلي بلا حشم ولا خدم ولا فراش ولا وطاء وهو رئيس إدارة الحرمين.
- لم يكن عند الشيخ صالح سيارة، وكان يقضي حوائجه ويسعى في مشاويره على سيارات الأجرة، ويقول ممازحا أنا أركب سيارات متنوعة وأنتم تركبون واحدة.
- عرضنا على الشيخ صالح الحصين مشروع قناة إفريقيا، ففرح به وشجع عليه وكتب تزكية له، وجعل للقنوات شيئا من وقفه لعلمه بعظم أثره وبالغ نفعه.
- وحدثني الشيخ يحيى اليحيى قال: رافقنا الشيخ صالح الحصين لإقامة دورة علمية في طاجكستان وكانت الدورة في مكان مليء بالبعوض، فلما أصبحنا رأيت في وجه الشيخ أثر الإرهاق، فأخبرني أنه لم ينم فقلت له نستأجر لك في الفندق في المدينة فتمنع وألححنا عليه فرضي، ثم جاءنا اليوم الثاني والإرهاق باد عليه، فقلت له: ألم تنم. فقال: ما جاءني النوم كلما تذكرت مكانكم تألمت وجفاني النوم. وكان الذي ذهب به إلى الفندق شاب فلسطيني، فأحبه الشيخ وسأله هل حججت؟ فقال: لا. فوعده بأن يحج على حسابه. ففرح الشاب بالخبر ودعا للشيخ كثيرا.
- كان الشيخ صالح الحصين يحج ماشيا ويحمل معه متاعه ويجلس بين الناس، وإذا سأله أحد عن الحملة؟ قال: في حملة الرصيف الصالح أو رصيف الرحمن.
- وكان الشيخ صالح الحصين يرى أن لا يلزم الناس بالحج في الحملات وأن يخصص للحجاج المشاة مكان يسكنون فيه، وأن المحظور هو السكنى في طرقات الناس.
- لما عاد د. السلومي الشيخ صالح الحصين في مرضه الأخير، دعا بدعوة لم تكن معهودة فقال له: نسأل الله أن نلتقي في الجنة، كأنه آنس دنو أجله.
- تقلد الشيخ صالح الحصين لقب معالي قبل 40 عاما، وما رُئي عليه شيء من أبهة اللقب ولا غروره، لكنه كان يحمل معاني المعالي بحق ويمشي بها في الناس.
- لم يكن الشيخ صالح الحصين يتكلف في حديثه ولا منطقه ولا نبرة صوته، وكنت إذا سمعته يتحدث قلت هذا من أعيا الناس ووالله لقد كان من أوعاهم.
- يقول الشيخ عبدالرحمن آل الشيخ كُلف الشيخ صالح الحصين بصياغة كثير من الأنظمة، ويجلس على صياغتها مع أصحابه الساعات الطويلة ولا يتقاضى شيئا، ويقول: أنا آخذ راتبا مجزيا وهذا من عملي ولا ينكر على من يأخذ. وكانوا يجلسون من بعد العشاء إلى قريب من الفجر.
- يقول الشيخ عماد الدين بكري، وهو من فضلاء السودان، زرت الشيخ صالح الحصين في مكتبه فدعاني لغدائه، فخرجنا من المكتب إلى بيت الشيخ، وكان في الجبل، وكان بيتا متواضعا، فلما رآني قد حفزني النفس من الصعود، وكنت مصابا بالربو، اعتذر إلي بشدة وقال لو علمت أنه يؤذيك لنزلت بك إلى المطعم. قال الشيخ عماد وحدثته عن طالب علم سوداني أخذ للسجن بغير حق وطلبت منه الشفاعة، فلما توثق كتب لأمير مكة كتابة قوية، وقال أنا ضمينه فأُفرج عنه.
- لا أعلم من وقف مع شيوخ العمل الخيري يزكيهم ويسعى في الإفراج عنهم كما فعل الشيخ صالح الحصين، لأنه كان يخالطهم ويرافقهم وكانوا يستفتونه ويستشيرونه.
- قال د. صالح العايد: للشيخ صالح الحصين مشروع رائد قبل 30 عاما في رعاية الطلاب الموهوبين في تنزانيا، تخرج فيه عدد من القيادات وأساتذة الجامعات.
- عندما طلبنا من الشيخ صالح الحصين أن يكون رئيسا لمجلس أمناء قنوات إفريقيا، اعتذر لانشغاله ومرضه وقال متلطفا: أخدمكم وأنا خارج المجلس أفضل.
- حضرت حفلا بمشلحي، وكان على شرف الشيخ صالح الحصين، فلما قدم رأيته بثوب وحذاء متواضع، فاستحييت وخلعت المشلح ولما تكلم بهر الحفل بمعلوماته.
- قدم الشيخ صالح الحصين خدماته بكل تفان وبلا مقابل للبنوك والشركات التي ترغب في أسلمة معاملاتها، فإذا أنس منهم عدم الجدية بادر بالانسحاب.
- كان يتمنى أن يوجد بنك إسلامي متميز يأتيه الناس رغبة في حسن تعاملاته وجودتها لا لأجل الديانة والبعد عن المعاملات المشبوهة والمحرمة.
- ناصر الشيخ صالح لحصين العمل الخيري ودافع عنه ويكفي للتدليل على ذلك مقاله الذي كتبه على فراش المرض: جهود الغرب في تحجيم العمل الخيري.
- كان الشيخ صالح الحصين إذا سافر لحضور بعض المؤتمرات يحمل كيسا بيده فيه غيار واحد من اللباس ولم يكن يحمل حقيبة ولا شيئا مما يفعله الناس.
- لما تقلد أحد المناصب جاء الخادم ليخلع مشلحه خدمة له، فالتفت إليه وقال: إن خلعته أو تركتني أخلعه فلن يتغير اسمي فأنا صالح الحصين.
- للشيخ صالح الحصين عناية فائقة بالأوقاف ودعوة إلى إحيائها وتنويعها وشمولها وتأصيل لها ومعرفة بتاريخها في الإسلام.
- وللشيخ صالح الحصين حرص بالغ على الإعلام الإسلامي ودعم له بالمال والجاه والمشورة والتزكية، وخصوصا ما كان منه بغير العربية. وقد جربت ذلك منه.