تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
بسم الله الرحمن الرحيم
إن معرفة الفقه الإسلامي وأدلة الأحكام، ومعرفة فقهاء الإسلام الذين يرجع
إليهم في هذا الباب من الأمور المهمة التي ينبغي لأهل العلم العناية بها
وإيضاحها للناس؛ لأن الله سبحانه خلق الثقلين لعبادته ، ولا يمكن أن تعرف
هذه العبادة إلا بمعرفة الفقه الإسلامي وأدلته، وأحكام الإسلام وأدلته،
ولا يكون ذلك إلا بمعرفة العلماء الذين يعتمد عليهم في هذا الباب من أئمة
الحديث والفقه الإسلامي.
ومن ضمن الموضوعات الهامة للمسلم المعرفة بفقه الأطعمة والأشربة خاصة في هذا الزمان الذي كثر فيه تعدد أصنافالأطعمة والأشربة المختلفة ، ومن هذا المنطلق اخترت الحديث عن ضوابط تحريم الأطعمة واستفضت في استقصاء كل مسألة منهما على حدة .
" تعريف الأطعمة "
المراد بالأطعمة : هي جمع طعام ـ قال في القاموس: الطعام: البُرّ وما يؤْكل.
وقال جماعة من أهل اللغة : الطعام يقع على كل ما يطعم حتى الماء قال الله
تعالى: {إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني}
وقال النبيصلى الله عليه وسلم في ماء زمزم : (أنها طعام طعم وشفاء سقم)
رواه أبو داود الطيالسي في مسنده .
أولاً : حكم تناول الأطعمة.
قرر الفقهاء أن الأصل في جميع الأطعمة الحلُّ والإباحة كما دل عليه قوله تعالى :يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات [ وليس المراد بالطيب هنا الحلال ، لأنهم سألوه عما يحل لهم فكيف يقول : أحل لكمالحلال ؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى :فلو كان معنى الطيب هو ما أحل
كان الكلام لا فائدة فيه ، فعلم أن الطيب والخبث وصف قائم بالأعيان .
ودل على هذا الأصل أيضا قوله تعالى في وصفة نبيه صلى الله عليه وسلم :{ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث }. ويستثنى من الإباحة والحلّ ما يندرج تحت ضابط من الضوابط التي ذكرها الفقهاء للمحرمات.
ثانيا : المحرمات في القرآن الكريم
1- الميتة :
قال تعالى : { قل لا أجد فيما
أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم
خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك
غفور رحيم } وقوله : { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق }والميتة
: وهي كل ما مات من الحيوان حتفَ أنفه ، من غير ذكاة ولا اصطياد . وقد
حرمها الله تعالى لمضرتها ، لما فيها من الدم المتعفن ، فهي ضارة بالدين
والبدن
أنواع الميتة : وقد ذكر الله أنواع الميتة في سورة المائدة {به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم }
وهي :
أ- المنخنقة : هي التي تموت بالخنق إما قصدا ، وإما إتفاقا ، بأن تتخبل من وثاقها ( حبلها ) فتموت به ، فهي حرام .
ب- الموقوذة : هي التي تضرب بشيء ثقيل غير محدد ، حتى تموت . قال قتادة :
كان أهل الجاهلية يضربونها بالعصي ، حتى إذا ماتت أكلوها ! .
وفي الصحيحين : أن عدي بن حاتم قال : قلت : يارسول الله ، إني أرمي الصيد
فأصيب ، قال : " إذا رميت بالمعراض فخزق فكُله ، وإن أصاب بعرضه فإنما هو
وقيذ فلا تأكله" .والمعراض سهم لا نصل فيه .
قال ابن كثير رحمه الله اختلف العلماء فيما إذا أرسل كلبا على صيد فقتله بثقله ولم يجرحه ، أو صدمه هل يحل أم لا ؟ على قولين :
الأول : أن ذلك حلال !! لعموم قوله تعالى : " فكلوا مما أمسكن عليكم " .
وهذا القول حكاه أصحاب الشافعي عنه ، وصححه بعض المتأخرين منهم كالنووي
والرافعي .
قال ابن كثير : وليس ذلك بظاهر من كلام الشافعي في الأم .
الثاني : أن ذلك لا يحل وهو أحد القولين عن الشافعي ، واختاره المزني ،
ورواه أبو يوسف ومحمد عن أبي حنيفة ، وهو المشهور عن أحمد ، واحتج ابن
الصباغ له بحديث رافع بن خديج : قلت يا رسول الله : إنا لاقو العدو غدا ،
وليس معنا مدي ، أفنذبح بالقصب ؟ قال : " ما أنهر الدم ، وذكر اسم الله
عليه ، فكلوه " وهو في الصحيحين .
جـ - المتردية : هي التي تقع من شاهق ، أو موضع عال ، فتموت .
د - النطيحة : هي التي ماتت بسبب نطح غيرها لها ، وإن جرحها القرن ، وخرج
منها الدم، ولو من مذبحها ، فإنها لا تحل ، لأنها لم تذبح باسم الله تعالى .
هـ - ما أكل السبع : أي ما عدا عليها أسد أو فهد أو ذئب أو كلب ، فأكل
بعضها فماتت بذلك ، فهي حرام ، وإن كان قد سال منها الدم ، ولو من مذبحها ،
فلا تحل بالإجماع .
وقوله تعالى : " إلا ما ذكيتم " عائد على ما يمكن عوده عليه ، مما انعقد
سبب موته ، فأمكن تداركه بذكاة وفيه حياة مستقرة ، وذلك إنما يعود على قوله
تعالى : " والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع"
وقال غير واحد : إن المذكاة : من تحركت بحركة تدل على بقاء الحياة فيها (
كأن تحرك يدها أو رجلها أو تطرف بعينها ) فذبحت فهي حلال ، وهذا مذهب جمهور
الفقهاء ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد .
ويلحق بالميتة : ما قطع من البهيمة وهي حية ، لقوله – صلى الله عليه وسلم-
:" ما قطع من البهيمة وهي حية ، فهو ميتة ، من حديث أبي واقد رضي الله عنه
، وله طرق أخرى يصح بها .. أي ما قطع من شحمها أو لحمها وهي على قيد
الحياة ، فإنه ميتة لا يحل أكلها .
ويستثنى من الميت : السمك والجراد ، لقول الرسول – صلى الله عليه وسلم - : "
أحل لنا ميتتان ودمان ، فأما الميتتان : فالسمك والجراد ، وأما الدمان :
فالكبد والطحال " .
ويستثنى أيضا : الجنين إذا وجد في بطن الحيوان المُذَكى ، لقوله- صلى الله عليه وسلم- : "ذكاة الجنين ذكاة أمه "
2- الدم :
يعنى به المسفوح لقوله تعالى :" أو دما مسفوحا" . ولا يدخل في ذلك الكبد
ولا الطحال، كما جاء ذلك في الحديث السابق ، ولا الدم الذي يكون في العروق
بعد الذبح.
3- لحم الخنزير :
يعنى إنسيه ووحشيه ، واللحم يعم جميع أجزائه حتىالشحم ، ولا يحتاج إلى
تحذلق الظاهرية في جمودهم ههنا وتعسفهم ، والأظهر أن اللحم يعم جميع
الأجزاء ، كما هو المفهوم من لغة العرب ومن العرف المطرد ، وفي صحيح مسلم
عن بريدة بن الحصيب الأسلمي قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- :"
من لعب بالنردشير ، فكأنما صبغ يده في لحم الخنزير ودمه"
والنردشير : وهو حجر النرد المسمى بالزهر . فإذا كان التنفير لمجرد اللمس ، فكيف يكون التهديد والوعيد الأكيد على أكله والتغذي به .
وفيه دلالة على شمول اللحم لجميع الجزاء ، من الشحم وغيره .
4- ما أهل لغير الله به :
أي ما ذبح فذكر عليه اسم غير اسم الله ، فهو حرام ، لأن الله تعالى أوجب أن
تذبح مخلوقاته على اسمه العظيم ، فمتى عدل بها عن ذلك ، وذكر عليها اسم
غيره من صنم ، أو طاغوت ، أو وثن ، أو غير ذلك ، من سائر المخلوقات ، فإنها
حرام بالإجماع .
5- الخمر :
وهي محرمة بالكتاب والسنة والإجماع .
أما في الكتاب ففي قوله تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون}
أما في السنة : فقد وردت أحاديث كثيرة في بيان تحريمها ، منها : حديث ابن
عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل مسكر
حرام ، وكل خمر حرام".وقال أيضا : " كل ما أسكر عن الصلاة فهو حرام ".وقال :
" كل شراب أسكر فهو حرام"
ولا يحل التداوي بالخمر : لحديث طارق بن سويد الجعفي أنه سأل رسول الله عن
الخمر ، فنهاه عنها ، فقال : إنما أصنعها للدواء !! فقال صلى الله عليه
وسلم - " إنه ليس بدواء ، ولكنه داء"
المحرمات بالسنة المطهرة والمباحات
1- كل ذي ناب من السباع :
لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : " كل ذي ناب من السباع ، فأكله حرام"
وحديث أبى ثعلبة الخشني : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نهى عن كل ذي ناب من السباع "
والناب : السن الذي خلف الرباعية .
قال في النهاية : "السباع " وهو ما يفترس من الحيوان ويأكل قسرا ، كالأسد والنمر والذئب والثعلب ونحوها .
وقال في القاموس : السبع المفترس من الحيوان .
والأصل في النهي : التحريم ، قال بذلك جمهور العلماء ، وقال بعض العلماء :
لا يحرم مطعوم إلا هذه الأربعة المذكورة في آية :" قل لا أجد فيما أوحي
إلي " وهو قول يروى عن ابن عباس ( ولا يصح عنه) وابن عمر وعائشة ، وهو قول
الأوزاعي .
وقال ابن خويز منداد من المالكية : تضمنت هذه الآية تحليل كل شيء من
الحيوان وغيره ، إلا ما استثنى في الآية من الميتة والدم ولحم الخنزير .
ولهذا قلنا : إن لحوم السباع وسائر الحيوان ما سوى الإنسان والخنزير مباحة . وقد روي عن مالك القول بالكراهة وهو ضعيف .
قال الشنقيطي رحمه الله تعالى : واعلم أن مالك ابن أنس رحمه الله اختلفت
عنه الرواية في لحوم السباع ، فروي عنه : أنها حرام ، وهذا القول هو الذي
اقتصر عليه في الموطأ ، لأنه ترجم فيه بتحريم أكل كل ذي ناب من السباع عن
النبي – صلى الله عليه وسلم- أنه : "نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع حرام" .
ثم ساق بإسناده حديث أبي هريرة مرفوعا :" أكل كل ذي ناب من السباع حرام ))
ثم قال : (( وهو الأمر عندنا )) وهذا صريح في أن الصحيح عنده تحريمها .
2- كل ذي مخلب من الطير :
لحديث ابن عباس أنه – صلى الله عليه وسلم- : (( نهى عن كل ذي ناب من السباع
، وكل ذي مخلب من الطير )) رواه مسلم .كالصقر والعقاب والنسر ونحوها من
الطيور الجارحة.
3- الجلاَّلة :
وهي التي تأكل العذرة ( أي الرجيع ) من الإبل والغنم والبقر ( وألحق بها
العلماء سواها من الدجاج والإوز ) فلا يحل أكل لحمها ولا شرب لبنها .
لحديث ابن عمر رضي الله عنهما : (نهى رسول الله – صلى الله عليه وسلم- عن
أكل الجلالة وألبانها )) وزاد فيه رواية : (( أن يُركب عليها )) .
فإن حُبست زمنا وعلفت حتى تطيب بطونها فلا بأس حينئذ بأكلها .
4- الحمر الأهلية :
لحديث أبي ثعلبة المتفق عليه : " حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم- لحوم الحمر الأهلية " وهذا صريح صراحة تامة في التحريم .
وحديث أنس عندهما أيضا : (( إن الله ورسوله ينهياكم عن لحوم الحمر الأهلية
فإنها رجس". وفي رواية مسلم : (( فإنها رجس من عمل الشيطان )) .
وفي رواية له أيضا(( فإنها رجس أو نجس )).
ولا يعارض هذه الأحاديث الصحيحة المتفق عليها ، بما رواه ابو داود من حديث
غالب بن أبجر المزني رضي الله عنه قال : أتيت النبي الله عليه وسلم - صلى
فقلت يا رسول الله : أصبتنا السنة ، ولم يكن في مالي ما أطعم أهلي إلا
سمان حمر ، وإنك حرمت الحمر الأهلية . فقال :" أطعم أهلك من سمين حمرك ،
فإنها حرمتها من أجل جوال القرية"
والجوال : جمع جالة وهي التي تأكل الجلة وهي في الأصل البعر . والمراد به هنا : أكل
5- النجاسات كالعذرة .
قال النووي في شرح المهذب : اتفق الحفاظ على تضعيف هذا الحديث .
وقال الخطابي والبيهقي : وهو الحديث يختلف في إسناده . يعنون مضطربا .
وقد استثني من الحمر : الحمر الوحشية : لحديث جابر الذي رواه مسلم قال :"
أكلنا زمن خيبر : الخيل وحمر الوحش ، ونهانا النبي – صلى الله عليه وسلم-
عن الحمار الأهلي".
6- البغال :
فلا يجوز أكلها أيضا : لما رواه أحمد والترمذي من حديث جابر قال : " حرم
رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يعني يوم خيبر - لحوم الحمر الإنسية ،
ولحوم البغال ، وكل ذي ناب من السباع ، وكل ذي مخلب من الطير"
قال ابن حجر والشوكاني : لا بأس به .
وحديث جابر أيضا :" ذبحنا يوم خيبر الخيل والبغال والحمير ، فنهانا رسول الله عن البغال والحمير ولم ينهنا عن الخيل"
7- أما الخيل :
فالصريح أنها حلال ، لحديث جابر : " أن النبي صلى الله عليه وسلم- : نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية ، وأذن في لحوم الخيل"
ولهما من حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه قالت : " نحرنا فرسا على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأكلناه "
وأما حديث خالد بن الوليد رضي الله عنه قال : " نهى رسول الله – صلى الله
عليه وسلم- عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير " الذي رواه أحمد وأبو داود
والنسائي ، وابن ماجه ، فقد ضعفه غير واحد من أهل الحديث .
قال ابن حجر في الفتح في باب لحوم الخيل ما نصه : وقد ضعف حديث خالد : أحمد
والبخاري وموسى بن هارون والدار قطني والخطابي وابن عبد البر وعبد الحق
وآخرون .
واستبدل بعضهم بقوله تعالى :" والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة" أن
اللام للتعليل، أي خلقها لعلة الركوب والزينة ، لأن العلة المنصوصة تفيد
الحصر . فإباحة أكلها تقتضي خلاف ظاهر الآية .
" ضوابط الأطعمة "
الأصل في الأشياء الإباحة، والأصل في الأطعمة حليتها ما لم يمنع ذلك نص من كتاب الله وسنة رسوله.
فيستثنى من الإباحة والحلّ ما يندرج تحت ضابط من الضوابط التي ذكرها الفقهاء للمحرمات من الأطعمة وهي كما يلي :
الضابط الأول:
ما نص الكتاب أو السنة على تحريمه؛ كالخنزير والميتة والخمر والدم ونحوها
,ككل حيوان يفترس بنابه أوطير بمخلبه ,لحديث ابن عباس نَهَى رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ
مِنَ السِّبَاعِ وَمِخْلَبِ مِنَ الطَّيْرِ ",ويستثى منه الضبع لما روي
عَنِ ابْنِ أَبِى عَمَّارٍ قَالَ قُلْتُ لِجَابِرٍ الضَّبُعُ صَيْدٌ هِىَ
قَالَ نَعَمْ. قَالَ قُلْتُ آكُلُهَا قَالَ نَعَمْ. قَالَ قُلْتُ لَهُ
أَقَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ نَعَمْ ", وهي رواية
عند الحنابلة "
أما الفيل فقد اختلف الفقهاء على قولين, قال النووي: "الفيل وهو حرام
عندنا، وعند أبى حنيفة، والكوفيين، والحسن، وأباحه الشعبى، وابن شهاب،
ومالك في رواية, وحجة الأولين أنه ذو ناب"
وسبب الخلاف : في الفيل وغيره من سائر الحيوانات ذوات الناب تحديد ضابط
السباع بشكل دقيق عند الفقهاء فمرةً؛ يقررون أن السبع ما يأكل اللحم ,
ومرةً؛ السبع ما له ناب ويفترس به ,ومرةً؛ ما له ناب ويعدو على الإنسان ,
والله أعلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " فالله تعالى أحل لنا الطيبات وحرم علينا
الخبائث، والخبائث نوعان، ما خبثه لعينه لمعنى قام به كالدم والميتة ولحم
الخنزير، وما خبثه لكسبه كالمأخوذ ظلماً أو بعقد محرم كالربا والميسر "
ويلحق به ما حرم لضرره كالسموم لأنها تفضي إلى هلاك النفوس وقد قال تعالى:
"وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ" .
الضابط الثاني:
ما أمر بقتله من الحيوان؛ كالحية والعقرب والفأرة والغراب والحدأة؛لمارواه
مسلم عن عائشة رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه و سلم- أنه قال :
خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ ، الْحَيَّةُ
وَالْغُرَابُ الأَبْقَعُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ
وَالْحُدَيَأَةُ"، وأيضا الوزغ يستحب قتله؛ لما روي عن أم شريك أَنَّ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ
وَسَمَّاهُ فُوَيْسِقًا"،
وكذلك نص الحنابلة أن كل حيوان، أو طير، أو حشرة مؤذية يجوز قتلها ,وإن كان مما نهي عن قتله.
الضابط الثالث:
ما نهي عن قتله؛ كالنملة والنحلة والصُّرَدِ والهدهد ونحوها.
الضابط الرابع:
المستخبثات؛ وهي التي تستخبثها النفوس وتنفر منها.
وذهب جمع من العلماء إلى أنه لا عبرة بما تستطيبه العرب أو تستخبثه كما قال
بعض أهل العلم بل المستخبث التي تتفق العقول والطبائع السليمة على
استقذاره وكراهية أكله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " فإن مجرد كون أمة من الأمم تعودت أكله وطاب
لها، أو كرهته لكونه ليس في بلادها لا يوجب أن يحرم الله على جميع المؤمنين
ما لم تعتده طباع هؤلاء، ولا أن يحل لجميع المؤمنين ما تعودوه، كيف وقد
كانت العرب قد اعتادت أكل الدم والميتة وغير ذلك وقد حرمه الله تعالى وقد
قيل لبعض العرب: ما تأكلون؟ قال: ما دب ودرج إلا أم حبين. فقال: ليهن أم
حبين العافية. ونفسُ قريشٍ كانوا يأكلون خبائث حرمها الله وكانوا يعافون
مطاعم لم يحرمها الله وفي الصحيحين عن خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّ
النبيَّ صلى الله عليه وسلم " قُدِّمَ إِلَيْهِ مِنْ لَحْمِ ضَبٍّ وَكَانَ
لا يَأْكُلُ شَيْئًا حَتَّى يَسْأَلَ عَنْهُ وَيَعْلَمَ مَا هُوَ، فَقَالَ
بَعْضُ النِّسْوَةِ: أَلا تُخْبِرُونَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم
مَا يَأْكُلُ ؟ فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّهُ لَحْمُ الضَّبِّ، فَتَرَكَهُ،
فَقَالَ خَالِدٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله
عليه وسلم: أَحَرَامٌ هُوَ ؟ فَقَالَ: لا، وَلَكِنَّهُ طَعَامٌ لَيْسَ
فِي قَوْمِي، فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ "فعلم أن كراهة قريش وغيرها لطعام من
الأطعمة لا يكون موجبا لتحريمه على المؤمنين من سائر العرب والعجم، وأيضا
فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يحرم أحد منهم ما كرهته العرب،
ولم يبح كل ما أكلته العرب، وقوله تعالى: "وَيُحِلُّ لَهُمُ
الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ" إخبار عنه أنه سيفعل
ذلك، فأحل النبي صلى الله عليه وسلم الطيبات وحرم الخبائث ".
ومما نقل أهل العلم حرمة أكله بالاجماع القرد"؛ لأنه مسخ، ومن الخبائث"
وهو المذهب الأظهر وذلك لقوة دليله ووجاحة استدلاله وضعف دليل المذهب الأول
، وبناء على أن الأصل في الأطعمة الحل إلا ما استثني كما تقدم فقد وقع
خلاف بين الفقهاء في بعض الأطعمة من حيث حلها أو حرمتها ، وستتناول المباحث
التالية بعض هذه الأطعمة مع ذكر ما ورد فيها من أدلة وبيان مذاهب الفقهاء
والمناقشة والترجيح لما يظهر رجحانه.
المطلب الثاني: الحلال والحرام على ضوء آراء الفقهاء:
الحيوانات البرية، متنوعة، منها ما ألف الإنسان وعاش معه، ومنها ما نفر عنه
وند منه، وما يعيش معه قد يكون حلال المطعم، وقد يكون محظورا، وكذلك
الأمر فيها لا يعيش معه.
و بيان الحكم في هذه الحيوانات، نتعرف عليه ونلحظه من خلال تبيان الأئمة
والفقهاء، وعودة هذا، التبيان إلى الأصول والمستندات عند الحاجة.
أولا : مذهب الأحناف:
ذهب الأحناف إلى حرمة كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير، فضلا عما حرم بالنصوص والشواهد الآنفة الذكر، كالخنزير والميتة، ونحوه.
والمحرم من السباع بنوعيها، ما يدب على الأرض وما يطير في الهواء، هو ما
كان ذا ناب أو ذا مخلب، شرط أن يكون طبعه الجرح والقتل والنهب والاعتداء،
كالأسد والنمر والذئب والثعلب والقرد والعقاب والباز.
ومما قالوا بتحريمه: كل ما لا دم سائل له كالذباب والزنابير والعقارب،
وكذلك الحكم في هوام الأرض وما يسكن تحتها كالفأرة والوزغة والحية، وكل ما
جاز قتله في الحرام، وكذلك الحمر الأهلية والبغال، لنهي النبي (صلى الله
عليه وسلم ) عنها: وكرهوا كل ما كان من شأنه أكل الجيف، لطبع الاستخباث،
وكذا السلحفاة والرخ، وما شابهه.
وما بقي بعد ذلك، فهو على الأصل في الأشياء، وهو الإباحة، وهذا ما كان من شأنه وطبعه، العيش على البقول والنباتات والأعشاب.
ثانيا: مذهب المالكية:
ذهب المالكية إلى حرمة السباع من الحيوانات، كالأسد والنمر والذئب، وكل ما
من شأنه الاعتداء، وحرم كل ما يعتبر من المستقذرات، كالحشرات وهوام الأرض،
وحرم الخنزير المتوحش وغير المتوحش، والكلاب والحمر الأنسية و الخيل
والبغال.
وأما ما اختلف فيه، كونه ممسوخا أم لا، كالفيل والضب والقرد والقنفذ، فقد قيل بإباحتها، وقيل بحرمتها.
ومن عالم الطيور، فقد حرم منها السباع، وذوي المخالب، و قيل بإباحتها عند الإمام مالك، وقيل بالكراهية.
ثالثا : مذهب الشافعية :
ذهب الشافعية إلى حل بهيمة الأنعام، وإلى حل كل بهيمة، سواء في ذلك مما
يعيش مع الإنسان أم لا، سوى ما ورد استثناء حرمته بالتعيين: كلحوم الحمر
الأنسية، والخنزير، والبهائم السبعية ذات أنياب، أو ذات مخالب، وهذه لما
فيها من خصائص حسية دالة على طبع الاعتداء والإيذاء، وكذلك كل ما وجدت فيه
خصائص الخبث والاستقذار، كالقردة، وصغار هوام الأرض، مثل: الخنفساء
والدودة والبق والقمل والفائرة.
وأيضا كل ما من طبعه السم والإيذاء كالعقرب والثعبان والزنبور والصرصار.
وقاعدة الشافعية فيما لم يرد حله أو حرمته نص أو دلالة، يرجع به إلى مبدأ
الاستطابة عند العرب، فكل ما استطابه العرب في حال رضائهم ورفاهيتهم، هو
حلال، و كل ما استخبثته العرب، هو حرام، ويقصد بالعرب، العرب ذوو الطباع
السليمة في حال الرفاهية واليسار.
وعند الاختلاف بينهم، فبالأكثر، وعند التساوي، فبما تراه قريش، وإذا كان
الحيوان مجهول الإسم، عمل بتسمية العرب، فإن لم يكن له تسمية عندهم نظر إلى
أوجه الشبه في الصورة والطبع والطعم، فإن استوى شبهه مما هو حلال ومما هو
حرام، أو لم يوجد له شبه، فهو حلال، نظرا للأصل في قوله تعالى: (قل لا
أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا
أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسق أهل لغير الله به )
واستثنوا من هوام الأرض القنفذ والضب واليربوع والأرنب والضبع والظبي، نظرا لورود الآثار بحلها.
والطيور حلال، سوى ما ورد حرمته بالآثار، فقد روي عن طريق جابر – رضي الله
عنه- أنه (صلى الله عليه وسلم ): « حرم- يعني يوم خيبر- لحم الحمر
الأنسية، ولحوم البغال وكل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير»
فكل ما كان من ذوي المخالب من الطيور محرم، كالباز والشاهين والعقاب، هي خبيثة المطعم كذوي النياب من السباع.
وجميع الطيور المائية حلال، لأنها من الطيبات، إلى اللقلق لأكله الخبائث،
وكذلك الدجاج الأهلي والوحشي والحمام والحجل، وكل ما كان من طبعه « العب
والهدر»، أي يشرب الماء من غير تنفس، ويرجع بصوته.
وحل أيضا: العصفور وما كان على شكله، وإن اختلف نوعه ولونه، سوى الوطواط والخطاف والذباب والنحل، فإنها محرمة.
رابعا: مذهب الحنابلة :
ذهب الحنابلة إلى أن الأصل في الأطعمة الحل والإباحة، بناء للنصوص العامة: (
هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا )، وقوله: ( يأيها الناس كلوا مما في
الأرض حلال طيبا)، وغيرها من الشواهد النقلية.
وأما ما هو محرم من الحيوان البري، فهو ما حوى مسخا أو خبثا أو عدوانا،
مجتمعة أو متفرقة، وحرمت الحمر الأهلية والفيلة، وكل ما في طبعه الافتراس
كالأسد والنمر والذئب، وكذلك القردة.
وعد من المستخبثات: الفأر والنمل والذباب، وكذا الثعابين وعموم الحشرات من
خنافس وحرباء وعقرب، وصراصير وبراغيث، وكل هامة شابهت هذه الهوام لكونها
داخلة في إطار مميزات الخبائث، التي حرمت بقوله تعالى: (ويحرم عليهم
الخبائث).
ويحرم من الطير كل ذي مخلب معتد متقوي، كالنسر والعقاب والباز، وكذا كل ما
كان من أكلة الجيف كالرخ والغربان الآكلة للجيف، والوطواط والهدهد والقنفذ
. وعند الشيعة الإمامية، يؤكل من البهائم الإنسية، الإبل والبقر والغنم،
ويكره الخيل والبغال والحمير الأهلية على تفاوت بينها في الكراهية، ومن
البهائم الوحشية: يحرم الكلب والسنور أهليا كان أو وحشيا، ويحرم منها ما
كان سبعا وما كان ذا ظفر أو ناب يفترس به قويا، كالأسد والنمر والفهد
والذئب، أو ضعيفا، كالثعلب والضبع وابن آوى، ويحرم الأرنب والضب والحشرات
كلها كالحية والفأرة والعقرب والجرذان والخنافس والصراصير وبنات وردان
والبراغيث والقمل، وكذا يحرم الربوع والقنفذ ونحوه.
ومن الطيور يحرم ما كان ذا مخلب قوي يعدو به على الطير، ويحرم ما كان صفيفه
أكثر من دفيفه. ويحرم ما ليس له قانصة ولا حوصلة ولا صيصية، ويحرم ما
يتناوله التحريم عينا كالخفاش والطاووس، ويحرم الزنابير والذباب والبق.
خلاصة القول في حكم الحيوان البري من حيثية الحل والحرمة
لقد تبين لنا الأمر من خلال المذاهب الفقهية إلى ما هو حلال وما هو حرام،
ونظرتهم هذه تتجسد في أن الأصل في أعيان الحيوان الإباحة، وأنها من عداد
الطيبات إلا ما ورد إخراجه، أي حرمته، لاعتباره من الخبائث التي حرمها
الشرع الحكيم.
وبالإمكان وضع حدود وفواصل تتميز بها الحيوانات الطيبة من الحيوانات الخبيثة:
1- الأصل في الحيوان البري، أليفا أو متوحشا، الإباحة، إلا ما ورد إخراجه.
2- ما ورد إخراجه إلى الحظر، منه ما بنى على النص تعينا، ومنه ما بني على الطبع وصفا.
3-
مما بني على النص تعيينا، كالخنزير، فإنه محرم لذاته بالنص، فضلا عما به
من أمارات الخبث والخسة، وكذلك الحمر الأهلية والبغال- محرم- وإن لم تبد
فيها طباع الخبث أو المسخ أو الاعتداء، ولذا صح الإنتقاع بها، حمولة
وركوبا وزينة، بخلاف الخنزير، حيث لا انتفاع به، حيا أو ميتا.
4-
ما بني على الطبع كامن في كل كان خبيثا، كأكلة الجيف والحشرات وهو أم
الأرض وأكلة المستقذرات، وفي كل ما كان ممسوخا، كالقردة، وفي كل ما كان من
ذوي الأنياب من سباع البهائم أو من ذوي المخالب من الطيور، وكان من شأنه
الاعتداء.
5- ما اشتبه به، ولم يرد فيه نص،
يحال على استطابة العرب واستخباثها، إذ الأصل الحل حتى يقوم دليل ناهض
ينقل عنه، أو يتقرر أنه مستخبث في غالب الطباع.
6- ينظر إلى صورتها وطبعها وخصائص تغذيتها، فتلحق بما شابهها من الحيوانات المعلومة الحكم، وإن عدم الشبه، فهي حلال لبقائها على الأصل.
" أكل ذوات الأنياب "
الناب: السن التي خلف الرباعية جمعه أنياب.
هذا من حيث اللغة، وأما المراد به في باب الأطعمة ـ فعند الشافعية
والحنابلة هو السن التي يتقوى بها السبع ويعدو بها على الناس وعلى الحيوان
فيصطاده.
وعند الحنفية: ذو الناب من السباع حيوان منتهب من الأرض جارح قاتل عادة
والتعريفان متفقان من حيث المعنى ـ ولهذا يقول صاحب الإفصاح : واتفقوا على
أن كل ذي ناب من السباع يعدو به على غيره كالأسد والذئب والنمر والفهد
حرام إلا مالكًا فإنه قال يكره ذلك ولا يحرم.
وعلى هذا فالمعتبر في المحرم من السباع اشتماله على وصفين: كونه ذا ناب وكونه يعدو بهذا الناب.
ولا نرى مبررًا لما ذكره ابن رشد من الاختلاف بين الأئمة في ذلك حيث يقول:
(اختلفوا في جنس السباع المحرمة فقال أبو حنيفة: كل ما أكل اللحم فهو سبع.
وقال الشافعي إنما السباع المحرمة التي تعدو على الناس) على أن الضابط الذي
نسبه إلى أبي حنيفة لا ينطبق على ما ذكره الحنفية في كتبهم التي بأيدينا
وقد اختلف العلماء في حكم أكل ما له ناب من السباع على قولين:
القول الأول: أنه يحرم أكله وهو قول الحنابلة والشافعية والحنفية
ودليلهم في ذلك السنة الثابتة عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومنها
حديث أبي ثعلبة الخشني: (أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: كل ذي
ناب من السباع فأكله حرام)
ففي هذا الحديث وما جاء بمعناه دلالة واضحة على تحريم أكل ذوات الأنياب من السباع.
القول الثاني: وهو رواية عن مالك أن ذلك مكروه وليس بحرام وهو ظاهر المدونة والمشهور عند أهل مذهبه
والرواية الثانية عنه أن ذلك حرام كقول الأئمة الثلاثة وهذا القول هو الذي
اقتصر عليه في الموطأ قال في الموطأ: " تحريم أكل كل ذي ناب من السباع)
وذكر حديث أبي ثعلبة وحديث أبي هريرة: أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
قال أكل كل ذي ناب من السباع حرام ـ قال مالك وهو الأمر عندنا.
ومتمسك الرواية الأولى عن مالك مفهوم قوله تعالى: "قل لا أجد فيما أوحي إلي
محرمًا على طاعم يطعمه" الآية فظاهرها: أن ما عدا المذكور فيها حلال.
فمثار الخلاف بين الفريقين هو معارضة مفهوم هذه الآية للأحاديث التي جاءت
بتحريم أشياء لم تذكر فيها ـ فالأئمة الثلاثة ومن قال بقولهم أخذوا بمدلول
الأحاديث وأجابوا عن الاستدلال بالآية بأنها مكية نزلت قبل الهجرة قصد بها
الرد على الجاهلية في تحريم البجيرة والسائبة والوصيلة والحامي ـ ثم بعد
ذلك حرم أمور كثيرة كالحمر الأنسية ولحوم البغال.
وكل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير
فالآية ليس فيها إلا الإخبار بأنه لم يجد في ذلك الوقت محرمًا إلا
المذكورات في الآية ثم أوحي إليه بتحريم كل ذي ناب من السباع فوجب قبوله
والعمل به
فعلى هذا يكون ما ورد من التحريمات بعد هذا رافعًا لمفهوم هذه الآية.
وأما القائلون بعدم حرمة غير ما ذكر في الآية فعدلوا عن ظاهر الأحاديث
الواردة بالنهي عن أكل كل ذي ناب من السباع، وتمسكوا بظاهر الآية لأن الحصر
فيها ظاهر فالأخذ بها أولى
ومن جمع بين حديث أبي ثعلبة والآية حمل حديث لحوم السباع على الكراهة.
الترجيح:
والذي يظهر لي رجحانه هو القول الأول "لأن كل ما ثبت تحريمه بطريق صحيحة من
كتاب أو سنة فهو حرام ويزاد على الأربعة المذكورة في الآية ولا يكون في
ذلك مناقضة للقرآن لأن المحرمات المزيدة حرمت بعدها.
فوقت نزول الآية المذكورة لم يكن حرامًا غير الأربعة المذكورة فحصرها صادق
قبل تحريم غيرها بلا شك فإذا طرأ تحريم شيء آخر بأمر جديد فذلك لا ينافي
الحصر الأول لتجدده بعده"
وحمل ما جاء في الأحاديث على كراهة التنزيه إن أمكن في بعضها فلا يمكن في جميعها لأنه جاء في بعضها لفظ التحريم.
وبعد أن عرفنا القول الراجح في ذلك فلابد أن نعرف أن القائلين به قد
اختلفوا فيما بينهم في أنواع من الحيوانات هل يصدق عليها هذا الضابط أو لا
منها: أكل الضبع .
كُتِبَ بقلم أبي العباس . وصلى الله على البشير الهادي.
1- الاختيارات الفقهية للإمام الحافظ محمد بن عيسى بن سَوْرَةَ الترمذي.
2- الاستذكار: أبو عمر يوسف النمري .
3- أحكام الأطعمة في الشريعة الإسلامية : عبد الله بن محمد الطريفي .
4- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن: محمد الأمين بن محمد المختار
5- الأطعمة وأحكام الصيد والذبائح: صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان.
6- إعلام الموقعين عن رب العالمين: ابن القيم الجوزية .
7- البحر الرائق شرح كنز الدقائق: زين الدين المعروف بابن نجيم .
8- بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع: أبو بكر الكاساني .
9- بداية المجتهد و نهاية المقتصد: الشهير بابن رشد
10- تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق: فخر الدين الزيلعي .
11- تحريم القرآن لأكل لحم الخنزير: د. محمد نزار الدقر .
12- تفسير القرآن العظيم: أبو الفداء إسماعيل القرشي الدمشقي .
13- تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار): محمد رشيد بن علي رضا
14- تهذيب مسائل المدونة المسمى (( التهذيب في اختصار المدونة )): أبي سعيد
خلف بن أبي القاسم القيرواني البراذعي، تحقيق وتعليق : أبو الحسن أحمد
فريد المزيدي، المكتبة الشاملة
15- صحيح مسلم: أبو الحسين مسلم بن الحجاج .
16- الجامع لأحكام القرآن = تفسير القرطبي .
17- حاشية رد المختار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار فقه أبو حنيفة .
18- الخلاصة في فقه الأقليات : جمع وإعداد : علي بن نايف الشحود
19- الدراري المضية شرح الدرر البهية: محمد بن علي بن محمد الشوكاني
20- روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ( نسخة محققة ):
شهاب الدين محمود الحسيني الآلوسي، تحقيق : على عبد البارى عطية
21- زاد المعاد في هدي خير العباد: ابن قيم الجوزية
22- السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار: للشوكاني
23- سنن أبي داود: أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني .
24- سنن الترمذي: لأبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي .
25- السنن الكبرى وفي ذيله الجوهر النقي: أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي
البيهقي: علاء الدين علي بن عثمان المارديني الشهير بابن التركماني .
26- الشرح الكبير: أبو البركات الشهير بالدردير .
27 - شرح مختصر خليل للخرشي: محمد بن عبد الله الخرشي .
28 - فتح الباري شرح صحيح البخاري : ابن حجر العسقلاني الشافعي .
29- الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ الشَّامل للأدلّة الشَّرعيَّة والآراء
المذهبيَّة وأهمّ النَّظريَّات الفقهيَّة وتحقيق الأحاديث النَّبويَّة
وتخريجها: أ.د. وَهْبَة الزُّحَيْلِيّ .
30- الفقه على المذاهب الأربعة: عبد الرحمن الجزيري .
31- فى ظلال القرآن: سيد قطب إبراهيم ـ
32- القاموس المحيط:للفيروزآبادي .
33- اللباب في الجمع بين السنة والكتاب:الإمام أبي محمد المَنْبَجي
34- اللباب في شرح الكتاب: عبد الغني الغنيمي الدمشقي الميداني .
35- لسان العرب:لابن منظور
36- اللقطات فيما يباح ويحرم من الأطعمة والمشروبات:محمد الحمود
37- مجموع الفتاوى: لابن تيمية الحراني .
38- المحلى:لابن حزم الأندلسي.
39- مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة: محمد التويجري .
40- المدونة الكبرى: مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني
41- مسند الإمام أحمد بن حنبل: أحمد بن حنبل أبو عبدالله الشيباني:
42- مسند البزار ( المطبوع باسم البحر الزخار )
43- مفاتيح الغيب: الإمام فخر الدين الرازي .
44- مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: مصطفى بن سعد السيوطي
45- المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة: محمد بن عبد الله بن أبي بكر الحثيثي الصردفي الريمي .
46 - مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج: الشافعي الصغير محمد بن أحمد .
47- من أحكام الأطعمة في الفقه الإسلامي ـ دراسة فقهية مقارنة ـ : د. وليد خالد الربيع .
48- الموسوعة الفقهية الكويتية ، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية الكويت .
49 - نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار: محمد بن علي بن محمد الشوكاني.
بسم الله الرحمن الرحيم
إن معرفة الفقه الإسلامي وأدلة الأحكام، ومعرفة فقهاء الإسلام الذين يرجع
إليهم في هذا الباب من الأمور المهمة التي ينبغي لأهل العلم العناية بها
وإيضاحها للناس؛ لأن الله سبحانه خلق الثقلين لعبادته ، ولا يمكن أن تعرف
هذه العبادة إلا بمعرفة الفقه الإسلامي وأدلته، وأحكام الإسلام وأدلته،
ولا يكون ذلك إلا بمعرفة العلماء الذين يعتمد عليهم في هذا الباب من أئمة
الحديث والفقه الإسلامي.
ومن ضمن الموضوعات الهامة للمسلم المعرفة بفقه الأطعمة والأشربة خاصة في هذا الزمان الذي كثر فيه تعدد أصنافالأطعمة والأشربة المختلفة ، ومن هذا المنطلق اخترت الحديث عن ضوابط تحريم الأطعمة واستفضت في استقصاء كل مسألة منهما على حدة .
" تعريف الأطعمة "
المراد بالأطعمة : هي جمع طعام ـ قال في القاموس: الطعام: البُرّ وما يؤْكل.
وقال جماعة من أهل اللغة : الطعام يقع على كل ما يطعم حتى الماء قال الله
تعالى: {إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني}
وقال النبيصلى الله عليه وسلم في ماء زمزم : (أنها طعام طعم وشفاء سقم)
رواه أبو داود الطيالسي في مسنده .
أولاً : حكم تناول الأطعمة.
قرر الفقهاء أن الأصل في جميع الأطعمة الحلُّ والإباحة كما دل عليه قوله تعالى :يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات [ وليس المراد بالطيب هنا الحلال ، لأنهم سألوه عما يحل لهم فكيف يقول : أحل لكمالحلال ؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى :فلو كان معنى الطيب هو ما أحل
كان الكلام لا فائدة فيه ، فعلم أن الطيب والخبث وصف قائم بالأعيان .
ودل على هذا الأصل أيضا قوله تعالى في وصفة نبيه صلى الله عليه وسلم :{ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث }. ويستثنى من الإباحة والحلّ ما يندرج تحت ضابط من الضوابط التي ذكرها الفقهاء للمحرمات.
ثانيا : المحرمات في القرآن الكريم
1- الميتة :
ق
ال تعالى :
{ قل لا أجد فيما
أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم
خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك
غفور رحيم } وقوله : { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق }والميتة
: وهي كل ما مات من الحيوان حتفَ أنفه ، من غير ذكاة ولا اصطياد . وقد
حرمها الله تعالى لمضرتها ، لما فيها من الدم المتعفن ، فهي ضارة بالدين
والبدن
أنواع الميتة : وقد ذكر الله أنواع الميتة في سورة المائدة {به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم }
وهي :
أ- المنخنقة : هي التي تموت بالخنق إما قصدا ، وإما إتفاقا ، بأن تتخبل من وثاقها ( حبلها ) فتموت به ، فهي حرام .
ب- الموقوذة : هي التي تضرب بشيء ثقيل غير محدد ، حتى تموت . قال قتادة :
كان أهل الجاهلية يضربونها بالعصي ، حتى إذا ماتت أكلوها ! .
وفي الصحيحين : أن عدي بن حاتم قال : قلت : يارسول الله ، إني أرمي الصيد
فأصيب ، قال : " إذا رميت بالمعراض فخزق فكُله ، وإن أصاب بعرضه فإنما هو
وقيذ فلا تأكله" .والمعراض سهم لا نصل فيه .
قال ابن كثير رحمه الله اختلف العلماء فيما إذا أرسل كلبا على صيد فقتله بثقله ولم يجرحه ، أو صدمه هل يحل أم لا ؟ على قولين :
الأول : أن ذلك حلال !! لعموم قوله تعالى : " فكلوا مما أمسكن عليكم " .
وهذا القول حكاه أصحاب الشافعي عنه ، وصححه بعض المتأخرين منهم كالنووي
والرافعي .
قال ابن كثير : وليس ذلك بظاهر من كلام الشافعي في الأم .
الثاني : أن ذلك لا يحل وهو أحد القولين عن الشافعي ، واختاره المزني ،
ورواه أبو يوسف ومحمد عن أبي حنيفة ، وهو المشهور عن أحمد ، واحتج ابن
الصباغ له بحديث رافع بن خديج : قلت يا رسول الله : إنا لاقو العدو غدا ،
وليس معنا مدي ، أفنذبح بالقصب ؟ قال : " ما أنهر الدم ، وذكر اسم الله
عليه ، فكلوه " وهو في الصحيحين .
جـ - المتردية : هي التي تقع من شاهق ، أو موضع عال ، فتموت .
د - النطيحة : هي التي ماتت بسبب نطح غيرها لها ، وإن جرحها القرن ، وخرج
منها الدم، ولو من مذبحها ، فإنها لا تحل ، لأنها لم تذبح باسم الله تعالى .
هـ - ما أكل السبع : أي ما عدا عليها أسد أو فهد أو ذئب أو كلب ، فأكل
بعضها فماتت بذلك ، فهي حرام ، وإن كان قد سال منها الدم ، ولو من مذبحها ،
فلا تحل بالإجماع .
وقوله تعالى : " إلا ما ذكيتم " عائد على ما يمكن عوده عليه ، مما انعقد
سبب موته ، فأمكن تداركه بذكاة وفيه حياة مستقرة ، وذلك إنما يعود على قوله
تعالى : " والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع"
وقال غير واحد : إن المذكاة : من تحركت بحركة تدل على بقاء الحياة فيها (
كأن تحرك يدها أو رجلها أو تطرف بعينها ) فذبحت فهي حلال ، وهذا مذهب جمهور
الفقهاء ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد .
ويلحق بالميتة : ما قطع من البهيمة وهي حية ، لقوله – صلى الله عليه وسلم-
:" ما قطع من البهيمة وهي حية ، فهو ميتة ، من حديث أبي واقد رضي الله عنه
، وله طرق أخرى يصح بها .. أي ما قطع من شحمها أو لحمها وهي على قيد
الحياة ، فإنه ميتة لا يحل أكلها .
ويستثنى من الميت : السمك والجراد ، لقول الرسول – صلى الله عليه وسلم - : "
أحل لنا ميتتان ودمان ، فأما الميتتان : فالسمك والجراد ، وأما الدمان :
فالكبد والطحال " .
ويستثنى أيضا : الجنين إذا وجد في بطن الحيوان المُذَكى ، لقوله- صلى الله عليه وسلم- : "ذكاة الجنين ذكاة أمه "
2- الدم :
يعنى به المسفوح لقوله تعالى :" أو دما مسفوحا" . ولا يدخل في ذلك الكبد
ولا الطحال، كما جاء ذلك في الحديث السابق ، ولا الدم الذي يكون في العروق
بعد الذبح.
3- لحم الخنزير :
يعنى إنسيه ووحشيه ، واللحم يعم جميع أجزائه حتىالشحم ، ولا يحتاج إلى
تحذلق الظاهرية في جمودهم ههنا وتعسفهم ، والأظهر أن اللحم يعم جميع
الأجزاء ، كما هو المفهوم من لغة العرب ومن العرف المطرد ، وفي صحيح مسلم
عن بريدة بن الحصيب الأسلمي قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- :"
من لعب بالنردشير ، فكأنما صبغ يده في لحم الخنزير ودمه"
والنردشير : وهو حجر النرد المسمى بالزهر . فإذا كان التنفير لمجرد اللمس ، فكيف يكون التهديد والوعيد الأكيد على أكله والتغذي به .
وفيه دلالة على شمول اللحم لجميع الجزاء ، من الشحم وغيره .
4- ما أهل لغير الله به :
أي ما ذبح فذكر عليه اسم غير اسم الله ، فهو حرام ، لأن الله تعالى أوجب أن
تذبح مخلوقاته على اسمه العظيم ، فمتى عدل بها عن ذلك ، وذكر عليها اسم
غيره من صنم ، أو طاغوت ، أو وثن ، أو غير ذلك ، من سائر المخلوقات ، فإنها
حرام بالإجماع .
5- الخمر :
وهي محرمة بالكتاب والسنة والإجماع .
أما في الكتاب ففي قوله تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون}
أما في السنة : فقد وردت أحاديث كثيرة في بيان تحريمها ، منها : حديث ابن
عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل مسكر
حرام ، وكل خمر حرام".وقال أيضا : " كل ما أسكر عن الصلاة فهو حرام ".وقال :
" كل شراب أسكر فهو حرام"
ولا يحل التداوي بالخمر : لحديث طارق بن سويد الجعفي أنه سأل رسول الله عن
الخمر ، فنهاه عنها ، فقال : إنما أصنعها للدواء !! فقال صلى الله عليه
وسلم - " إنه ليس بدواء ، ولكنه داء"
المحرمات بالسنة المطهرة والمباحات
1- كل ذي ناب من السباع :
لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : " كل ذي ناب من السباع ، فأكله حرام"
وحديث أبى ثعلبة الخشني : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نهى عن كل ذي ناب من السباع "
والناب : السن الذي خلف الرباعية .
قال في النهاية : "السباع " وهو ما يفترس من الحيوان ويأكل قسرا ، كالأسد والنمر والذئب والثعلب ونحوها .
وقال في القاموس : السبع المفترس من الحيوان .
والأصل في النهي : التحريم ، قال بذلك جمهور العلماء ، وقال بعض العلماء :
لا يحرم مطعوم إلا هذه الأربعة المذكورة في آية :" قل لا أجد فيما أوحي
إلي " وهو قول يروى عن ابن عباس ( ولا يصح عنه) وابن عمر وعائشة ، وهو قول
الأوزاعي .
وقال ابن خويز منداد من المالكية : تضمنت هذه الآية تحليل كل شيء من
الحيوان وغيره ، إلا ما استثنى في الآية من الميتة والدم ولحم الخنزير .
ولهذا قلنا : إن لحوم السباع وسائر الحيوان ما سوى الإنسان والخنزير مباحة . وقد روي عن مالك القول بالكراهة وهو ضعيف .
قال الشنقيطي رحمه الله تعالى : واعلم أن مالك ابن أنس رحمه الله اختلفت
عنه الرواية في لحوم السباع ، فروي عنه : أنها حرام ، وهذا القول هو الذي
اقتصر عليه في الموطأ ، لأنه ترجم فيه بتحريم أكل كل ذي ناب من السباع عن
النبي – صلى الله عليه وسلم- أنه : "نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع حرام" .
ثم ساق بإسناده حديث أبي هريرة مرفوعا :" أكل كل ذي ناب من السباع حرام ))
ثم قال : (( وهو الأمر عندنا )) وهذا صريح في أن الصحيح عنده تحريمها .
2- كل ذي مخلب من الطير :
لحديث ابن عباس أنه – صلى الله عليه وسلم- : (( نهى عن كل ذي ناب من السباع
، وكل ذي مخلب من الطير )) رواه مسلم .كالصقر والعقاب والنسر ونحوها من
الطيور الجارحة.
3- الجلاَّلة :
وهي التي تأكل العذرة ( أي الرجيع ) من الإبل والغنم والبقر ( وألحق بها
العلماء سواها من الدجاج والإوز ) فلا يحل أكل لحمها ولا شرب لبنها .
لحديث ابن عمر رضي الله عنهما : (نهى رسول الله – صلى الله عليه وسلم- عن
أكل الجلالة وألبانها )) وزاد فيه رواية : (( أن يُركب عليها )) .
فإن حُبست زمنا وعلفت حتى تطيب بطونها فلا بأس حينئذ بأكلها .
4- الحمر الأهلية :
لحديث أبي ثعلبة المتفق عليه : " حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم- لحوم الحمر الأهلية " وهذا صريح صراحة تامة في التحريم .
وحديث أنس عندهما أيضا : (( إن الله ورسوله ينهياكم عن لحوم الحمر الأهلية
فإنها رجس". وفي رواية مسلم : (( فإنها رجس من عمل الشيطان )) .
وفي رواية له أيضا(( فإنها رجس أو نجس )).
ولا يعارض هذه الأحاديث الصحيحة المتفق عليها ، بما رواه ابو داود من حديث
غالب بن أبجر المزني رضي الله عنه قال : أتيت النبي الله عليه وسلم - صلى
فقلت يا رسول الله : أصبتنا السنة ، ولم يكن في مالي ما أطعم أهلي إلا
سمان حمر ، وإنك حرمت الحمر الأهلية . فقال :" أطعم أهلك من سمين حمرك ،
فإنها حرمتها من أجل جوال القرية"
والجوال : جمع جالة وهي التي تأكل الجلة وهي في الأصل البعر . والمراد به هنا : أكل
5- النجاسات كالعذرة .
قال النووي في شرح المهذب : اتفق الحفاظ على تضعيف هذا الحديث .
وقال الخطابي والبيهقي : وهو الحديث يختلف في إسناده . يعنون مضطربا .
وقد استثني من الحمر : الحمر الوحشية : لحديث جابر الذي رواه مسلم قال :&