رغم شعبية نتنياهو فلايزال شخصية مثيرة للجدل
في إحدى الجلسات مع صحفيين أجانب،
قال أحدهم ساخرا إنه لا يوجد مبرر للاهتمام الكبير الذي توليه الصحافة
العالمية للانتخابات الإسرائيلية، مضيفا: "جميعنا نعرف النتيجة".
وبالفعل، فمنذ أن إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن إجراء انتخابات مبكرة توقعت استطلاعات الرأي فوزه.
لكن نتنياهو يواجه عاصفة من الانتقادات على الصعيدين الداخلي والخارجي
بسبب سياساته المثيرة للجدل، وشعبية ائتلاف ليكود-بيتنا الذي شكله مع حزب
إسرائيل بيتنا بزعامة أفيغدور ليبرمان تدنت بشكل واضح خلال الحملة
الانتخابية.
ومرة أخرى يثبت نتنياهو أنه -وإن كان يتمتع بشعبية كبيرة داخل إسرائيل- فإنه لا يزال شخصية مثيرة للجدل.
الإنجاز التاريخي الأول في عام 1996، دخل تنتياهو التاريخ كأصغر رئيس
وزراء إسرائيلي. وأعلن آنذاك أنه لا يقبل اتفاق أوسلو (الذي وقعته حكومة
إسحق رابين مع الفلسطينيين) بحذافيره.
ومع ذلك اتخذ قرارات أثارت سخط اليمين الإسرائيلي، كإعلانه الاستعداد بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وتعاون نتنياهو أيضا مع البيت الأبيض خلال رئاسته
للحكومة، ووقع اتفاقات سلام أخرى بعد أوسلو، ولكنه استمر في السياسات
الاستيطانية في الأراضي المحتلة، وبعدها بثلاثة أعوام خسر الانتخابات، وفاز
عليه حزب العمل بزعامة إيهود باراك.
وفي أعقاب الانتفاضة الثانية انضم نتنياهو إلى
حكومة رئيس الوزراء أرييل شارون، وزيرا للخارجية. وتسلم بعد ذلك حقيبة
المالية، لكنه استقال من منصبه احتجاجا على قرار الانسحاب من قطاع غزة.
وفي عام 2009 فاز حزب كاديما في الانتخابات بزعامة تسيبي ليفني، ولكنها
فشلت في تشكيل ائتلاف حكومي، فانتقلت الرئاسة إلى حزب الليكود بزعامة
نتنياهو مرة أخرى. وهذه المرة قام نتنياهو بتشكيل ائتلاف حكومي مع أحزاب
يمينية متطرفة كحزب شاس وإسرائيل بيتنا.
ويقول المحللون إنه اتخذ سياسات أكثر تطرفا تجاه
الفلسطينيين هذه المرة، وبات من الواضح -لمن كان لديه شك في السابق- أن
نتنياهو يؤمن إيمانا عميقا بالأيديولوجية التي تتبعها الأحزاب اليمينية
المتطرفة.
ويقول المحلل السياسي ديفيد لانداو "الجميع
يتساءلون إن كان نتنياهو رجلا عمليا أو أيديولوجيا. وأعتقد أن علينا أن نكف
عن هذا السؤال الممل. نتنياهو رجل أيديولوجي، ويحبذ حكومة يمينية متدنية
متشددة مناهضة للفلسطينيين".
نتنياهو والفلسطينيون يقول نتنياهو إنه لا يعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس شريكا في عملية السلام.
ومع أنه قال في أكثر من مناسبة إنه مستعد لاستئناف
المفاوضات مع الفلسطينيين، فإنه رفض شرطهم بتجميد بناء المستوطنات، واشترط
عليهم الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، وكلاهما أمران مرفوضان من قبل
السلطة الفلسطينية.
وفي خطابه الرسمي لم يعد نتنياهو يستخدم عبارة "الضفة الغربية"، وإنما يتحدث عن "يهودا والسامرة".
وعندما نجح الفلسطينيون في استصدار اعتراف رسمي من
الأمم المتحدة بدولتهم، أعلن نتنياهو عن بناء خمسة آلاف وحدة استيطانية
جديدة على الأقل، وحجب العوائد الضريبية عن السلطة الفلسطينية.
وهذه كلها إجراءات أدت إلى توتر العلاقات بين
إسرائيل والولايات المتحدة، حتى أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قال في
مقابلة مؤخرا إن إسرائيل لا تعمل لمصلحتها، وإن نتنياهو يقود بلاده إلى
عزلة كاملة.
إيران إيران إيران ومما أدى أيضا إلى تأزم العلاقات بين باراك
ونتنياهو شخصيا، إصرار الأخير على التلويح بالخيار العسكري ضد إيران بسبب
برنامجها النووي..
وكانت هذه هي القضية الأساس في الحملة الانتخابية لنتنياهو، فلم تفته
مناسبة دون أن يذكر مرة أخرى بإيران، التي يعتبرها التهديد الأكبر
لإسرائيل.
ومع أن المعارضة السياسية اتهمته بالهوس فيما
يتعلق بهذه القضية، فإن بين الناخبين الإسرائيليين نسبة كبيرة تؤمن بأن
إيران هي القضية الأهم.
ويعتبر المحلل السياسي ديفيد لانداو أن نتنياهو
"نجح في إقناع الشعب الإسرائيلي بأنه هو الوحيد القادر على مواجهة التهديد
الإيراني. فلولاه لما تحرك المجتمع الدولي لاستصدار سلسلة من العقوبات على
إيران".