ووصف القائمين والمتهجدين

لقد وصف الله اهل الليل في الدنيا وقد اخبر الله سبحانه وتعالى ان قراءة الليل أشد وطئا للقلب, وأقوم قيلاً للحفظ والذكر, أي يواطئ القلب اللسان بالفهم والحفظ .

قال تعالى:
(الَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا)46 الفرقان
وقال سبحانه وتعالى:
(إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ)*15(تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)*16(فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)* 17 السجدة

ووصف ما أعد لهم في الآخرة من قرة عين ...فلا تقر اعين هؤلاء المحبين الا بوجهه ...

قيل لبعض اهل الليل : كيف الليل عندك ؟ فقال : هو ساعة أنا فيها بين حالين : افرح بظلمته إذا جاء وأغتم بفجره إذا طلع, ما تم فرحي به قط, ولا اشتفيت منه قط.
وقال الفضيل بن العياض : إذا غربت الشمس فرحت بدخول الظلام لخلوتي فيه بربي, فإذا طلع الفجر حزنت لدخول الناس عليّ.
وقال احد السلف : أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوِهِم, ولولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا.
وبكى عامر بن عبد الله حين حضرته الوفاة فقيل له في ذلك , فقال : والله ما ابكي حباً للبقاء ولكن ذكرتُ ظمأ الهواجر في الصيف, وقيام الليل في الشتاء.


وقال ابن المنكدر التيمي: ما بقي من لذات الدنيا إلا ثلاث : قيام الليل ولقاء الإخوان والصلاة في الجماعة .


قال رجل للحسن : يا أبا سعيد , إني أبيت معافًى وأحب قيام الليل, وأتخذ طهوري فما بالي لا أقوم؟ فقال : ذنوبك قيدتك يابن أخي.
وقال الثوري : حُرِمتُ قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته, قيل له : وما هو؟
قال: رايت رجلاً يبكي , فقلت في نفسي: هذا مُراءٍ.


واعلم ان صلاة الليل فريضة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي نافلة لنا ؛لأنه كان متما لفرائضه، وصلاة الليل تطوع لنا وجبرانٌ وتكملة لنقص فرائضنا.


وفي الخبر : " إذا نام العبد عقد الشيطان على راسه ثلاث عقد، فإن قعد وذكر الله انحلت عقدة, وإذا توضأ انحلت عقدة , وإن صلى ركعتين انحلت العقد كلها , فاصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح كسلان خبيث النفس.


ويستعان على قيام الليل بثلاث : أكل الحلال , والاستقامة على التوبة , وغمِّ خوف الوعيد أو شوق رجاء الموعود.
والذي يُحرم العبد به قيام الليل , او يعاقب معه بطول الغفلة, ثلاث: أكل الشبهات, إصرار على الذنب , وغلبة هم الدنيا على القلب .

تلخيص من كتاب 
قوت القلوب