عندما تتحقق الاحلام

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

كانت جميلة بما فيه الكفاية لتستبيح قطاف قلب إبن الجيران .. الذي لم يكن يتوانى يوماً
عن زرع رسالة صغيرة وبخط عشوائي يدل على ارتعاشات مجنون ..ولم تخنه ذاكرته ابداً في قطف بعض الياسمين المتدلي بغنج فواح على قوس باب بيته...
وعند منعطف أول كل صباح يقترب خلسةً ليترك لها ياسمينه والرسالة في باب بيتها
حالماً بأن تسعد به فتاته المدللة ..
لكن (حبيبة) وهكذا كان اسمها , لم تكن تتوانى يوماً عن تجاهله رغم كل ذاك الفيض من الضحك الممزوج برائحة قهوته وأغنية عبد الحليم ( حقول احبك ) التي كانت تقض مضجع غالبية الجيران , وحيث كانت تنسى خطاها المتثاقلة في طريق ذهابها إلى المدرسة إذ كانت تصل متأخرة دائماً .
_ كل ذلك اختزنته في زاوية دافئة بذاكرتها التي لا تلوي على غياب ,وحتى أيلول عام
1994, كان يوماً غاية في الشحوب ولأول مرة منذ سنة لم تعد ترى تلك الرسائل الشيطانية المطرزة بأزهار الياسمين وغابت الأغاني من صباحاتها ورائحة القهوة الفواحة
غادرها بموت مفاجئ وترك لها بقاياه التي تشعل ذاكرتها موتاً بطيئاً .
_ عامان ولم تعد حبيبة تحتمل هذا الكم الهائل من الألم بعد أن استوطن مرض سرطاني
النزعة كل شبر من تضاريس جسدها , حيث كانت ومع كل جهد تبذله للوقوف امام المرآة تخسر نحولاً جديداً, عيناها الخضراوتان ذبل ربيعهما مع كل بكاء كانت تتذكر فيه كل تفاصيل نبضها الذي سُرق سرقة أبدية ولا تستطيع إيجاد ذاك اللص الظريف لتعيد ماسرقه منها .
_ في عام 1996 وايلول جديد بكل سحره يعود ليذكرها به حين أحست حبيبة أنها بحاجة لنفس عميق يتغلغل في جسدها الغض فوجئت بباب الغرفة يُفتح لتدخل نسمة عليلة تعبق برائحة الحبر والياسمين في تلك اللحظة نادت حبيبة والدتها لتصنع لها فنجان من القهوة لتغسل به مرارة فمها الذي لم تزره لقمة واحدة منذ خمسة أيام .
_ استغلت حبيبة غياب أمها هاربة دون أن تفكر بنهر العرق الذي يبلل فستانها والرعشة التي تكاد تكسر عظامها , أغمضت حبيبة عيناها على دمعتها وتركت أشرف يقودها من يدها وهي تسمع تلك الأنغام الجنائزية وسط غرفة مظلمة لا تخلو من الشموع , حيث قدم لها أشرف خاتم الخطوبة التي لطالما حلمت به وأهداها عناقاً طويلاً ...
وغابا في عالم من النور وبعيداً عن الأنظار , وبقي فنجان القهوة بارداً حتى هذه اللحظة بجانب سريرها الفارغ من جسدها.

دُمتَمْ بِهذآ الع ـطآء أإلمستَمـرٍ

يُسع ـدنى أإلـرٍد على مـوٍأإضيعكًـم

وٍأإألتلـذذ بِمـآ قرٍأإتْ وٍشآهـدتْ

تـقبلـوٍ خ ـآلص إحترامي

لآرٍوٍآح ـكُم أإلجمـيله