أكثر ما نحتاج اليه في مراحل عمرنا

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :


أكثر ما نحتاج اليه في مراحل عمرنا


في البداية علينا الاتفاق ان الانسان يمر بخمس مراحل في حياته: الطفولة، المراهقة، الشباب، الكهولة، الشيخوخة.

- الطفولة تبدا من الميلاد وتنتهي عند البلوغ اي عند الخامسة عشرة تقريبا، مع الاختلاف بين الجنسين ومن شخص الى آخر من الجنس نفسه.
- المراهقة تبدأ من البلوغ وتنتهي عند الثامنة عشرة على الاقل، مع الاختلاف طبعا هنا كذلك بين الجنسين ومن شخص لآخر.
- الشباب وتبدأ عادة من العشرين وتستمر حتى الاربعين ، دائما مع التحفظ للاختلاف المذكور.
- الكهولة وتمتد من الاربعين الى الستين تقريبا، مع مراعاة الاختلاف المذكوركذلك.
- الشيخوخة وتمتد من الستين الى نهاية الحياة اي المئة وبضعة عشرة سنة على الاكثر.
ولنتذكر أن هناك حالات شاذة.. والشاذ كما هو معلوم يُحفظ ولا يُقاس عليه..
وقد يتساءل الواحد منا: لماذا هذا التمييز والتعداد للمراحل..؟
والجواب هو أن معرفة تلك المراحل وتحديدها يُسَهِّلُ دراستها، كما يسهل على المربين والمعالجين من الاولياء والمعلمين والاطباء، وحتى الجمعيات والمؤسسات سبل التعامل السليم مع الناس والحالات المرضية الطارئة والمزمنة، وكيفية اعداد الانسان للمرحلة التي يُقبِل عليها ليجتازها بسلام دون عوائق ومشاكل وندوب وعُقَد وتعقيدات كبيرة او كثيرة..
هذا ولكل مرحلة خصائصها ومميزاتها.. وفي كل مرحلة هناك ما يحتاج اليه الانسان اكثر من أي شيء آخر.. فما يكون أساسيا في مرحلة قد يكون ثانويا أو دون ذلك في مرحلة اخرى، والعكس صحيح..
فإلى ماذا يحتاج كل منا أكثر في كل مرحلة من تلك المراحل؟
اتحدث هنا عن الاولوية والأساس اي الحاجة الملحة الضرورية لاستقامة حياة الانسان جسميا ونفسيا واجتماعيا..
- في الطفولة يحتاج الانسان الى الغذاء واللعب وتعلم أساسيات الحياة كالكلام والمشي والأكل.. هذا اكثر ما يحتاج اليه كأولويات.. وطبعا من الضروري مراعاة قدرات الطفل الجسمية والعقلية والنفسية والاجتماعية في اكسابه تلك الأولويات.. وكذلك التدرج في تدريبه عليها.. علاوة على توخي الأساليب العلمية الصحيحة في التربية والتدريب والتعليم والمكافأة والعقاب.. مثل استخدام الاقناع والتعزيز بدل العنف والتعزير.. كما على المربي أن يحرص على فطام الطفل عن بعض الحاجيات التي لا تليق به ولا تتماشى مع سنه ووضعه العام بالأساليب السليمة..
- في المراهقة أكثر ما نحتاج إليه بعد الغذاء الصحي السليم هو مساعدتنا على فهم ما يحدث من تغيرات جسمية ونفسية واجتماعية لدينا.. صحيح
اننا نحتاج الى الدراسة والتعلم واللعب والرياضة، لكننا نحتاج أكثر الى تلك المساعدة التي نفضل أن تكون غير مباشرة وغير صريحة أو فاضحة.. نريدها مساعدة ذكية لا نشعر بها.. نتلقاها قبل أن نطلبها.. مساعدة عملية بعيدة عن الأوامر والأفخاخ ومحاضرات الوعظ والإرشاد.. مساعدة ليس مصدرها الشفقة او الغضب.. وليس هدفها الاستخفاف او العبث او الانتقام.. نريد مساعدة لفهم العصر والحياة.. مساعدة لاكتشاف ما نصلح له وما نقدر عليه وما لا نقدر.. مساعدة لاكتشاف دورنا ورسالتنا ومهمتنا في هذه الحياة.. نحتاج مساعدة لفهم الجنس الآخر.. مساعدة للاستفادة من الماضي.. واجتياز الحاضر بسلام.. والاعداد لمستقبل زاهر.. مساعدة لحل المشاكل والأزمات..
كما نحتاج في هذه المرحلة الى التقبل من المحيط.. نحتاج الى ان يتقبلنا الجميع كما نحن.. تقبل حقيقي لا ينم عن تكلف او مجاملة او نفاق او استخفاف او شفقة.. نحتاج الى من ينظر الينا والى معاناتنا وانشغالاتنا بكل جدية واهتمام ونية صافية.. دون خلفيات ولا افكار مسبقة.. نحتاج الى الدعم والمساندة والمساعدة دون مَنِِّ ولا أذى ولا فضح ولا تشهير.. مع اختلاف الأمر من مراهق لآخر..
- في مرحلة الشباب أكثر ما نحن بحاجة إليه هو منحنا فرص كثيرة متنوعة : فرص للتعلم والتدرب واكتساب المؤهلات والخبرة في شتى المجالات.. مما يساعدنا على اكتساب مهنة ودخول مجال العمل من بابه الواسع.. فرص لإظهار مواهبنا وقدراتنا وتنميتها وترشيدها لصالحنا وصالح أهالينا ومجتمعاتنا وأوطاننا وأمتنا.. وقد تكبر وتتسع حاجتنا في هذه المرحلة الى الدعم والمساعدة والمساندة والتوجيه والإرشاد العملي.. وقد ترتقي تلك المساعدة من حيث النوعية والكيفية بالإضافة الى الناحية الكمية.. وقد تتنوع المصادر التي نتلقى منها المساعدة.. فبعد أن كنا نعتمد على الكبار في مرحلتي الطفولة والمراهقة بنسب مختلفة نصبح في الشباب نعتمد أحيانا على أندادنا من الشباب.. بموازاة الاعتماد على الكبار.. وهنا تتحول المساعدة الى تعاون الذي يحمل معنا مفهوما أكثر عمقا وشمولية ورقيا شكلا ومضمونا..
وربما ننزع في هذه المرحلة الى الاستقلالية في كثير من جوانب حياتنا.. وهذا يتوقف على مدى تدربنا وتعلمنا الاستقلالية في المراهقة والطفولة..
كل تلك الأمور نحتاج اليها في شتى مشاريعنا، وفي مقدمتها الحصول على المؤهلات، ثم العمل، والسكن، والسيارة، والزواج....
- في مرحلة الكهولة أكثر ما نحتاج إليه العرفان والتقدير لأشخاصنا وإنجازاتنا.. لأن هذه المرحلة هي مرحلة الإنجازات الكبرى التي يحققها الإنسان لنفسه وأهله ومحيطه وبلده.. ربما لا نزال نحتاج في هذه المرحلة الى بعض المساعدة لترشيد قراراتنا وعلاج مشاكلنا.. لكن حاجتنا الى مزيد من الفرص لتحقيق أحلامنا وانجازاتنا تكون أشد.. وكذلك طبعا العرفان الذي يمدنا بدعم معنوي ضروري جدا للمثابرة والمبادرة.. نحتاج هنا الى جو ملائم يساعدنا على تحقيق الرسالة التي خلقنا من أجلها، ويساعدنا على انجاز المهمة التي خصصنا لها.. فكل خلق لما هو ميسر له..
- في مرحلة الشيخوخة تكبر حاجتنا الى العرفان في شكل مكافآت وشهادات وحفلات تكريم وأوسمة.. هذه الحاجة تكون قد بدأنا نشعر بها في نهاية مرحلة الكهولة.. وبعد اعوام من الدخول في الشيخوخة سنحتاج أكثر الى من يستمع الينا، ونحن نفضفض او ننصح او نرشد او نسرد حياتنا وانجازاتنا وهمومنا واخفاقاتنا.. نحتاج الى من يواسينا ويذكرنا بالآخرة والشهادة.. نحتاج الى من يشعرنا أننا لا نزال أعضاء كاملي الحقوق في أسرنا ومجتمعاتنا.. نحتاج الى من يذكرنا بالله في كل ساعة ولحظة حتى تكون خاتمتنا مسكا ان شاء الله..
وأخيرا هناك حاجات ملحة تواكبنا في كل مراحل العمر بنسب متفاوتة من مرحلة لأخرى ومن شخص لآخر ومن حالة لأخرى.. لا اقصد الحاجات الغريزية كاشباع الشهوات كالأكل.. بل أقصد مثلا الحاجة الى أن نخلو بأنفسنا ولو للحظات.. للتأمل.. والتفكر.. والتدبر.. نحتاج الى العزلة مرة والى المشاركة مرة أخرى.. نحتاج الى الكلمة الطيبة.. نحتاج الى الحنان.. نحتاج الى المؤانسة والتسلية والسلوان... نحتاج الى كل ما من شأنه أن يذكرنا بإنسانيتنا في كل حال وكل مكان وزمان..

بقلمي

ما أروع قلمك حين يصول ويجول بين الكلمات
تختار الحروف بكل أتقان ..
تصيغ لنا من الأبداع سطور تُبهر كل من ينظر إليها ..
دائمآ أنت متألق