موضوع الفتوى: رسالة إلى الأزواج.

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

موضوع الفتوى: رسالة إلى الأزواج.
يقول السّائل: شاع بين الشباب الخاطب أنه يُغازل خطيبته بصور القلوب والورود صباح مساء، وتأتي التعليقات بالتلميحات والقلوب والغمزات وغيرها، وذلك عبر مواقع التواصل. والحجةُ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبوح بحبه لأزواجه، فما هي حدود المباح والمحظور في ذلك ؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي السائل: أعزك الله بطاعته، ووفقنا وإياك إلى مرضاته، وبعد...
قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا} سورة الأحزاب، آية( 57).
وعَنِ المُغِيرَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ».[أخرجه: البخاري/ صحيحه (2/ 80)]
وإنَّ قولَّ القائل: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبوح بحبه لأزواجه، وقد وظفه أنه كان يُعربُ لهنَّ عن ذلك، ويتغامزهنّ ونحو ذلك، فقد أغرقَ في البعدِ، وأرى ذلك من الجرأةِ الآثمةِ، فإنَّ تصريح النبي صلى الله عليه وسلم بحبه لأزواجه كان جوابًا لمن سأله عن أحب الناسِ إليه فأجابه على ذلك بعيدًا عن مخاطبةِ الزوجةِ والتَّخَضُعِ لها، فعن عَمْرُو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلاَسِلِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: "أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: «عَائِشَةُ»، فَقُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ فَقَالَ: «أَبُوهَا». [أخرجه: البخاري/ صحيحه (5/ 5)].
وعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: "كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ: إِلَّا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ" [أخرجه: البخاري/ صحيحه].
والمتأملُّ المنصفُ في الحديثين يقطعُ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يتجاوز الصدقَ والوقار، فإذا عُرفَ هذا أفيجوز أن يُستدلَّ به على جرأةٍ طائشة ومراهقةٍ رعناء بين الخاطب ومخطوبته على مسمعٍ ومرأى من الناس، وعبر شبكات التواصل الاجتماعي؟!،
فهل كان النبي صلى الله عليه وسلم يُغازلُ أزواجه كفاحًا أمام الناس؟!
وهل كان إذا غازلهنَّ يُفشي ذلك للنّاسِ؟!
فلا يقولُ هذا إلا جريء كذاب فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان أشدَّ حياء من العذراء في خدرها، وقد أمر الله عباده بتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره، قال تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا } سورة الفتح، آية (8، 9).
وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} سورة الحجرات، آية (1 – 3).