في عمق الذكرى الأليمة --- شلة الموج الهادر(WRG)

في عمق الذكرى الأليمة --- شلة الموج الهادر(WRG)

الحرب القذرة التي شنها الحقد والحسد والخوف على سوريا أودت بحياة الكثير من أبناء الأمة البررة على يد ارهابيي المعارضة المسلحة الدجالة، وسفاحي الاسلاموية الإجرامية، وغيرهم من المتعطشين لدماء الأبرياء.
وفي مقدمة أولئك البررة عالم الشام والأمة محمد سعيد رمضان البوطي رحمه الله وغفر له.

قصة هذا الشيخ الجليل مع تلك الحرب تستوقف القلوب والعقول والضمائر. ولعل أول ما يستوقفنا هي قصة استشهاده في مشهد سيظل التاريخ يذكره طويلا، وسيظل العارفون يجتهدون في البحث عما يحمله ذلك المشهد من دلالات ومعان كبرى، حيث ارتفع الرجل الى جوار ربه وهو يلقي درسه الاسبوعي والمصحف بين يديه في مسجد الإيمان، ومن حوله حواريوه الذين فازوا بالشهادة برفقته.

تمر ثلاث سنوات على استشهاده، وتمر الذكرى في اواخر شهر مارس من كل سنة في صمت إلا في الأقل. تمر الذكرى وكلماته عشية استشهاده لا تزال تثير الدهشة والذهول. تلك الكلمات التي حملت نبوءاته التي تحققت كما تجسدت قراءاته لمآلات ما كان يحدث في ذلك الوقت من ربيع سنة 2013.

وكأنه كان يراها بعين اليقين وعلم اليقين وحق اليقين، وهو يذكر في ذلك المقطع الحديث الصحيح للرسول صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه ورواه أبو هريرة عنه صلى الله عليه وسلم قائلا:
مَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ ، فَقُتِلَ فَقَتْلَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ!!

واخذ الشيخ يشرح كلمة عمية بكسر العين أنه لا يعلم من يحملها اي الراية، ولا يعلم الى اي غاية يسير بها، معتبرا أن القيادة التي تقف وراء ما سمي ثورة: مجهولة!! مؤيدا رؤيته بحديث آخر صحيح:
مَنْ خَرَجَ مِنْ أمَّتِي عَلَى أمَّتِي يَضْرِبُ بِرَّهَا و فَاجِرَهَا، وَلاَ يَتَحَاشَى مُؤْمِنَهَا، ولاَ يَفِي بِذِي عَهْدِهَا فَلَيْسَ مِنِّي.
مؤكدا أنه غير معني لا بمجاملة المسؤولين ولا عامة الناس، وأنه معني فقط بالاستمساك بموازين الكتاب والسنة ورضا الله، مردفا بثبات ويقين:
أقول للناس: يا ناس اذا كانت القيادة مجهولة لا يجوز شرعا بنص من كتاب الله وبنص من حديث رسول الله، لا يجوز أن ننقاد للمجهول أبدا.

ثم يمضي العالم الشهيد في شرح خطة القيادة المجهولة منذ المسيرات الأولى الى غاية المرحلة الأخيرة في استراتيجيتها وكأنه يراها كما بدت اليوم لنا بوضوح متسائلا:
كيف أجند نفسي لأكون جنديا لهؤلاء الناس؟
ويقصد طبعا بعض القوى الدولية وكل من وظفته لتصل بسوريا الى الوضع الذي عليها اليوم.

وفي الأخير يوصي البوطي الشباب أن يضبطوا عواطفهم بالعقلانية، وأن يضبطوا عقلانيتهم بالإسلام، وأن يقرأوا أحاديث الفتن التي يتحدث فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا الواقع تٌـٌـمـــ༄༅ـٌـٌإأإآمـا كما نعيشه اليوم، ويختم حديثه بالدعوة الى اللجوء الى الله والتوبة اليه.

هذا وقد استشهد البوطي وصدقت نبوءاته. فما أعظم تلك اللحظة التي يلتقي فيها البرهان بالعرفان، وأنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.

منقول عن الدكتورة أسماء بن قادة بتصرف ضروري.

وتستمر الحياة.. رغم كل شيء