أسرار وخفايا ( ذكر الله تعالى ) : قد تتغير حياتك بسبب هذا الموضوع !!!

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :









عندما يذكر الإنسان الله ، فإنه يكون مثل السمك عندما يكون في الماء ، وعندما تنسى ذكر الله فإن قلبك يموت ، مثل السمك عندما يخرج من الماء ، فيصبح جسمك مقبرة لقلبك ، فالذكر غذاء القلوب وقوتها ، والذكر عمارة الديار التي متى توقفت عنه صارت بورا .

قال الله تعالى :
سورة الفرقان : قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا (18)





والذكر سلاح المؤمن ، فهل يصلح أن تسير بدون سلاح في طريقك إلى الله والأعداء يتربصون بك ، وأول أعدائك هي نفسك :

سورة يوسف : وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53)

النفس الأمارة بالسوء التي هي منبع الشهوات ، ومصدر الشبهات والرذائل ، ومأوى الأخلاق السيئة ، تخيل أنك تسير بدون سلاح ، ستجد نفسك تسير نحو النظر الحرام ، نحو التكبر ، نحو النميمة ، فالنفس بدون ذكر كالليل المظلم ، فمتى دخلها ذكر الله أنارها ، فالشهوات داخل النفس الأمارة بالسوء مثل الحطب والأفاعي والعقارب فمتى دخلها ذكر الله أحرقها .




كذلك الشيطان عدوك :

قال الله تعالى :

في سورة البقرة : يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168)

في سورة البقرة : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208)

في سورة الأنعام : وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (142)

في سورة الكهف : وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50)

في سورة فاطر : إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6)

في سورة يس : أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60)

في سورة الزخرف : وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (62)



وماذا يريد الشيطان :

قال الله تعالى :


في سورة المائدة : إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)

في سورة المجادلة : اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (19)

حيث أن الشيطان يعرف القاعدة جيداً ، ويريد أن يبعد سلاحك عنك ( ذكر الله ) ، فشيطان يقطع طريق الذكر عليك ، يقطع الطريق الذي يوصلك إلى الله ، فإذا أردت محاربة الشيطان فأمسك سلاح الذكر ، فإذا أمسكته خنس الشيطان . وكف وأندحر وتوقف عن وسوسته ، فالشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، يرسل وساوسه إلى قلبك الذي في صدرك .



سورة الناس
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6) .







فإذا أردت أن تصد الشيطان عن قلبك ، فأذكر الله كثيرا ، هذا مثل المنطقة العسكرية مشددة الحراسة ، لا أحد يستطيع الوصول إليها ، حتى إذا حاولت دبابة الدخول إليها تفجرت ، والطائرة إذا طارت فوقها احترقت ، فالشيطان جاثم على صدرك ، موجه سلاح الوسوسة نحو صدرك ، فإذا ذكرت الله تكونت هذه المنطقة العسكرية حول صدرك فابتعد الشيطان ، واحترقت كل وساوسه . لكن إذا نسيت ذكر الله ألتقم الشيطان قلبك ، فيرسل وساوسه ، مثل الفيروس عندما يدخل جهاز الحاسوب ، فتتدمر كل البرامج ، ويصبح الفيروس هو الذي يقودك ، فترى العين الحرام وتسمع الأذن الحرام وتمسك اليد الحرام وتذهب الرجل إلى الحرام . فلا يعمل جسمك بالطريقة الصحيحة ، فذكر الله هو مضاد الوسوسة الذي يحميك .

يتبع ...

موسى عليه السلام قدوتنا في التسبيح


التسبيح الأول :

تسبيح الله بأنه ليس كمثله شيء ، وتنزيهه عن مشابهة خلقة ،

سورة الشورى : ... لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)

وهو تسبيح قام به نبي الله موسى عليه السلام ،

سورة الأعراف : وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143)








التسبيح الثاني :

تسبيح الله في مقام تلقي الوحي ، استحضار بأن الله هو الذي يتكلم ، أي عندما نسمع القرآن الكريم كلام الله ، أو عندما نقرأ القرآن الكريم ، فهذا مقام تسبيح لله :

سورة النمل : فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (8) يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9)

فنبي الله موسى عليه السلام يعلمنا كيف نسبح الله عندما نتلقى القرآن الكريم ، كيف نستشعر أن الله هو الذي يتكلم ، أي عندما نسمع القرآن الكريم كلام الله ، أو عندما نقرأ القرآن الكريم كلام الله، فهذا مقام تسبيح لله ، ننزه الله أن نسمع كلامه وكأننا نسمع كلام بشر ، وننزه الله عندما نقرأ كلامه وكأننا نقرأ كلام بشر ، هذا يقتضي منا تسبيحا ، أي استشعارا لعظمة الله تعالى ، حتى نستشعر من يكلمنا ، وبذلك نفرق بين كلام الله تعالى وكلام البشر ، عندما ننصت لكلام الله فنحن لا ننصت لكلام البشر بل لكلام خالق البشر .

وعندما نتأمل في سياق الآية الكريمة :

سورة النمل : فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (8) يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9)

نجد أن نداء الله تعالى لموسى عليه السلام جاء بعد التسبيح (يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) .

والله في هذه الآية يقول لنا : إذا أردتم أن أكلمكم وأن أناديكم وأن أستمع لدعائكم ، فيجب عليكم أولا أن تسبحوني .

( وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) ( يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) .

يوسف عليه السلام قدوتنا في التسبيح

تسبيح الله في مقام الدعوة إلى الله :

سورة يوسف : قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)

(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ) أدعو إلى الله وحده فقط ، ولا أدعوا معه إله آخر ، فأنا أدعوا إلى عبادة الله وحده فقط لا شريك له أبداً ، فأنا أدعوا إلى الخالق فقط لا غيره من المخلوقين ، وهذا يقتضي تسبيحاً ، أن ننزه الله عن أن نشارك أحداً من خلقه في الدعوة إليه (وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) .

فهناك كثير من المسلمين يضعون لافتات الدعوة إلى الله ، ويرفعون رايات الدعوة إلى الله ، هذا في الظاهر فقط ، لكن في الحقيقة هم يدعون الله ومع هذه الدعوة إلى الله يدعون إلى نوع من المذهبية والحزبية ، فهؤلاء ينقصهم التسبيح ، فيجب عليهم أن يدعوا إلى الله فقط بدون رفع رايات المذهبية والحلا اله الا اللهة .

يوسف عليه السلام قدوتنا في التسبيح

تسبيح الله في مقام الدعوة إلى الله :

سورة يوسف : قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)

(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ) أدعو إلى الله وحده فقط ، ولا أدعوا معه إله آخر ، فأنا أدعوا إلى عبادة الله وحده فقط لا شريك له أبداً ، فأنا أدعوا إلى الخالق فقط لا غيره من المخلوقين ، وهذا يقتضي تسبيحاً ، أن ننزه الله عن أن نشارك أحداً من خلقه في الدعوة إليه (وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) .

فهناك كثير من المسلمين يضعون لافتات الدعوة إلى الله ، ويرفعون رايات الدعوة إلى الله ، هذا في الظاهر فقط ، لكن في الحقيقة هم يدعون الله ومع هذه الدعوة إلى الله يدعون إلى نوع من المذهبية والحزبية ، فهؤلاء ينقصهم التسبيح ، فيجب عليهم أن يدعوا إلى الله فقط بدون رفع رايات المذهبية والحلا اله الا اللهة .

التسبيح في مجال الدعوة إلى الله

والدعوة إلى الله ، تستلزم توكلاً على الله ، فهو عندما يدعوا إلى الله دعوة خالصة صافية نقية ولا يبغي من ورائها أجراً ، فإن ذلك يستلزم توكلاً على الله ، والتوكل على الله لا بد له من تسبيح ، ولكي تعتمد على الوكيل عليك أن تسبح خالقك ، وهذا المقام من التسبيح نجده في سورة الفرقان :

سورة الفرقان : قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (57) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (58)

(قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ) هذه دعوة إلى الله ، دعوة خالصة صافية نقية ، فصاحبها لا يريد أجراً دنيوياً ، والدعوة الصافية النقية الخالصة التي لا يريد صاحبها أجراً دنيوياً ، هي دعوة لا تأتي بسهولة بل بصعوبة وجهد ومشقة لذلك يجب على صاحبها أن يتوكل على الله ، فلا تعتمد لا نفسك ولا على جهدك بل أعتمد على الله وهذا هو التوكل على الله ، ولكي تتوكل عليه عليك بتسبيحه (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ ) أي توكل في هذه الدعوة على الله ، ولا تتوكل على نفسك ، فأنت بنفسك وبجهدك البشري الضعيف لا تستطيع أن تقوم بشيء .

تابع التسبيح في مجال الدعوة إلى الله


كذلك في مقام الدعوة إلى الله تكون المهمة صعبة وشاقة ، لكن بتسبيح الله تعالى ييسر ويسهل أمثال هذه المهمات الصعبة ، ونجد ذلك في سورة طه ، فالله تعالى عندما أمر موسى عليه السلام بالذهاب إلى فرعون ، موسى عليه السلام لم يعترض هذا الأمر ، لكن دعا الله أن يسخر له وزيراً يعينه على التسبيح الكثير والذكر الكثير ، لأنهم يدركون هذه السنة وهذا القانون ، وهو أن الذكر الكثير والتسبيح الكثير يسهل أمثال هذه المهمات الصعبة والخطيرة .

سورة طه : اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24) قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (35) قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (37) إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (38) .


فالله تعالى أمر موسى عليه السلام بالذهاب إلى فرعون ، ولم يأمره بالذهاب إلى أحد أصدقائه ، فهي مهمة صعبة جداً وخطيرة كثيراً ، فتأمل هذا الخطر الجسيم ، الله يأمر موسى عليه السلام بالذهاب إلى فرعون مدعي الألوهية ، وليس أن يذهب موسى عليه السلام إلى أحد أقاربه لزيارته .

فالذهاب إلى فرعون ونحن نعلم من هو فرعون في جبروته وطغيانه وظلمه هي مهمة صعبة وشاقة وليست مهمة سهلة يسيرة .

فموسى عليه السلام عندما ذهب إلى فرعون كان خائف من يقتله فرعون ، فالله يذكره أنه عندما كان صغيراً ، كانت أمه تخاف أن يقتله فرعون ، فالله يذكره أنه حماه وخلصه من فرعون وهو صغير ، فكيف لا يحميه من فرعون وهو كبير .

سورة طه : وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (37) إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (38) .

يعني سبح ربك ، استحضر قدرة الله ، فنزه الله من أن يشاركه أحد في قدرته ، فهو القادر الوحيد ، ولا يشاركه أحد في قدرته ، وهو المسيطر على كونه والمهيمن عليه ، ولا يحدث أمر إلا بأذنه ، فسبح الله القادر والمهيمن .

تنزيه الله من أن تكون المعاصي هينة عنده

ننزيه الله من أن تكون المعاصي التي نعملها والشيطان يزينها لنا ، ننزه الله أن تكون هذه المعاصي هينة عند الله .

وذلك لكي لا نقترب من المعاصي ، لأن هذه المعاصي كبيرة وعظيمة عند الله ، فلا يهم حجم المعصية في نظرك ، لكن المهم أنك عصيت الخالق ، حتى ولو كانت هينة عندك فهي عند الله عظيمة ، فنحن ننزه الله أن تكون هذه المعصية هينة عند الله .

سورة النور: إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16)



( وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ )

الشيطان الرجيم يزين للناس معاصي ، يحاول أن يجعلها هينة ، تبدو صغيرة ، تبدو حقيرة في أعيننا ، وعندما نصدقه في استصغار هذه المعاصي واحتقارها ، نقدم عليها بجرأة بالغة ، فهذه المعاصي صارت بتزيين الشيطان هينة حقيرة صغيرة في أعيننا ، لكن هل هي كذلك عند الله ، هي ليست كذلك ، بل هي عظيمة لذلك هذا المقام يحتاج إلى تسبيح ، يستلزم تسبيحاً .

ننزه الله أن تكون هذه المعاصي هينة عنده ، بل هي عظيمة عنده ، وإذا نزهنا الله حق التنزيه فإن هذه المعاصي تكون عظيمة في أعيننا لذلك نتوقف عن عملها ، نتوقف عن قولها وفعلها ، فالتسبيح الحق يوقف المعاصي عند حدها ، عندما تعرف تماما أن هذه المعاصي صارت كبيرة في عينك فإنك لن تقترب منها .

والمثال واضح في السياق حيث أنه يتعلق بمعاصي اللسان ، فمعاصي اللسان في واقعنا يراها الناس هينة وليست عظيمة ، فقل ما تشاء ، فلا بأس عليه ، فلذلك نجدها منتشرة في واقعنا الإسلامي اليوم ، ومستفحلة في المجتمعات .


سورة النور: إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16)

قلنا هذه الآية هي مثال فقط على معاصي اللسان ، لكن الآية نفسها يمكن أن نسحبها على كل أنواع المعاصي ، حتى ولو نظرة خاطفة محرمة ، أو استماع لربع دقيقة إلى حرام ، حتى ولو قلت لوالديك أف ، استحضر دائماً أنها عظيمة عند الله .



(مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ) .

ربي ما يكون لي أن أنظر إلى حرام ، ولو قليلاً لربع دقيقة ، هذا عمل عظيم لديك ، سبحانك هذا نظر حرام .

ربي ما يكون لي أن أستمع إلى حرام ، ولو قليلاً لربع دقيقة ، هذا عمل عظيم لديك ، سبحانك هذا استماع حرام .

يعني تعترف أمام الله أن هذه أشياء وأفعال وأقوال وأعمال ، عظيمة عند الله ، تغضب الله عليك .

قل كلمة واحدة محرمة ، مباشرة فلتستيقن أنها عظيمة عند الله ، وأن الله غضب عليك ، فسبح الله كثرا ، لكي تتوقف المعاصي .

(سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ) .

تنزيه الله من أن تكون النية السيئة هينة عنده



نعم نعم ، أنك تقرأ المكتوب بطريقة صحيحة ، النية السيئة ، غريب وعجيب ، هل النية السيئة عظيمة عند الله ؟؟؟ !!!


سورة القلم : إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17) وَلَا يَسْتَثْنُونَ (18) فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20) فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21) أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ (22) فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23) أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (24) وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (25) فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (27) قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (28) قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (29) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ (30) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (31) عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (32)




في قصة أصحاب الجنة في سورة القلم ، الله عاقبهم بنيتهم السيئة ، قبل أن تتحول إلى عمل ، فهم لديهم نية سيئة ، وبهذه النية السيئة الله عاقبهم ، مع أنهم لم يصلوا إلى ارتكاب الفعل بعد ، مجرد نية سيئة ، كانت سببا في ذهاب جنتم وغابتهم ومزرعتهم ، يعني فقدوا وظيفتهم .


قال لهم أوسطهم : (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ ) ، لقد أخبرتكم قبل أيام أن تسبحوا الله ، أن تعظموا الله ، أن تعرفوا جيدا أن هذه النية عظيمة عند الله ، لكنكم استصغرتم تلكم النية السيئة ، احتقرتم هذه النية السيئة ، قلتم أنها مجرد نية سيئة فقط ، لكن هي عظيمة عند الله ، ولعظم هذه النية عند الله فإن الله أهلك المزرعة ، الله دمرها بسبب نيتكم السيئة ، لم يبقى الله منها شجرة واحدة بسبب نية سيئة فقط ، هذا جزائكم لأنكم استصغرتم المعصية حتى ولو كانت نية فقط .

احتقار واستصغار المعاصي يستجلب العذاب ، فلا يهم حتى ولو كانت نية سيئة ، فالمهم أنك عصيت الخالق ، فنزه الله من أن تكون النية السيئة صغيرة عند الله ، بل سبح الله لكي تعترف أمام الله أن هذه النية عظيمة عند الله ، فهذا التسبيح يكبر ويعظم النية السيئة لديك فلا تعملها .




(قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ )

فأصحاب الجنة عوقبوا بمجرد النية السيئة فقط ، ولم ينفذوا النية بعد ، لم يصلوا بعد إلى أداء الفعل ، هذا عقاب على النية فقط ، والشيطان يجعل أمثال هذه النيات السيئة حقيرة في أعين الناس ، فهم يعتقدون أن الله لا يعاقب على النية ، لكن الله عاقب أصحاب الجنة على نيتهم ، ولم يذكر الله قصة أصحاب الجنة في القرآن الكريم لأجل حكي القصص ، بل لتكون شاهدة أن الله يعاقب على النية السيئة ، فالنية السيئة عظيمة عند الله ، لذلك فالأمر يقتضي تسبيحاً ، لكي لا نستصغر ونحتقر ونستهين بهذه النوايا السيئة ، فننزه الله من أن تكون هذه النوايا هينة عند الله ، بل نسبح الله لكي تعظم هذه النوايا في أعيننا وتتوقف .

(فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ ) الله عاقبهم وهم نائمون ، نائمون وفي قلوبهم نية سيئة لم يفعلوها بعد ، عاقبهم على النية السيئة لا على أداء الفعل ، لأنهم استصغروا هذه النية السيئة ، أستصغرواها لأنهم لم يسبحوا الله .






والتسبيح هو أن تعترف أن هذه المعصية كبيرة عند الله .

أي قل : ( سبحان الله ) وأنت تستحضر في قلبك أن هذه النية عظيمة عند الله ، وعندما تسبح الله هكذا فإن النية السيئة تصبح عظيمة لديك أنت ، فتتوقف عن فعلها ، وهذا ما قاله أوسطهم ، سبحوا الله لكي تعظم النية السيئة في قلوبكم فلا تفعلوها .

ولتطبيق هذا القصة في حياتنا : لنفرض أنك تنوي سماع أغنية محرمة ، فسبح الله وقل ( سبحان الله ) أي أعلم يا ربي ويا خالقي و يا رازقي و يا من أنعمت على بنعمة السمع أن هذه النية عظيمة لديك ، إذا قلت هذا من أعماق قلبك أمام الله ، فقد سبحت الله التسبيح الحقيقي ، وهذا التسبيح يجعل هذه النية عظيمة لديك ، لأنك اعترفت قبل قليل من أعماق قلبك أمام الله أنها عظيمة عند الله ، هذا التسبيح الحق يوقف هذه النية السيئة عند حدها .




وعندما نقول نية أي قرار بفعل ذلك الأمر 100 % ، وليس 99% ، فعندما يكون القرار بفعل الأمر 100 % يصبح نية ، يعني أنت قررت أن تفعله بدون تراجع مطلقاً ، يعني ليس رغبة ، وليس أمنية .

ولكي يأكد الله أنها لم تكن رعبة ولا أمنية بل كانت نية ( قرار بنسبة 100% ) ، ذكر الله آيات في ذلك :

سورة القلم : فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21) أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ (22) فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23) أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (24) وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (25) فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26)





قصة :

قصة توضح أن أصحاب الجنة كانوا يريدون بنسبة 100% أن يقطفوا الثمار بدون إعطاء الفقراء حقهم :

في الصباح قالوا : هيا بسرعة لكي نقطف الثمار ، لنذهب إلى المزرعة لكي نقطف كل ثمارها ، ولا نعطي ولا حتى مسكين ثمرة واحدة ، ولا حتى تفاحة ، ولا حتى برتقالة ، لن نعطي أحد أبدا ، لا فقير ولا مسكين ولا قريب ولا جار ولا صديق ولا زميل ولا بشر ولا حيوان ولا أي مخلوق ، لنا نحن الأخوة فقط ، شوي شوي تكلموا عن حد يسمعكم ، هيا أسرعوا ، نريد أن نصل قبل شروق الشمس ، ولا يسمعنا ولا يرانا أحد ، هيا أمشوا بسرعة ، فلدينا قرار بنسبة 100 % ، على قطف الثمار كلها ولا نعطي أحد منها ، فقد كان والدنا يعطي الفقراء والمساكين ، أما نحن فلن نعطي أحد أبداً ، باقي شوي ونصل إلى المزرعة ، فلدينا نية أكيدة على فعل هذا القطف وعدم إعطاء الفقراء .

وعندما وصلوا إلى المزرعة ، ورأوا أنها محترقة ومدمرة وهالكة ولم يبقى منها ولا حتى شجرة واحدة ، قالوا : يبدو أننا أضعنا الطرين و ضللنا الطريق ، وهذه ليست مزرعتنا ، هيا بسرعة لنبحث عن مزرعتنا ، لنقطف الثمار كلها ولا نعطي الفقراء منها .


كان قرارهم بنسبة 100 % ، لكن لو كان قرارهم بنسبة 90 % ، يعني كانوا مترددين ، ليست نية بل رغبة وأمنية وإرادة ، فهم مترددين ، ويقولون لبعضهم : قد نفعل وقد لا نفعل ، محتمل نفعل ومحتمل لا نفعل ، في هذه الحالة ليست نية ، ولا قرار بنسبة 100% ، فلو كانت هذه حالهم ما كان الله أهلك مزرعتهم .










هذا هو التسبيح الأول في قصة أصحاب الجنة .

ركز : هناك تسبيح آخر في قصة أصحاب الجنة .

سورة القلم : قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (28) قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (29) .


التسبيح الثاني في قصة أصحاب الجنة :

(قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ )

في المشاركة القادمة بإذن الله .