عبث الدنيا.... مدونتي

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أبدأ مدونتي على بركة الله: عبث الدنيا
اليوم الجمعة 02 صفر 1435هـ
الموافق لـ 06ديسمبر 2013م
على الساعة 09 و 51د.
بتوقيت الجزائر

أطلب منكم الدعاء لي بالتوفيق والرحمة والغفران إن أحسنت أو أسأت
وأجركم على الله
أسأل الله أن يلهمنا جميعا السداد والرشاد والتقوى واتباع الحق
وأن يجعل كل أعمالنا صالحة خالصة لوجهه إنه سميع مجيب
آمين يا رب العالمين برحمتك يا أرحم الراحمين

البُعد الكارثي

يمكن للرداءة أن تتخذ بعدا فرديا أو جماعيا كما قلنا. فالعامل عندما
يكون هو الوحيد الذي يشتغل برداءة، فرداءته منه وإليه. لكن إذا
انتقلت العدوى الى غيره، تصبح كل المؤسسة تعاني الرداءة، حتى
ولو تنحصر الرداءة في العمال دون الطاقم الإداري المسير..
ولكم أن تتصوروا الآن العدوى تنتقل الى كل مؤسسات القطاع أو
معظمها ماذا سيصبح عليه القطاع؟؟ ستكون كارثة الكوارث...

القمة

ولكم الآن أن تتصوروا حجم الكارثة إذا كانت كل القطاعات في البلد
تسير بمنطق الرداءة. وأصبح الكل من حكام ومحكومين يعيشون
بالرداءة ولها ومن أجلها، بل صار الجميع يعشق الرداءة ويدين بها
وينشرها ويعلمها ويحتفل لها وبها.. وإنما أتى كل ذلك من الرداءة
التي بدأت في قطاع حساس لم نهتم به كما ينبغي، ولم ننتبه
الى قيمته والى خطر الرداءة التي عششت فيه، ذلك هو قطاع
التربية على سبيل المثال لا الحصر، وإنْ أردتم مثالا أوضح دعوني
أوجهكم الى قطاع الإدارة العمومية.. رداءة تستحق وساما..

الإدارة

قطاع مظلوم قطاع الإدارة. فهو يعتبر الواجهة الرئيسية في كل بلد.
والواجهة الرئيسية يجب أن تكون قوية الأساس، جيدة البناء، فنية
الهندسة، علمية التصميم، عملية للاستعمال والشغل.. جميلة بل
لامعة ورائعة المظهر والمخبر.. لكن إداراتنا بعيدة كل البعد عن هذه
المقاييس حتى في بناءاتها الخارجية.. وأول ما يسترعي الانتباه في
ذلك أن من يخطط لتلك البناءات لا يضع في ذهنه أنها يجب أن تصمد
لمدة لا تقل عن قرن، ليس من حيث النوعية والصلابة في البناء فقط،
بل في الاستيعاب قبل كل شيء.. فما فائدة مقر بلدية أو بريد لا
ينفع إلا لعشر سنوات بالنظر لتزايد عدد السكان وتطور الحياة؟؟؟
هذا الأمر نلاحظه في كل البناءات الجديدة بما فيها السكنات.. حتى
أن أحد المسؤولين رغم أننا نعتبره أفضلهم، إلا أنه ذات مرة فلتت
منه كلمة، ما كان ينبغي أن تصدر عن مثله، وذلك عندما أعاب على
الناس بيعهم للسكنات التي اشتروها من الدولة، وكأنه لا يعلم أن
تلك السكنات مر عليها زمن طويل، وأنها لم تعد صالحة لهم، لأن
العائلة كبرت وزاد عدد أفرادها.. فماذا عليهم أن يفعلوا ؟؟
هل يوسعونها وهي مبنية بطريقة لا تقبل التوسيع؟ بل وحتى لو
تتوسع فالأجرة لا تكفيهم للقوت اليومي، فكيف تكفيهم للبناء؟؟
أم عليهم أن يطلبوا سكنا جديدا والقانون يمنعهم من ذلك؟؟ أم
يطلبون سكنا بأسماء أولادهم وهم لا يزالون قصر؟؟
هذا نموذج للرداءة في التفكير والتخطيط والتسيير في إدارتنا..
ومع ذلك نقول إنه قطاع مظلوم مثله مثل قطاع التربية وغيره..

التخطيط

ما من أحد في الدنيا لا يخطط لأعماله وحياته. يخطيء من يقول لك أننا لا نخطط،
أو فلان لا يخطط.. فهذا القول أو الحكم ينقصه التحديد أو الدقة، ولا معنى له ولا
أصل إلا على سبيل المجاز.. لأن الحقيقة هي أننا كلنا نخطط.. ونخطط لكل كبيرة
وصغيرة.. إنما الفرق بيني وبينك، أنك أنت تخطط بوعي وإرادة ونظام، أما أنا فأميل
إلى العفوية والفوضى والتخطيط دون شعور ولا رغبة.. لماذا؟ لأني مثلا لم أترب أو
أتعود على التخطيط، أو ينتابني الكسل وأصاب بالعجز كلما أردت التخطيط، أو بكل
بساطة لا أعرف كيف أخطط، أو بعبارة أبسط أكره التخطيط، بل أراه بالجملة مجرد
مضيعة للوقت والجهد والمال، بل نوع من الهروب من تلك الأعمال التي تنتظرني..
ورغم ذلك تجدني أخطط رغم أنفي دون شعور، فأسأل نفسي دائما قبل بدء العمل
ماذا سأعمل؟ وكيف سأقوم به؟ وما الذي ينتظرني بالضبط؟ وما الذي ينتظر مني؟
الى غير ذلك من الأسئلة التي تبين أني أخطط لكن بعفوية وبدائية وفوضوية...

المضيعة الحقيقية

حين أشرع في القيام بشيء أو إنجاز عمل دون تخطيط مسبق، قد أحتار من أين
سأبدأ؟ وكيف أستمر؟ وإلى أين سأنتهي؟ وما الذي يجب تقديمه أو تأخيره من
المهام والأعمال؟ فالوقت الذي أقضيه في الإجابة عن تلك الأسئلة هو المضيعة
الحقيقية.. ولنفترض أني أجبت عنها وشرعت في العمل، لكن فجأة أتذكر شيئا
كان يجب البدء به قبل المرحلة من العمل التي أنا فيها.. فماذا أفعل؟؟ وهكذا
أعود الى التفكير ثانية بل الى الحيرة أيضا.. إذ ينتابني التردد والتساؤل: هل عليَّ
العودة لاستكمال النقص، أم الاستمرار فيما أنا فيه؟ أم إعادة كل ما قمت به؟
فكل تلك الحيرة وذلك التردد وما يتبعهما، هو المضيعة الحقيقية للجهد والوقت
والمادة.. وما بالك إذا اقترن إنجازنا بالأخطاء والنقص والرداءة، نتيجة الارتباك والتردد
والحيرة والاضطراب، والغضب والتسرع والتعب بنوعيه: الجسمي والمعنوي..
فنضطر لأعادة إنجازها مرة بعد مرة، وربما دون تحقيق أي شيء ذي بال.. وإنما
أتى ذلك كله من التهاون في التخطيط أو انعدامه.. فالكثير من تلك الأخطاء وذلك
النقص وتلك الرداءة، يمكن تجنبها بشيء من التخطيط الفني العلمي الواعي..
وإذا كانت هناك مضيعة في التخطيط، فلن يبلغ شأنها وخطرها وضررها مهما تكن
طبيغتها، ما تسببه الفوضى والارتجال والعفوية البدائية من كوارث.. فتلك المضيعة
الحقيقية التي ننساها كثيرا، ونحن نتحدث عن المضيعة في التخطيط..
../..

التخطيط الواعي

عندما تريد التخطيط بوعي لا بد أن تسأل نفسك هذه الأسئلة: ماذا تريد من
تخطيطك؟ ماذا تريد أن تحقق في أعمالك وحياتك؟ لأي مدى تريد أن تخطط؟
بأي وسائل ستنجز تخطيطك وأعمالك؟ ما هي حدود قدراتك وامكاناتك؟
ويتعين عليك أن تجيب على تلك الأسئلة بكل وضوح ودقة وتركيز.. ولابد من
استعمال الورق والقلم في ذلك.. أي الكتابة.. فالكتابة هي التي ستمكنك
من تسجيل كل شيء وتذكُّرِه.. وهي التي تمكنك من تجنب الأخطاء التي
قد تضر بك وبإنجازاتك.. وأول ما ينبغي أن تبدأ به هو التخطيط لتخطيطك..
إذ لا بد أن تتخذ لك مجموعة من المباديء والطرائق وتدرب نفسك عليها،
لإنجاز مخططات جيدة علمية وعملية قابلة للتحقيق والتحقق.. ومن المهم
بل من الضروري أحيانا مراجعة التخطيط لتحديثه وتكييفه مع المستجدات..

../..

../..

التخطيط للتخطيط

بعد أن تجيب عن تلك الأسئلة في مخك تنتقل الى تدوينها وترتيبها على ورق. تحدد
أهدافك ووسائلك وطرائقك بدقة عملية، وتضع رزنامة واضحة للإنجاز. فأنت تحتاج الى
وقت لإنجاز التخطيط حسب المدى أو المديات التي تستهدفها، وكذا الغايات التي
تسعى لها، والأعمال التي تريد انجازها والمحطات التي تنوي تغطيتها من محطات
الحياة.. ثم تحتاج إلى توزيع غاياتك وأعمالك على تلك المحطات، والزمن المناسب
والمتوفر والميسر لك.. ولا تنسى أن ترتب ذلك وتنظمه حسب الأولوية، فهناك أعمال
مهمة وأخرى أهم وثالثة عادية أو أقل أهمية.. وهناك أعمال ضرورية وأخرى كمالية..
وهناك أمور تحتمل التأجيل وأخرى لا.. فلتضع كل ذلك في ذهنك وأنت تخطط وتنظم..

.../...

.../...

.