عبث الدنيا.... مدونتي

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أبدأ مدونتي على بركة الله: عبث الدنيا
اليوم الجمعة 02 صفر 1435هـ
الموافق لـ 06ديسمبر 2013م
على الساعة 09 و 51د.
بتوقيت الجزائر

أطلب منكم الدعاء لي بالتوفيق والرحمة والغفران إن أحسنت أو أسأت
وأجركم على الله
أسأل الله أن يلهمنا جميعا السداد والرشاد والتقوى واتباع الحق
وأن يجعل كل أعمالنا صالحة خالصة لوجهه إنه سميع مجيب
آمين يا رب العالمين برحمتك يا أرحم الراحمين

التوبة النصوح

هناك أناس يزكون أنفسهم بشكل يجلب الشفقة عليهم. يقول لك
أحدهم: وماذا فعلت أنا؟ ماذا ارتكبت؟ هل قتلت أحدا؟ ما عندي
سوى ذنوب صغيرة كل الناس تعملها.. وهي بسيطة وقليلة...
وما أدراك أيها الغافل؟ ما أدراك أنها صغيرة وبسيطة وقليلة؟؟؟
وكأنك لا تعلم أن كلمة صغيرة تتلفظ بها قد تعكر مياه البحر.. بل
قد تهوي بها في جهنم سبعين خريفا، والعياذ بالله كما جاء في
الحديث.. فلا تزكي نفسك.. لأن الله وحده هو من يزكي...
لا تغتر وتقول لم ارتكب شيئا.. بل استغفر الله لما علمت وما لم
تعلم من ذنوب.. واكثر من العمل الصالح لتمحو به سيئاتك..
فعلى المسلم أن يعجل بالتوبة من كل ذنب قبل فوات الأوان..
حتى ولو كانت المعاصي كثيرة أو كبيرة.. بل حتى ولو شعر أنه
لا يستطيع الإقلاع عن المعصية.. فمن يدري: قد تكون مبادرته
للتوبة سببا لرفع البلاء أوالابتلاء عنه.. وإكرامه بتوبة نصوح، لم تكن
حتى في حسبانه.. وليعلم الجميع أو يتذكر أن التوبة النصوح لها
شروط يجب استيفاءها وهي:
- الندم على المعصية. وكلما كان الندم شديدا وصادقا كان افضل.
- الإقلاع عن المعصية نهائيا، والابتعاد عن كل ما له صلة بها.
- العزم الصادق على عدم العودة اليها مهما يحدث.
- رد المظالم إلى أهلها وطلب السماح من المظلومين، ان كانت
المعصية من هذا الصنف، أي لها علاقة بأناس معروفين او غيره..
- الإكثار من الاستغفار والذكر عموما، وتلاوة القرآن الكريم وأعمال
البر والصلاح مثل الصدقة، ومساعدة الناس والمشاركة في بناء
المساجد، والمدارس والمشافي واصلاح الأعطال والطرق....
والله أعلم والله ولي التوفيق

تزكية النفس

وردت تزكية النفس في الإسلام بمعنيين مختلفين:
- بمعنى الطهارة والصلاح أو التطهير والإصلاح كما في قوله تعالى:
قَدْ أفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا
وهذا المعنى مطلوب من المسلم تحقيقه. بمعنى أنه علينا تزكية
أنفسنا أي إصلاحها وتطهيرها من الكفر والنفاق والبخل وغيره.
- وجاءت بمعنى مدح النفس وادعاء خلوها من الذنوب، واستحقاقها
أعلى المراتب في الآخرة. إنه نوع من الاستخفاف والعجب والكبر.
وهو مذموم طبعا. وتجد صاحبه تعجبه نفسه، فيزكيها أي يمدحها،
بل ويجزم أنه من أهل الجنة وأنه سينال أرفع المنازل، بما له من
أعمال صالحة كبيرة وكثيرة. ونحن نعلم أنه لا أحد يدخل الجنة
بعمله، كما ورد في الحديث الشريف، إلا أن يتغمدنا الله برحمته.
ولا يعني هذا التوقف عن العمل لأننا به نستحق الرحمة.
وهذا المعنى ورد في آيات منها قوله تعالى:
ألَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أنْفُسَهُمْ بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ
وهو المعنى الذي أخذه رجال القانون، ليدل على التأييد والمساندة
والدعم، لمن يترشح لمنصب أو مهمة أو عضوية مثلا في سلطة ما.
فعلى المسلم الانتباه إلى هذا وما شابه، حتى لا يخطيء في حق
الله تعالى، وفي حق نفسه وحقوق الناس، و الله أعلم

الحقوق

من الإسلام والإنسانية أن تحترم الحقوق، وتعطي كل ذي حق حقه.
وقد ورد في الأثر أن لنفسك عليك حقا، وللناس عليك حقا، ولله عليك
حق، فاعط كل ذي حق حقه. وربما يتسامح الله معك في حقه عليك،
فيغفر لك ما ارتكبته في حقه، لكنه لن يتسامح معك فيما ارتكبته
في حق الناس، وفي حق نفسك. لأنك اذا أسأت الى نفسك، تكون
باطرا ناكرا لنعمه عليك، أما إذا أسأت الى الناس، فقد اعتديت على
حقوقهم وظلمتهم، فتستحق العقاب إلا أن تتوب وتصلح نفسك، وترد
المظالم، ويعفو عنك مظلوميك. فلابد إذن من ترتيب الحياة على هذا
الأساس، على مستوى الفرد والمجتمع، حتى لا تهدر تلك الحقوق.

الناس

من حكمة الله في الناس أنه خلقهم شعوبا وقبائل، وفئات وجماعات،
بأشكال وألوان وأعراق وألسنة، وشخصيات وصفات وخصال مختلفة.
ففي الأسرة الواحدة تجتمع أكثر من صفة، وشكل وخصلة وشخصية
وحتى لون.. كل ذلك ليتعارفوا ويتعاونوا ويكمل بعضهم بعضا، ولأسباب
أخرى وغايات قد لا نعلمها..
فعلى هذا الأساس يجب ترتيب الحياة أيضا، وخاصة على مستوى
المجتمعات المحلية والدولية أو العالمية، أي على مستوى الدولة
والتكتلات الدولية. إن ما يسمى بالعولمة يجب أن تقوم فلسفته
ونظامه على هذا الأساس. ومنظمة الأمم المتحدة التي تصلح أن
تكون نواة العولمة بامتياز، يجب تعديل ميثاقها أو تهذيبه، ليقوم على
أسس حق الاختلاف والتباين، وضرورة التعايش والتعاون، وإلزامية
الاحترام المتبادل، بين الدول والشعوب والأفراد والجماعات، ونبذ كل
ما يخل بالإنسانية التي ننتمي إليها جميعا طوعا أو كرها. مثل نبذ
العنف والعنصرية والظلم، بكل الأشكال ومن أي مصدر ولأي هدف..
إن مشاركة الجميع، أفراد وجماعات، دولا وشعوبا، دون تمييز وتفضيل
وغبن، في تسطير ميثاق العولمة ضروري جدا، حتى يأخذ كل حقه.

الميثاق الوطني

في سنة 1976 أنجز الجزائريون وثيقة أعظم وأكبر وأثمن بكثير، من
كل ما أنجزوه طيلة أكثر من نصف قرن. إنجاز من ذهب تفوق قيمته
قيمة الاستقلال الذي حصلوا عليه في 1962. لكن مع الأسف لم
يحظ ذلك الإنجاز بالتقدير الذي يستحقه، حتى ممن شارك في
انجازه، فالشرذمة التي قضت عليه قضت على كل ذرة وطنية في
قلوب الجزائريين، واستبدلتها ببذرة المادية والجشع، والتبذير
والتسيب التي زرعتها حتى في ضمائرنا، وعملت بل حرصت كل
الحرص على إنعاشها، وتنميتها بكل أساليبها الجهنمية المقرفة.
تتساءلون عن ماهية هذا الإنجاز وهويته، وأنا منشغل بالتعبير عن
المرارة التي تركها في أعماقنا أولئك المفسدون الضالون الظالمون
الذين سيعلمون يوما ما أي منقلب ينقلبون.. ذلك الإنجاز هو وثيقة
الميثاق الوطني الذي شارك في تدبيجه ومناقشته كل الجزائريين،
واستفتوا عليه وعبروا فيه بكل حرية وانضباط ومسؤولية، عن آرائهم
واقتراحاتهم دون استثناء، ولا تمييز ولا تفضيل ولا غبن.. وفي الآخير
وعندما جاءت لحظة الحقيقة والحسم.. لحظة التطبيق كان مصيره
سلة المهملات.. لم يكن أحد يدري أو يشك حتى.. أن هناك من بني
جلدتنا من أرعبته الوثيقة، مثلما أرعبت أعداء الأمس من الاستدمار،
وأذنابه في الداخل والخارج.. لأنهم أدركوا أن الوثيقة لو طبقت، كانت
سترفع الجزائر على رؤوسهم إلى أعلى عليين، بشهادتهم أنفسهم
كأعداء قبل شهادة الأصدقاء.. وقتذاك ظهر اللقب المعروف الذي
أطلقه المعجبون المتحمسون فقالوا: بعد عشر سنوات من تطبيق
الميثاق ستصبح الجزائر "يابان" البحر الأبيض المتوسط..

الناس في الجزائر

في الجزائر ينقسم الناس اليوم إلى فئات استعدادا للربيع القادم..
ربيع الانتخابات الرئاسية. فمن مزك للعهدة الرابعة للرئيس الحالي،
إلى قارع لطبول الحرب، إلى مستعد للفرجة والاستمتاع.. لكن الكل
متفق على أن الربيع القادم سيكون مميزا وساخنا، أو دافئا على الأقل
بالقياس الى ما مضى، وإلى ما نعانيه من البرودة الشتوية الحالية..
وإن كان من الصعب التمييز بين الفصول في السنوات الأخيرة، ولا
أقصد الفصول الطبيعية فقط، بل الفصول السياسية والبشرية كذلك..
ويبدو أن كل تلك الفئات تنقسم بدورها إلى جماعات مختلفة عن
بعضها، بنسب متفاوتة في الدوافع والتوجهات، والمصالح والغايات،
والوسائل والقدرات، والأحجام والأشكال والألوان.. وأهم ما تختلف فيه
تقديرها للفصول المتعاقبة المذكورة، ونظراتها إليها وتعاملها معها..

الفصول

تغير الناس فتغير كل شيء حتى الفصول، وما بالك بالاهتمامات
والقيم والقناعات.. ولقد أصبحنا لا نميز بين فصل وآخر.. ولا نعرف
متى يبدأ الفصل ومتى ينتهي.. ومتى ينتهي فصل ويبدأ آخر..
وذلك لرغبة كل فصل أن يبقى أكثر، ولو تجاوز عمره المعروف
المحدد.. بل ويريد أن يطغى على بقية الفصول، ليستحوذ وحده
على الكعكة.. حتى أصبحنا نعيش أحيانا فصلا واحدا.. تنصهر
فيه كل الفصول.. وربما انتابت الفصول الحمية..حمية الجاهلية..
فتجمعت على خشبة الزمن، ودخلت في معركة حامية الوطيس..
فأصبح اليوم الواحد من أيامنا كسنة بأكملها.. نعيش فيه مسرحية
غريبة تمتزج فيها المأساة بالملهاة.. ويؤدي فيها الفصول أدوار
بعضهم، بشكل يجلب الشفقة والحزن حينا، والسخط والغضب
حينا آخر، والضحك والاستخفاف تارة ثالثة.. وذلك ما ينعكس
على البشر وأنفسهم العجولة الجزوعة المنوعة.. فتجدهم
يضطربون في كل أمور حياتهم.. فلا يعرفون ماذا عليهم أن
يلبسوا أو يأكلوا، أو يقتنوا أو يواجهوا.. فالحرب قد أحاطت بهم
احاطة السوار بالمعصم.. فتجدهم يتسمرون على الحال التي
وجدوا عليها، ولا يحركوا ساكنا من الخوف والقلق و الحيرة..
ينسون كل شيء.. الدين.. اللغة.. العلم.. العائلة.. المجتمع..
التقاليد.. الأعراف.. القوانين.. الأخلاق.. القيم.. ينسون حتى
أنفسهم.. وكأني بالزمن قد تجمد عندهم على حال واحدة..
الحال التي استيقظوا فيها ذات زمن، وأدركوا أنهم موجودين
حقا، وأن من حقهم العيش كغيرهم..