عبث الدنيا.... مدونتي

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أبدأ مدونتي على بركة الله: عبث الدنيا
اليوم الجمعة 02 صفر 1435هـ
الموافق لـ 06ديسمبر 2013م
على الساعة 09 و 51د.
بتوقيت الجزائر

أطلب منكم الدعاء لي بالتوفيق والرحمة والغفران إن أحسنت أو أسأت
وأجركم على الله
أسأل الله أن يلهمنا جميعا السداد والرشاد والتقوى واتباع الحق
وأن يجعل كل أعمالنا صالحة خالصة لوجهه إنه سميع مجيب
آمين يا رب العالمين برحمتك يا أرحم الراحمين

الزمن الجزائري

يتساءل كثيرون لماذا لم يصل الربيع العربي المزعوم الى الجزائر.
هناك تفسيرات كثيرة يتشدق بها كل من هب ودب. لكن الحقيقة
في نظري لم تذكر. هناك تفسير أو سبب أعتبره أساسيا، ولم
أسمع أحدا يذكره إلى حد الآن. لم يجرؤ أحد على القول أن بلادنا
لا تزال تسير بعقلية الخمسينات والستينات والسبعينات. وكأني
بالزمن الجزائري تجمد أو جُمِّدَ في مرحلة ما، ولا يزال يراوح مكانه
هناك. وأغلب الظن أن تلك المرحلة هي مرحلة التحرير من 1954
إلى 1962. فالجزائريون كما يبدو لم يخرجوا بعد من تلك المرحلة.
وكل من حاول أو يحاول الخروج أو تحريك العجلة يلقى جزاء سنمار.
ولم يسلم من هذا الجزاء حتى الرؤساء الذين كنا نظن أنهم في
منأى عن مثل ذلك المصير، كما حدث للراحلين بومدين وبوضياف.
ويبدو أن كثيرا من الجزائريين يعتقدون أو يقتنعون بأن ذلك هو الحل
الأفضل للبلاد والعباد حاليا وحتى إشعار آخر..

الربيع الجزائري

الكل يتفق أن الربيع القادم في الجزائر سيكون ساخنا. لكن ليس
على طريقة الربيع العربي المزعوم. بل الكل في الجزائر يتفق ويؤمن
بإمكانية التغيير السلمي الهاديء المتحضر عن طريق الصندوق
الشفاف.. الكل ينبغي أن يسعى في هذا الاتجاه.. اتجاه التغيير
السلمي الحضاري الهاديء، عن طريق انتخابات حقيقية نزبهة.. فقد
تعبنا من الأساليب الأخرى للتغيير.. تعبنا من العنف والتخريب.. تماما
مثلما تعبنا من الفساد والتزوير والاستبداد وخنق الحريات... ربيعنا
إذن يجب أن يكون مميزا.. وعلى الجميع أن يساهم ليكون كذلك...

التغيير الهاديء

قلت سابقا على الانسان أن يعطي كل ذي حق حقه في أي موضع
يكون فيه وأي حال وزمان.. هذه هي القاعدة الذهبية التي يجب أن
يدين بها كل الجزائريين ويلتزموا بها لتحقيق التغيير المنشود.. على
كل جزائري أن يجد له واعظا من نفسه، يجعله يؤثر أخاه على نفسه.
فأنت من حقك أن تفعل ما تشاء في بلدك لكن ليس على حساب
أهل بلدك وحقوقهم. فحريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين. نعم
من حقك أن تترشح أو تنتخب أو تطلب من أحبتك أن يساندوك لكن
دون المساس بحقوق الآخرين. فمن حق الآخر أيضا مثلك تماما أن
يشارك في تسيير البلد والتعبير عن رأيه والتنعم بخيرات بلده...
هذا الاحترام للحقوق يجب أن يلتزم به كل الجزائريين دون استثناء
على قدم المساواة.. ويجب أن يصاغ في شكل وثيقة مشفوعة
بتدابير عملية تجسد ذلك الاحترام والالتزام في الواقع وتحافظ عليه.
وعلى أهل الحل والعقد أن يبادروا الى ذلك ويكونوا القدوة بسلوكهم
لكل الجزائريين. وأول ما يجب أن يجسدوه هو الاتفاق بينهم على
الحقوق الأساسية المنظمة لسلوكهم مثل حق الاختلاف، وحق
التعبير، وحق التداول على السلطة، وحق السيادة للشعب...

التداول على السلطة

من حق كل الجزائريين المشاركة في تسيير البلد وحكمه أو تعيين
حكامه، على جميع المستويات، كل في موقعه وحسب قدراته..
فمن حق الجميع المشاركة في السلطة والتداول عليها.. وهو ما
يقتضي من الجميع قبول التعايش مع الآخر مهما يكن الاتجاه أو
الفكر أو الإحساس أو القناعة.. فما يجمعنا أكثر مما يفرقنا.. وما
يجمعنا هو الخط الأحمر الذي يجب أن تقف عنده حرياتنا الضيقة
الشخصية والجماعية، القبلية والحانا اهبل هههههة.. فما يجمعنا هو ما يجب
أن يكون الأول في قائمة اهتماماتنا وأولوياتنا.. وهو ما يجب أن
نحتكم إليه دائما في نزاعاتنا وطموحاتنا.. وكل هذا يجب صياغته
في ميثاق شرف بين كل الشركاء السياسيين بما فيهم السلطة
والأحزاب والمنظمات.. ولا بد من تدابير عملية للتطبيق والحماية..

السلطات

على الشركاء وضع خارطة طريق تحدد الأهداف وتبين الكيفية والمراحل
والوسائل للوصول إلى الأهداف. أول هدف أو غاية هو مرحلة انتقالية،
يسيرها الرئيس المنتخب، ويتم فيها اعداد النظام الجديد على أساس
مشروع مجتمع يتفق عليه الجزائريون عن طريق النقاش والاستفتاء.
مشروع المجتمع هو الذي يجب أن يحدد طبيعة النظام، في كل جوانبه
السياسية والعسكرية والاقتصادية، والاجتماعية والثقافية والرياضية...
النظام الجديد يجب أن ينقل السلطة العليا والسيادة الى الشعب. كما
يجب أن ينص بوضوح وتدابير عملية على فصل السلطات، واعادة كل
سلطة الى حجمها ومكانها الصحيح ومهامها الحقيقية. بحيث تخضع كل
تلك السلطات للإرادة الشعبية. ولا بد هنا أيضا من آليات تنفيذ عملية،
تحفظ للشعب هيبته وسيادته، وتحمي صلاحياته من الزلل والتشويه،
والتحويل والتزوير والعبث.. ويجب أن يتم اعلام كل الجزائريين وتوعيتهم
بخارطة الطريق ومهام الرئيس المقبل في تسيير المرحلة الانتقالية،
لإعداد النظام الجديد للدولة، ثم الشروع في تطبيقه عند نهاية المرحلة..
إن اعلام الجزائريين بذلك ضروري جدا ليدركوا أهمية الانتخابات القادمة،
وأهمية اختيار الشخصية المناسبة الكفؤة لقيادة المرحلة الانتقالية...

الإرادة لشعبية

تعود الجزائريون على الاحتكام الى القوة والعنف والغدر في المحن التي
يتعرضون لها. وذلك من آثار حرب التحرير التي استنزفت ليس النفس
والنفيس فحسب بل حتى القيم والأخلاق والأعراف. وبهذا الشكل تم
تغييب كثير من تلك القيم مثل الاحتكام الى الإرادة الشعبية في حكم
البلد وتسييره. والعجيب الغريب أنه لولا تلك الإرادة ما نجحت الثورة وما
حصلت البلاد على استقلالها. ذلك لأن بعض القادة لم يكونوا في مستوى
المهمة التي أنيطت بهم سواء أكان ذلك أثناء الحرب أو عند الاستقلال أو
بعده. والنتيجة أن الكل حكاما ومحكومين يحتكمون الى القوة والعنف في
كل شيء حتى في المطالب البسيطة المتعلقة بالحياة اليومية.. ولا عجب
من ذلك فالعنف لا يولد سوى العنف.. فمتى نعي هذه الحقيقة ونقدرها
حق قدرها؟ متى نتخلص من هذه العقدة؟ ومتى نخرج من هذه الحلقة
المفرغة التي ندور فيها منذ أكثر من نصف قرن؟ متى نغتنم مثل تلك
الفرص التي أتيحت لنا في 1962 و1965 و1980 و1988 و1991 و1994
و1999 و2001 وأخيرا في 2004. بعضها كانت فرصا من ذهب.. لكن لم
يفت الأوان بعد.. فانتخابات الربيع القادم يمكن أن تكون فاتحة عهد جديد،
نصحح فيه أخطاءنا ونعيد الاعتبار للإرادة الشعبية فهي أساس كل دولة
متقدمة قوية وكل بلد مزدهر راق.. إنها فرصة للتخلص من كثير من الآفات
التي تنخر البلد وتنحره مثل العنف والغدر والتزوير والظلم وكتم الحقائق..
فلماذا لا نجعل من ربيعنا القادم عرسا وطنيا نطوي فيه صفحات الماضي
الأسود المؤلم، ونمد أيدينا إلى بعضنا لنتسامح ونتعاون على بدء صفحة
جديدة مشرقة في حياتنا وتاريخنا، نحتكم فيها الى كأفراد وجماعات،
كحكام ومحكومين الى السلم والشفافية والصدق والصراحة والانضباط
والنظام والاحترام المتبادل.. فهذا فقط ما سيوصلنا الى بر الأمان..
ولتكن المبادرة من السلطة، لأن الشعوب على دين ملوكها.. على السلطة
أن تبرز نيتها الصافية في التغيير الى ما يريده الشعب، وعليها أن تبرهن
على سلامة نيتها بكل الوسائل الممكنة. عليها التخلي عن القوة والعنف
والقهر والتزوير والغدر، ولا تستخدم قوتها إلا تجاه المفسدين ومن يبغونها
عوجا.. عليها الالتزام بالقوانين وفتح أبواب الحوار مع الشعب بكل فئاته..
عليها استفتاء الشعب كلما كان ذلك ممكنا في معتلف المسائل والقضايا..

استفتاء الشعب

الدول التي تحترم نفسها وشعوبها تستفتي مواطنيها حتى في أبسط
المسائل والقضايا، ولا تجد في ذلك حرجا ولا عيبا، بل على العكس من
ذلك تماما، تعتبر العملية قمة التحضر والمدنية والوفاء للشعب والحقوق..
إن الاستفتاء هو أنجع وسيلة لتحقيق الديمقراطية الشعبية التي تزين
اسم بلدنا على الورق، ولم نر لها أي أثر في الواقع حتى في الانتخابات..
فلماذا لا نجعل من الرئاسيات القادمة أول خطوة في تحقيق هذا المبدأ؟
لماذا لا نغتنم هذه الفرصة الذهبية لتسليم كل السلطات للشعب؟
لماذا لا تتفق السلطة مع شركائها السياسيين خاصة كالأحزاب على
آلية أو خارطة طريق يتم بواسطتها إعادة السيادة والسلطة للشعب؟
لماذا لا نجعل من الرئيس المقبل قائدا للتغيير الجذري الذي ما فتيء
الشعب يطالب به منذ عقود؟ لماذا لا نخوله كل الصلاحيات لوضع خارطة
الطريق وآلية التغيير وتنفيذهما؟ لماذا لا ننشيء لجنة مستقلة لتنظيم
الانتخابات من بدايتها الى نتائجها، على أن تسخر لها الحكومة الحالية
كل الإمكانيات البشرية والمادية والمعنوية المتاحة؟