عبث الدنيا.... مدونتي

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أبدأ مدونتي على بركة الله: عبث الدنيا
اليوم الجمعة 02 صفر 1435هـ
الموافق لـ 06ديسمبر 2013م
على الساعة 09 و 51د.
بتوقيت الجزائر

أطلب منكم الدعاء لي بالتوفيق والرحمة والغفران إن أحسنت أو أسأت
وأجركم على الله
أسأل الله أن يلهمنا جميعا السداد والرشاد والتقوى واتباع الحق
وأن يجعل كل أعمالنا صالحة خالصة لوجهه إنه سميع مجيب
آمين يا رب العالمين برحمتك يا أرحم الراحمين

إلى صديقي

يصعب في كثير من الأحيان التمييز بين الصديق الحقيقي والصديق المزيف. في
الشدة يظهر الصديق كما يقولون. لكن الشدة قد تظهر لك صديق المصلحة قبل
الصديق الحقيقي. وعليه اذا كنت صديقي الحقيقي فاحفظ مني هذه الشوارد:
ان كنت صديقي لا تعاملني على قاعدة التبادل المصلحي. ان منحتك منحتني،
وان عزيتك عزيتني، وان تفقدتك تفقدتني، وان هجرتك هجرتني.. بل عاملني
على قاعدة العمل لوجه الله.. هذا أفضل من الادعاء أنك مدين لي..
ان كنت صديقي لا تلعب دور الشيطان الأخرس أو شرطي التحقيق، وأنا تحت
رحمة مؤامرة أو مكيدة تدبر ضدي، وأنت على علم بها قبل أن أعلم بها أنا..
ان كنت صديقي لا تتركني في مهب الرياح، أواجه العواصف وحدي وأنت تعلم،
ولا تحرك ساكنا بمبرر أو دون مبرر.. كن معي وساعدني ظالما ومظلوما..
ان كنت صديقي احتفظ بأسراري ولا تفشها، ولا تتهكم مني بها مهما يحدث بيننا،
أما أن تستغلها لتنال بها حظوة عند فلان، أو ترقية عند علان.. فتلك هي الكارثة..
ان كنت صديقي فتذكر فقط ما بيننا، من لحظات خير وأنس وتعاون.. ولا تتذكر
لحظات الشر والخصام وسوء التفاهم، والظلم التي تحدث دائما بين الخلان..
ان كنت صديقي ففضلني على نفسك، في كل ما يأتيك وما يعرض عليك من خير..
واعمل بقوله تعالى: ويُؤثِرُونَ على أنْفُسِهِمْ ولَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ..
وأخيرا ان كنت صديقي فاصنع لي من قلبك تاجا، ومن عقلك مؤنسا، ومن ضميرك
درعا، ومن كيانك كله منزلا.. ولا تنس أن تُلْهِبَ لسانك بالدعاء لي، بكل خير في
كل حال.. وأن تذكرني دائما بالخير في حلك وترحالك.. في خلوتك ومع الناس..

الهجران

أحيانا نضطر الى هجران بعض من نحب وتجاهلهم، لسبب أو آخر، بصفة مؤقتة أو
دائمة. قد نتظاهر بالهجران والتجاهل وقلوبنا تقطر دمعا ودما حزنا على من نحب
ونهجر.. نخشى عليهم ونقلق مما قد يصيبهم من جراء الهجر الذي اضطررنا اليه..
قد نهجر أو نصطنع الهجران لحماية الشخص نفسه من عواقب التقرب والتودد..
عواقب قد تضر به مباشرة او تضر بمن حوله فيتضرر هو نفسه بالتالي..
قد نهجر أو نصطنع الهجران لحماية طرف ثالث في المسألة من عواقب معرفته
بتقربنا او توددنا لمن نهجر.. أو عواقب معرفة المحيطين به بذلك التقرب والتودد..
نجتهد في ذلك ونوازن بين آلام الأطراف كلها ثم نقرر.. وقد نصيب وقد نخطيء..
لكن في كل الأحوال أكون أول من يذوق مرارة الهجر وعواقبه حتى قبل تنفيذه..
أكون قد جزعت وقلقت وتحسرت ألف مرة ومرة قبل أن يشعر الآخر بشيء..
وبعده أكون قد ذقت أضعاف ما ذاقه من الحزن والألم.. ولا حيلة في ذلك.. ولا
يبقى سوى الدعاء.. فيا رب لا تضطرنا لهجر من نحب ومن يحبوننا.. ويا رب لا
تضطرنا لتجاهلهم.. ولا تُنْسِنَا الدعاء لهم بكل خير في كل حال..

الحب

لي صديق يشتغل مدرسا للغة غريب الأطوار. من غرائبه أنه يخجل من التلفظ
بكلمة: حب، حتى مع تلامذته في القسم. كثيرا ما ارغب في مداعبته بطلب
أن يتلفظ بالكلمة ولو في أذني فقط.. فلا يفعل.. واكرر له الطلب اكثر من مرة
ولا يقول شيئا.. واحيانا يغضب مني فينصرف عني بعيدا ويتركني وحدي...
أحيانا يحلو لي مناقشته في الأمر عندما يكون في أوج نشاطه وانشراحه..
وفي كل مرة يلقي علي محاضرة طويلة عريضة في أن الحب لا وجود له إلا
في الكتب والغناء والسينما والفن عموما.. وهذا ما دار بيننا ذات مرة:
- كيف تدرس الشعر والأدب وكله نصوص في الحب ومشتقاته ومرادفاته؟؟
- ادرس المفيد منه.. واذا تضطررت لذكر الكلمة استعين بما يدل عليها..
- وكيف تشرح بيتا من الشعر بمجنون ليلى او ابن زيدون او نزار قباني؟؟
- لا اشرحه. امر عليه مر الكرام. يكفي القول ان الشاعر تأثر بكذا فعبَّر..
- واذا طالبك التلاميذ وألحوا بالشرح وبالتفصيل.. ماذا ستفعل؟؟
- أرفض.. وأسكتهم وأمنعهم من طلب ذلك بالقوة والتهديد اذا لزم الأمر..
عندئذ تثور ثائرتي بدوري وأسمعه أسطوانتي ومحاضرتي التي لا تنتهي:
بهذا يا صديقي أنت تدمر أجمل شعور في نفسية تلامذتك.. أنت ستحرمهم
من معرفة ضرورية في حياتهم.. معرفة الحب وكيفية التصرف حين ينتابهم..
أنت كمدرس من واجبك أن تهيء الأجيال لحياة سوية.. والحياة دون حب أو
دون معرفة بالحب ليست حياة سوية.. أنت من واجبك كمدرس أن تساعد
تلامذتك على تخطي مراحل الحياة بسلام وخاصة مرحلة المراهقة التي
يعاني فيها الكثير من الحب.. فتجاهل هذا الأمر لا ينفع بل يزيد مشاكلهم
تعقيدا وتفاقما.. ومن ذلك يأتي الانحراف والتشدد في التعامل مع الواقع..
الحب يا صديقي عاطفة موجودة ومؤكدة بل ضرورية في هذه الحياة.. وهي
عاطفة نبيلة وسامية لا تستقيم الحياة بدونها.. ولا عيب فيها كما تظن ولا
ضرر ولا ضلال منها في ذاتها.. إنما العيب والضرر والضلال في اسلوب التعامل
معها ومواجهتها.. في ما يصاحبها ويأتي بعدها من تصرفات وأفعال..
فكم هو جميل ورائع أن تحب ما لم تتصرف بحماقة أو تهور أو جهالة.. هذا
ما يجب أن يتعلمه تلامذة المدارس من أساتذتهم.. عليهم أن يعلموهم
ويدربوهم على التصرف الصحيح والتعامل الآمن مع الحب والحبيب.. عليكم
أن تعلموهم كيف يميزون بين الحب الحقيقي والنزوة العابرة.. عليكم أن
تعلموهم وتدربوهم على كتمان مشاعرهم بصفة مؤقتة أو دائمة.. فلكل
مقام مقال.. فنحن نحتاج احيانا لكتمان مشاعرنا بصفة مؤقتة لأننا لم نبلغ
بعد النضج الذي يسمح لنا باختيار الشريك المناسب لحياتنا.. أو لأننا لم
نتأكد بعد من مشاعر الطرف الآخر.. أو أن الطرف الآخر لا يبادلنا المشاعر..
كما نحتاج الى كتمان مشاعرنا بصفة دائمة بل ردمها نهائيا عندما يكون
حبنا من النوع المستحيل كمن يقع في حبائل امرأة كافرة وهو مسلم...
ثم على شبابنا أن يتعلموا ويتدربوا على أن يأتوا البيوت من أبوابها وليس من
النوافذ أو الأسقف أو الشقوق في الجدران.. واذا كان الأمر يتعلق بالفتاة
فليس عيبا أن تصارح أمها او والديها معا ليبحثا عن الشاب المطلوب وعائلته..
ثم علينا جميعا أن نتعلم ونتدرب على المحافظة على سمعة عائلاتنا في
كل الأحوال، من خلال الحفاظ على سمعة بناتنا وشرفهم وكرامتهن..
على الجميع أن يقتنع أن الحب شرف وكرامة ومسؤولية، وتضحية وفداء وصدق
ووفاء، ورباط مقدس بين رجل وامرأة وعائلتيهما، قبل أن يكون أي شيء آخر..

التدريس

من أشرف المهن وأرقاها مهنة التعليم. يكفي أنها مهنة الأنبياء والصالحين
المصلحين والأئمة. لكنها مهنة شاقة جدا ومتعبة حقا. لأن المشتغل بها
يتعامل مع العقول والنفوس، وليس مع الأشياء والجوامد. والعقول والنفوس
التي يتعامل معها قاصرة غالبا بشكل او بآخر، والغرض من تعليمها هو الحد
من ذلك القصور نفسه.. حتى تصبح اكثر استعدادا وقدرة على مواجهة الحياة
ومتطلباتها، والتكيف مع مختلف الأوضاع والأحوال التي نتعرض لها..
والملاحظ أنه رغم عظم هذه المهمة ورقيها وشرفها، إلا أنها لم تحظ بالتقدير
الذي تستحقه في بلداننا وسياساتنا. صحيح أن الكثير من المكاسب تحققت،
وان كانت بنسب متفاوتة وربما غير كافية كما وكيفا، إلا أنها ساهمت كثيرا
في تخليص الأمة من أمراضها وأزماتها. فدمقرطة التعليم مثلا ومجانيته قلصت
من رقعة كثير من الآفات الناخرة لكيان الأمة، مثل الجهل والأمية والمرض...
إلا أنه بالنظر الى الامكانيات المتاحة والمتوفرة، فإننا نستطيع تحقيق أفضل
مما تحقق وخاصة في الجانب النوعي. لنفهم هذا ونتأكد علينا النظر الى
البلدان ذات الأنظمة التربوية الراقية، مثل فنلندا واليابان وماليزيا.. فبعض بلداننا
تملك موارد افضل واكبر واكثر، إلا أن أنظمتها تتخبط في ذيل القائمة...
وهذا ما ينعكس على الإنتاج والمردود كما وكيفا في جميع المجالات.. لأن
القطاعات كلها تستمد مواردها الأساسية، وهي الموارد البشرية من قطاع
التربية.. فمن ذا الذي من أصحاب المناصب والمشاريع لا يمر من المدرسة؟؟
ومن المفارقات العجيبة أن ذلك الذي يخطط للسياسة التربوية، أو يقرر بشأن
اعتمادها، ينسى أو يتناسى أنه خريج مدرسة وخريح قطاع التعليم، فيضع
القطاع في ذيل قائمة الاهتمام.. بل ويدافع جاهدا ضد القطاع، لصالح قطاعات
اخرى أقل شأنا بكثير منه.. ويتحجج في ذلك بالميزانية الضخمة، المخصصة
للتعليم التي هي طبيعية جدا، لأنها ضرورية لتحقيق غايات القطاع، وفي
مقدمتها تزويد القطاعات الأخرى بالكفاءات، من أطر وإداريين وفنيين وتقنيين،
ومهندسين واطباء ومحامين، ورجال دين وأعمال وإعلام وخدمات..... الخ
من حسن حظنا أن الوعي بدأ يظهر وإن باحتشام، في بعض الأمخاخ من
أهل الحل والعقد، والمدبرين والمخططين والمسيرين، وصرنا نجد فيهم من
يدافع عن القطاع، ويدعو الى ترقيته من جميع الجوانب، وفي مقدمتها الجانب
المادي، من حيث توفير الميزانية الكافية للتحديث والبحث ورفع الأجور..
لكن رغم ذلك لا يزال الطريق شاقا وطويلا، لبلوغ المستوى المطلوب وتحقيق
الأمن التربوي الحقيقي، القوي التام الشامل الجامع المانع.. وسيكون على
المجاهدين في هذا المجال أن ينشطوا على جبهة العمل، بمفهومه الواسع
من أجل ترشيد سياسات العمل، في اتجاه يخدم العمال في قطاع التربية..

العمل

لاتوجد استراتيجيات عمل واضحة، علمية عملية في كثير من بلداننا. وذلك
لأسباب كثيرة يتعلق بعضها بحداثة عهدنا بالاستقلال، ويتعلق بعضها بغياب
أو انعدام مشروع مجتمع يسير على هديه البلد، كما يتعلق بعضها الثالث
بنقص في التخطيط والكفاءة، أو انعدامهما في القطاع كما في غيرها..
وإذا أضفنا الى ذلك قلة التنسيق او انعدامه بين مختلف القطاعات من جهة،
وبين المصالح والمكاتب في القطاع الواحد، تبين لنا مقدار المعاناة والأزمة
التي تطوق قطاع العمل وتكبله الى التخلف، ومعه البلد بكل قطاعاته...
ومن بين أخطر تلك الأزمات وأكثرها تأثيرا في المردود والإنتاج، كون العامل
العربي لا يختار مهنته، بل تفرض عليه فرضا بشكل أو بآخر، ويصل الأمر بأن
تعين له المهنة وهو لا يزال جنينا في بطن أمه، من طرف أمه بالذات أو أبيه..
وما بالك بما يحصل بعد أن يولد ويتعلم، ويتخرج ويتكون ويطرق باب العمل....
والنتيجة من ذلك واحدة في كل الأحوال: العامل لا يحب مهنته، أو لا يستطيع
القيام بها كليا او جزئيا، لأنه لا يملك التأهيل الكافي، ليس العلمي فقط أو
الفني، بل ربما حتى التأهيل الجسدي أو النفسي أو الاجتماعي..
إذن فهو لن يؤدي عمله كما ينبغي، ولن يحقق ذاته فيه، وهو ما يجعله يدخل
في دوامة صراع بينه وبين نفسه.. صراع قد يخرج الى العلن، فيظهر في شكل
عداوة وخصام دائم بينه وبين صاحب العمل، أو بينه وبين المدير والموظفين،
أو بينه وبين زملائه في العمل.. أو يسقط معاناته على أهل بيته، أو جيرانه
أو اصدقائه ومعارفه.. وقد لا يظهر الصراع الى العلن، فتظهر بدله تصرفات
وسلوكات غريبة من العامل، كأن يتغيب كثيرا، أو لا يؤدي واجباته المهنية
كما ينبغي، أو يصاب بأمراض أو يتصنع المرض.. أو يحاول تأليب الرأي العام
وهو الأخطر، لتغيير الأوضاع بالتسيب والإهمال أو التخريب والفساد..
فعلى المدبرين في العالم العربي أن يعرفوا، ويتأكدوا أن ما يعيشونه حاليا
من تمرد على الأوضاع، سببه الأول سياساتهم التي يجبرون بها مواطنيهم
على مهن لا يحبونها، ولا يجدون أنفسهم ولا يحققون ذواتهم فيها، وأنهم
يدفعون بمواطنيهم دفعا الى تلك المهن، بآليات تربية وتعليم وتكوين وتدريب،
وتوظيف وادارة وتسيير، لا تخضع لأسس ومعايير عادلة علمية، عملية صحيحة
مقنعة.. بل تخضع للفوضى والظلم والبدائية والرداءة والمصالح الضيقة...

تمرد

عندما أتأمل في حياتي البائسة أصاب باليأس والإحباط.. ثم السخط والضجر..
ثم الغضب.. ثم تراودني فجأة رغبة جامحة في التمرد.. والانطلاق.. والتحرر..
لأفعل ما لم أفعله طول حياتي.. لأغتنم كل الفرص التي ضاعت مني.. لأحقق
كل ما حلمت به منذ طفولتي.. لأحلق في السماء بطموحاتي.. وأبلغ المنى
بكدي وإصراري.. وأحطم القيود والحواجز والحدود بعزمي ومثابرتي... وأسخر
كل طاقاتي لأجوب كل الآفاق، وأذلل كل الصعاب وأروض كل الخلق لرغبتي..
لكن عندما تأتي لحظة الحقيقة تراني انكمش على نفسي كالقنفذ.. فيتحول
الأسد إلى أرنب، والعزم الى قيد، والتمرد الى زبد.. وتتحول الرغبة والمنى
والأحلام والطموحات وكل شيء الى رماد... كل ذلك يحدث في لحظة.. ثانية
واحدة.. بينما كنت أحلم للحظات وساعات بل لأيام وشهور وسنوات...
كل شيء يتحطم في لحظة.. لحظة يصفعني فيها الواقع بالحقيقة الزائغة
المرة الدامغة.. حقيقة الفناء المتربص بنا في كل زاوية وطريق ومنعطف...

الفناء

لله در القائل، علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، حسب بعض الروايات: اِعْمَلْ
لِدُنْيَاكَ كَأنَّكَ تَعِيشُ أبَدًا، واعْمَلْ لآخِرَتِكَ كَأنَّكَ تَمُوتُ غَدًا.
حكمة تعلمتها في صغري وحفظتها، وحاولت العمل بها منذ ذلك الحين.. لقد
كانت لي ولا تزال بمثابة العزاء أو الزاد، أو الحل أو السلاح الوحيد.. لولاه ما
تحركت في حياتي قيد شبر أو أنملة..